" الكيان الموازي " يقض مضاجع تركيا

الحدث الثلاثاء ١٩/أبريل/٢٠١٦ ٠٥:٠٥ ص

اسطنبول – ش

أفادت تقارير إخبارية تركية بأن فرق مكافحة الجرائم المالية التابعة لمديرية أمن إسطنبول ضبطت امس الاثنين 88 شخصا، خلال حملة مداهمات شنتها ضد عناصر ما يسمى "الكيان الموازي" في تسع محافظات تركزت أغلبها في اسطنبول.
وبحسب وكالة أنباء "الأناضول" التركية للأنباء فإن المشتبهين أوقفوا بدعوى الانتماء لـ"منظمة إرهابية ومخالفة القوانين من أجل تأمين الدعم المادي للإرهاب".
ووفقا لمصادر أمنية، فقد شمل قرار التوقيف عددا من رجال الأعمال وقياديين في الكيان الموازي، إضافة إلى عدد من العاملين في بنك آسيا.
وكانت النيابة العامة أصدرت في وقت سابق قرارا بتوقيف 140 شخصا بتهمة تقديم دعم مادي بقيمة 50 مليون ليرة تركية (17 مليون دولار) للكيان الموازي، خلال الفترة من 2004 إلى .2015
وتصف السلطات التركية جماعة "فتح الله جولن"، المقيم في الولايات المتحدة منذ عام 1998 بـ "الكيان الموازي"، وتتهمه بالتغلغل والهيمنة على سلكي الشرطة والقضاء والوقوف وراء حملة الاعتقالات التي شهدتها تركيا في 17 و25 ديسمبر من عام 2013 بذريعة مكافحة الفساد وطالت أبناء وزراء ورجال أعمال ومسؤولين أتراك أخلي سبيلهم لاحقا بعد إصدار المحكمة المعنية قرارا بإسقاط تهم الفساد عنهم.
ياتي هذا بعد يومين من تنفيذ الأمن التركي الجمعة الفائتة حملة مداهمة واعتقالات واسعة شملت 11 ولاية، بحثاً عن الأفراد الذين ‹يجندهم› تنظيم ‹الكيان الموازي› لصالحه، وفق الإعلام الرسمي في البلاد.
بحسب مصادر إعلامية حكومية في تركيا، فإن العملية أسفرت عن اعتقال 25 شخصاً من بينهم عاملين في القطاع الحكومي وبمراكز مهمة في الدولة

مواجهة
من جانبه لفت رئيس هيئة الأركان التركي السابق، إلكير باش بوغ، إلى الدور الأساسي الذي لعبه الرئيس التركي رجب طيب أردوجان في الحرب على تنظيم الكيان الموازي (جماعة فتح الله غولن)، معتبراً أن أحداً سوى أردوجان لن يكون قادراً على مواجهة الكيان بهذه الفعالية.
وقال باش بوغ، في كلمة له خلال استضافته في جامعة أتاتورك في أرضروم، تضمنت تقييما للجهود التركية في الحرب على الكيان الموازي خلال العام الماضيين: "إن دعاوى إرغنينيكون وباليوز، كانت مؤامرات كبيرة تستهدف الدولة التركية والجيش التركي. ولا بد من الاعتراف بصراحة بأن أحداً لم يكن لينجح في خوض هذه المواجهة بهذا القدر من النجاح سوى الرئيس رجب طيب أردوغان".
وأضاف: "الكيان الموازي المتغلغل في شرايين الدولة، الذي أصبح وبالاً على تركيا، قد بدأ نشاطه في عام 2007 وقام بأولى محاولاته الانقلابية في عام 2011. ولو أنه نجح في محاولة انقلابه في أزمة 17-25 ديسمبر القضائية لكانت تركيا لأصبحت تركيا في زمن قصير محكومة من قبل خميني مثلها مثل إيران".

اتهامات
في مايو الفائت قال الرئيس التركى رجب طيب أردوجان إ ن "الكيان الموازي" له ما بين 160 إلى 170 مدرسة فى مناطق مختلفة بالولايات المتحدة الأمريكية، مشيرا إلى أن "واشنطن تدعم هذه المدارس بشكل خاص، وتتكفل بمصاريفها كاملة، وكأنها تدعم ذلك الكيان من خلال تلك المدارس". جاء ذلك فى التصريحات التى أدلى بها الرئيس التركي خلال مشاركته فى مقابلة تلفزيوينة مباشرة بثتها قناتان محليتان ، حسبما ذكرت وكالة الاناضول للانباء التركية.
و اشار اردوجان الى أن "السلطات الأمريكية خصصت قطعة أرض مساحتها 400 دونم للشخص الذى ترك تركيا هاربا إلى الولايات المتحدة فى العام 1999- فى إشارة إلى فتح الله جولن-". كما اشار الى العزم على استكمال عملية غلق مراكز الدروس الخصوصية التابعة للكيان الموازي، مضيفا "قمنا بإغلاق بعضها، ومستمرون فى غلق الباقي، فهذه المراكز كانت تدر ربحا بأرقام كبيرة لهم، ولعل إغلاقها سيزعجهم بشكل كبير"". ووصف الرئيس التركى الكيان الموازى بـ"التنظيم الإرهابي"، مضيفا "التنظيمات غير القانونية التى تهدد أمننا القومي، نوعان منها من يستخدم السلاح، ومنها غير ذلك". يذكر أن السلطات التركية تصف جماعة "فتح الله جولن" - المقيم فى ولاية بنسلفانيا الأمريكية منذ 1998 - بـ"الكيان الموازي"، وتتهمها بالتغلغل داخل سلكى القضاء والشرطة، كما تتهم عناصر تابعة لها باستغلال مناصبها، وقيامها بالتنصت غير المشروع على مسئولين حكوميين ومواطنين.

تهديد
في الشهر نفسه أكد أردوجان خلال خطاب له لافتتاح عدد من المشاريع الخدمية فى مدينة "كرك قلعة" بمنطقة وسط الأناضول عدم إمكانية إبعاده عن الميادين "مهما تقدموا بشكاوى لرئاسة الهيئة العليا للانتخابات". ونقل الموقع الإليكترونى لصحيفة حرييت التركية عن أردوجان قوله إن من صلاحيته "التحذير وتصحيح الأخطاء، حيث انتهت العهود الماضية ودخلت تركيا مرحلة جديدة". ووجه أردوغان فى كلمته أمام حشد جماهيرى كبير انتقادات لاذعة لما أسماه ب "الكيان الموازي" وأحزاب المعارضة، زاعما أن الأحزاب تعمل لصالح "الكيان الموازي"، فى إشارة إلى حركة الخدمة بزعامة الداعية الإسلامى فتح الله جولن، وليس من أجل البلاد وخدمة الشعب استعدادا للانتخابات العامة القادمة المقرر لها 7 يونيو القادم. وأضاف أردوجان أن بعض هذه الأحزاب تعهد بإلغاء هيئة الشؤون الدينية، فى إشارة لتصريحات الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطية الكردى صلاح الدين دميرطاش، كما أعلن حزب معارض، فى إشارة لحزب الشعب الجمهوري، عن إغلاق مدارس الأئمة والخطباء، لافتا إلى أن "هؤلاء لا علاقة لهم بالدين ولا بالتدين"، بحسب زعمه.
وكان حزب الشعوب الديمقراطية الكردى وحزب الشعب الجمهورى الكمالى قد تقدما بشكوى ضد أردوجان لرئاسة هيئة الانتخابات العليا، إضافة لمؤسسة الرقابة على الإذاعة والتليفزيون وخاصة بعد قيام هيئة الإذاعة والتليفزيون التركية (تي.آر.تي) الرسمية بنقل 12 خطابا لرئيس الجمهورية أردوجان على الهواء دون انقطاع وهذه الخطابات انحاز فيها الرئيس لصالح حزبه الحاكم مقابل نقل مقتطفات من خطابات رؤساء أحزاب المعارضة. وتضمنت الشكوى وقائع مشاركة رئيس الجمهورية فعليا فى الحملة الانتخابية ودفاعه عن حزبه، فضلا عن انتقاداته وتهجمه اللاذع على أحزاب المعارضة ومطالبته بشكل علنى منح الناخبين أصواتهم لحزبه الحاكم، وهو ما يمثل انتهاكا واضحا للمادتين الدستوريتين 103 و104 وخلافا لأحكام قانون الانتخابات رقم 298 رغم أن رئيس الجمهورية أدى اليمين الدستورية فى ضوء هذه المواد والقوانينو. وأكدت عريضة الشكوى أن رئيس الجمهورية أردوغان فقد حياديته ويتحيز بشكل واضح لحزبه فى خطاباته تحت غطاء افتتاح مشروعات "خيالية" فى بعض المدن التركية، ورفع خلال هذه الخطابات نسخة من القرآن الكريم مستغلا الدين وخداع المواطنين باسم الدين من أجل حماية مصلحة حزبه. من جانبه قال فكرى صاغلار، مرشح حزب الشعب الجمهورى المعارض عن مدينة ميرسين بجنوبى تركيا،أن الرئيس التركى يستغل الدين لمصلحته ومصالح حزبه السياسية.
تنظيم " سري "
الكيان الموازي هو وصف أطلقه مسؤولو الحكومة التركية على تنظيم سري يقولون أنه يسعى إلى تقويض الحكومة، وتتهم الحكومة جماعة فتح الله غولن الدينية بالوقوف وراء التنظيم.
هذا التنظيم المفترض يضم أعضاءً متنفذين في السلكين القضائي والأمني.
في 17 ديسمبر 2013، بدأت تحقيقات ضد وزراء في الحكومة التركية وأبنائهم حول نشاطاتهم المالية، تتهم الحكومة التركية جماعة غولن بالوقوف وراء هذه التحقيقات.
بدأت النيابة التركية تحقيقها في نشاطات التنظيم الموازي موجهة الاتهام بالتجسس والتصنت غير القانوني لأعضاء في الشرطة، استهدفت عمليات التنصت رجب طيب أردوجان و أحمد داود أوغلو ووزراء آخرين كما طالت أيضًا مدير المخابرات التركية حقان فيدان ونائب رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض للحكومة التركية.
أحد المتهمين، عمر كوسه، وهو المدير السابق لشعبة مكافحة الإرهاب بمديرية أمن إسطنبول، قال في تصريح صحفي: ""لو كنا فعلنا ذلك، فنحن فعلناه من أجل الوطن. فنحن لم نفعل شيئا غير قانوني".
أحد المشتبه بهم خليل كاراكوزولو وهو مدير أمن سابق، قال أن أجهزة الأمن أحبطت محاولة جادة لاغتيال رئيس الوزراء كانت ستنفذ في عرس ابنه، وتحدث عن محاولة اغتيال أخرى أفشلتها القوات الأمنية.
أشار نائب رئيس الوزراء بولند أرينج إلى جماعة غولن دون أن يسميها حيث قال:
«إن بعض الأشخاص ضمن مجموعة كانت لسنوات متداخلة مع حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، واستفادت منه بشكل كبير، قاموا بتحرك مناهض للحكومة، وتورطوا في عملية، عبر عنها الرئيس ، رجب طيب أردوجان، بأنها "محاولة انقلابية"، حيث حاولوا استغلال القانون للإجهاز على الحكومة، إلا أن مخططهم فُضح، واتخذت التدابير اللازمة، فباءت عمليات (17)، و(25) كانون الأول/ديسمبر (2013) بالفشل.