مسقط - الشبيبة
كشفت جلسة المقهى العلمي لشهر يناير الذي ينظمه (موارد) عن فرص اقتصادية متنوعة في الأبل عبر تحويل منافعها المختلفة إلى موارد مستدامة ذات قيمة اقتصادية مضافة لفئات المجتمع المختلفة، كما سلطت الجلسة الضوء على أهمية العناية بالأبل كإرث حضاري متأصل حافظ عليه العمانيون منذ القدم من خلال العناية الشاملة لنظامها الغذائي والرعاية الصحية المتكاملة لها، والاستفادة من منتجاتها الطبيعية المختلفة، وبدأت جلسة المقهى التي أقيمت افتراضيا عبر برامج التواصل الاجتماعي المرئية للوصول إلى أكبر عدد ممكن من المهتمين والمتابعين، بعرض فيلم تدشين الهوية الجديدة لمركز عمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية تحت عنوان (موارد)، والتي أعلن عنها مؤخرا ضمن برنامج الملتقى السنوي للباحثين لعام 2020م.
ثم استعرض الدكتور المعتصم المعمري في بداية الجلسة الحديث عن الأبل وأهميتها ضمن مسار الاستثمار في الموارد الوراثية الحيوانية، وما يمكن أن تقدمه من فرص واعدة للاستفادة منها في رفد الاقتصاد بالسلطنة، وتحدث الدكتور سامر البلوشي ــــــ اختصاصي أول طب بيطري بالمديرية العامة للخدمات البيطرية بشؤون البلاط السلطاني ـــــــ عن الأبل كثروة وطنية مهمة منذ القديم، وذلك نظرا لما يمكن أن تقدمه من فرص في مجال الألبان واللحوم وغيرها مثل الوبر الذي يغطى الجسم والذي يستخدم في بعض الصناعات اليدوية كالسجاد، كما نوه الدكتور سامر على أن الأبل هي أقل الحيوانات ضررا على البيئة مقارنة بباقي الأنواع الحيوانية، ثم تطرق إلى منافع الأبل المختلفة، حيث أوضح أن الحديث عن حليب الأبل لا ينقطع، حيث بدأ إنتاج الحليب أولا من خلال مُلاك الأبل ولكن كان غير مبستر في البداية ثم تم ادخال البسترة على الحليب، كما دخل الحليب في مواد التجميل لاحقا، وكذلك في صناعة الروب والآيس كريم، ثم تطرق إلى صناعة الحليب حيث قام بعض المستثمرين من بعض الدول بتـحويله على شكل بودرة بعد التجفيف، وتصديره إلى كل دول العالم، وأضاف الدكتور سامر إلى أن استخدامات منتجات الأبل دخلت في المجالات الطبية، فقد تم تنفيذ العديد من الأبحاث حول الحليب نفسه، وخلُصت النتائج بأن الحليب يتميز بخواص صحية متعددة، كما يحتوي حليب الأبل على كمية من فيتامين سي تعادل ثلاثة أضعاف الكمية الموجودة في حليب الأبقار، كما أن فيتامين (أ ، ب3) مرتفع أكثر فيه مقارنة بحليب الحيوانات الأخرى، علاوة على أن حليب الأبل مناسب لبعض الناس الذي يتأثرون صحيا لدى تناوله نظرا لأن عنصر اللاكتوز غير موجود فيه كذلك أن بعض البروتينات والأنزيمات يمكن استخلاصها ويمكن إدخالها في الأدوية لكونها تنشط إنتاج الكولاجين في البشرة، وكلها من مواد طبيعية في حليب الأبل، مؤكدا أن إقبال الناس على شرب الحليب شيء صحي، ولكن لا توجد عندهم ثقافة كبيرة حوله، ولكن بعض الناس القريبين من هذا المجال هم من المرضى الذي يتواصفون به لأغراض علاجية في أمراض جسدية مختلفة، وبعض الناس لديهم فكرة أن شرب حليب الأبل قد يسبب الاسهال وهو غير صحيح نسبيا، حيث أن حليب الأبل يؤثر بشكل متفاوت على المعدة حسب نسبة البكتيريا الضارة والنافعة الموجودة في البطن والتي يمكن أن تسبب الإمساك أو الاسهال، ويواصل الحديث بالقول عن كيفية تجنب مرض البروسيلا، والذي هو مرض بكتيري ينتقل عن طريق التلقيح التناسلي والسوائل المشتركة، وأفضل طريقة للوقاية هي الفحص الدوري للناقة قبل التلقيح وفرز النوق المصابة خوفا من العدوى، أما مرض التسمم المعوي فتوجد تحصينات سنوية مجانية لهذا المرض تقدمها وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه مع أهمية اتباع طرق الوقاية.
من جانبه أوضح الفاضل سليمان العامري ــــــــ أحد منتجي حليب الأبل ــــــــ أن تجربته في إنشاء وحدة صغيرة لتعبئة حليب الأبل وتوزيعه في صورة طازجة بدأت كمنتج تطوعي لمساعدة الناس بشكل عام والمرضى خاصة، ثم تقدم في العمل وتوسع فيه وكانت الاستفادة كثيرة من حليب الأبل، حيث أشار إلى أن العمل في مجال حليب الأبل هو اهتمام عائلي موروث منذ الصغر، وعن جوانب الاختلاف بين الأبل على المستوى الإقليمي، فيقول: إنه تم اجراء الكثير من الأبحاث للتوصيف المظهري والانتاجي للإبل في السلطنة حيث أن بعض النوق تنتج على سبيل المثال 3 لتر حليب في اليوم وبعضها تنتج 20 لتر حليب في اليوم، وفي محافظة ظفار تنتج بعضها أكثر من 20 لتر في اليوم الواحد، وبعض السلالات لها طبيعة مختلفة مثلا في السباقات، ولا توجد مقارنة مباشرة بين أنواع اللحوم المنتجة من الأبل مقارنة باللحوم الأخرى بسبب ضعف الاستثمار في لحوم الأبل. وفي الوقت الحالي يوجد إقبال كبير على تربية الأبل والأبل فيها من الخيرات والبركات الكثير، ونستشهد بالقران الكريم بقوله تعالى: (أفلا ينظرون إلى الأبل كيف خلقت)، وحليب الأبل يسمى الذهب الأبيض لدى بعض الناس الذين يأتون إلينا للبحث عن الحليب النقي الذي يمكن أن يساعد على الشفاء من بعض الأمراض، فالحليب له قدرة خاصة خلال مرحلة الحلب ففي أول ثلاثة أشهر له طعم السكر، وبعد ذلك ينقص إلى أن يصل إلى الملوحة المعتادة في الحليب بشكل عام بالتدريج وذلك لأن صغير الأبل أو الحاشي يحتاج الى الطاقة في بداية ولادته ثم يبتعد عنه، ثم يحتاج الى الأملاح طوال فترة رضاعته حتى الفطام، وأضاف الفاضل سليمان: أن الأماكن حاليا غير متوفرة لتربية الأبل، نظرا لقلة المرعى والتي تحتاج إلى مشي الأبل إلى مسافات كبيرة وهي من التحديات التي تواجه ملاك الأبل، والتسهيلات موجودة لكن الناس تحتاج الى التوعية، والأبل العمانية متميزة عن باقي الدول الأخرى فيما يخص نوعية وخواص اللحم والجمال والسباق، والناقة العمانية بأمانة هي الأفضل حسب نظرتي وخبرتي.
وعن الفوائد والمنافع العلاجية لحليب الأبل، يتحدث الدكتور سامر البلوشي بالقول: بدأت بعض المواد الموجودة في حليب الأبل تستخدم في العلاجات وبدأ اعطاؤها على ضوء موافقات من المنظمات العالمية وما تزال الأبحاث جارية حيث بدأت بعض الجامعات العالمية تركز على حليب الأبل ولحمه لكونه منتج غني بمنافع كثيرة، وفي عام 2018م تم إعطاء صلاحية إنتاج حليب الأطفال من حليب الأبل في بعض الدول، وبدأ التوزيع وحاليا موجود في السوق، وحليب الأبل يحتوي على نسبة عالية من الأنسولين، والذي ينتظم في شرب الحليب بنسبة 500 ملم لمدة 6 أشهر فإنه يحصل على الاستفادة الصحية الكبيرة وخاصة لمرضى السكري الى جانب العلاج الطبي المعتاد والحرص على المشي وغيرها بالإضافة الى احتواء اللحم على نسبة من الكوليسترول أقل من لحوم الحيوانات الأخرى، كما أن الدهون في الأبل هي دهون غير مشبعة، ففي الأبقار تكون هذه الدهون مشبعة بشكل كبير، والدهون غير المشبعة تخفض الكوليسترول بنسبة كبيرة، ويضم حليب الأبل العديد من مضادات الاكسدة والبروتينات، فإننا نتطلع من الشركات المحلية البدء في تجميع حليب الأبل من المربيين والاستفادة منها، وتطرق الدكتور سامر البلوشي إلى استخدامات الوبر الذي يغطي جسم الأبل في صناعة السجاد، حيث ذكر بالقول إن استراليا بدأت بصنع مختلف المنتجات كالحقائب والملابس والسجاد من الوبر، كون أن الطلب على اللحوم قليل في استراليا ولكن تم تصدير اللحوم للدول الخليجية والمنتجات غير المصدرة مثل الوبر يتم استغلالها داخليا، وكذلك محال قطاع صناعة الحلويات يمكن أن تستفيد من حليب الأبل وحتى في السلطنة هناك مقاهي بدأت تقدم فقط القهوة من حليب الأبل والحلويات من حليب الأبل، وملاكها عمانيون وهو شيء نفخر به.