بقلم : محمد الرواس
«بلدة صغيرة من نواحي عُمان على ساحل بحرة في وادي بين جبلين شربهم من أعين عذبة جارية « ياقوت الحموي في معجم البلدان وهو يصف بلدة كمزار .
دوَّنت هذه المقالة وأنا في طريق عودتي من مسندم قبل عدة سنوات ، دوَّنتها وأنا اغادر محافظة الجَمَال الفتان التي تسلب الألباب ، نعم لقد غادرت جوهرة من جواهر سلطنتنا الحبيبة ، بل الجوهرة الأولى في رأس تضاريس عُمان الشامخة ، ومحافظة مسندم تحتضن بكل فخر واعتزاز أمجاد عز بقلاعها مثل «حصن البلاد» بولاية بخا الذي يطل على الشاطي مباشرة ، فسحر وجَمَال مسندم قاطبة يكمن في تفاصيها ، فجَمَالها ياسرك سواء برؤية جبالها ، أو بمشاهدة نوادر شواطئها التي حباها الله بها ، ومن أهم الجزر بولاية “خصب”: جزيرة الغنم و جزيرة سلامة وبناتها ، وجزيرة « تلغراف « ولكل واحدة من هذه الجزر وغيرها حكاية ، فمسندم الجميلة تحتوى على أربع ولايات درر: خصب ، مدحاء ، بخاء ، ودباء ، وفيهن ملاَّذ وماوى لمن اراد السكون والطُمأنية والراحة والطبيعة البكر، ويبحث عن مشاعر الأنس ، هذا بجانب التضاريس الساحرة ، وكرم اهلها وابتساماتهم السمحة ، قضيت عدة ايام في خصب الجميلة بتربتها الخصبة وساحلها وميناءها ومشاهدة « الجامع الغربي « كذلك مشاهدة مسجدي “السوق والكمازرة ، بجانب المناظر الخلابة ، ومسالكها وطرقاتها الفريدة ، بين جبالها الشاهقة التي تخبرك عن قوة وصلابة اهلها ، وبمسندم عامة تتناغم معاني الجَمَال مع بحار فيروزية وشواطي فاتنة ، ستشاهد كل ذلك واكثر عندما تسنح لك الفرصة لزيارتها، انها مسندم رواية من رويات الجَمَال وحكاية من حكايات الف ليلة وليلة ، زيارة واحدة لمسندم لا تكفي ، والتقاطك لصور الطبيعة حولك لا يمكن لآلة تصوير واحدة ان تحتويها ، فأنت في ملاّذ خلاب يجمع بين الجبل والبحر والشاطي والهضاب ، سيدهشك كل ذلك وغيره ، حيث الرحلات البحرية ، والطرق الجبلية والناس الطيبون الكرماء .
عندما تطوف بمزارات مسندم فستتعدد أمامك المشاهد، ما بين «بيت القفل» بابداعاته المعمارية وتكوينات بناءه من صلب الطبيعة ومكوناتها ، وبين «قرية كمزار» وليما ، و»جبل حريم» حيث المشاهد الجيلوجيه النادرة في هذا العلو ، ومنها ستنتقل الي «رأس الاسد» حيث التشكيلات الصخرية تبدو كانها فك اسد مفتوح، واذا اردت العودة الي الطبيعة البكر الملهمة للابداع فهي قرى في خور «شم» بخصب التي تصل اليها فقط عن طريق البحر، و مورد اهلها الصيد فقط، وللمعالم الاثرية بمسندم حظوة عند الحديث عن تاريخها منها « قلعة السيبة « في ولاية دباء وقريباً منها عين ماء تسمى «هياج البحر» وبقرب الشواطي الخلجان النادرة مثل « خور معلى « ولن يفوتك حينها مشاهدة الكهوف ، فاستمتع فأنت بمحافظة يمتزج فيها التراث والجَمَال والمهابة وخير شاهد على ذلك خور « نجد « بولاية خصب الذي يعتبر كنز من كنوز الطبيعة البحرية ، وحتى تكتمل الصورة لديك شاهد «وادي الروضة» ففي فصل الربيع والامطار تنهمل على الهضبة تنبت الأعشاب والحشائش وتكثر اشجار السدر التي يستظل بها الزوار عادة عندما ياتون للتخييم والاستراحة ، والزيارة لهذا المكان البديع ، حيث أن كل بقعة بمحافظة مسندم تعلن عن نفسها على انها أجمل من الأخرى ، وما عليك الا أن تغتنم الفرصة حتى تحكم بنفسك .
كنت استغرب كثيراً من مفردات وكلمات مضيفـــــي عندمــــــا يتحدث مع اصدقائــــــــه باللغة «الكمزارية» النادرة التي يتكلمهـــــــا بعــــــض اهالي المحافظة، والتي هي عبارة عن خليــــــط من عدة لغات ولهجات ولقد حاولت اقتنـــــــــاص بعض مفرداتها لكن دون جدوى ، ففضلت ان اكتب بعض معانيها بمدوني الصغيرة وختاماً اقول لكم بالكمزارية ( الله حافظ شمكي) مع رسالة محبة لأهل مسندم الكرام.