مسقط - الشبيبة
عقد صباح اليوم ـ الاثنين ـ الندوة الافتراضية حول "التراث الثقافي المغمور بالمياه، الواقع والتطلعات"، والتي نظمتها اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم بالتنسيق مع مكتب اليونسكو الإقليمي بالدوحة، واستهدفت ممثلي الجهات الوطنية المعنية بالتراث، والمهتمين بهذا القطاع، وهدفت إلى التعريف بالتراث الثقافي المغمور بالمياه، وباتفاقية اليونسكو لصون هذا التراث والتي انضمت السلطنة إليها عام 2019م، وإبراز جهود السلطنة في صونه، وكذلك الاطلاع على التجارب الإقليمية في مجال صون التراث الثقافي المغمور بالمياه، وتتضمن الندوة العديد من أوراق العمل العلمية.
الجلسة الافتتاحية
رعى افتتاح الندوة سعادة المهندس إبراهيم بن سعيد الخروصي ـ وكيل وزارة التراث والسياحة للتراث، حيث ألقى كلمة قال فيها "يتعرض التراث الثقافي المغمور بالمياه للعديد من التحديات والتعديات ومن أعظمها الاستغلال التجاري غير المرخص والبحث عن القطع الأثرية المغمورة بالمياه وانتشالها، لذلك فإن التعريف بأهمية التراث الثقافي المغمور بالمياه والحفاظ عليه يُعد مسؤولية إنسانية يعود نفعها على الأمه بأسرها ووطنية تقع على عاتق الجميع".
وأضاف قائلا" وتجسيدا لأهمية هذا التراث الثقافي المهم فقد أولى مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق، حفظه الله، اهتماما بالغا وإشرافا مباشرا تتوج بإفراد فقرة خاصة عن التراث الثقافي في النظام الأساسي للدولة والذي صدر بمرسوم سلطاني سامي رقم 6/2021م حيث جاء في الفصل الرابع المبادئ الثقافية في المادة 16:
"تلتزم الدولة بحمايه تراثها الوطني المادي وغير المادي والمحافظة عليه، كما تلتزم بصيانة تراثها المادي وترميمه، واسترداد ما استولي عليه منه، والاعتداء عليه والاتجار فيه جريمة على النحو الذي يبينه القانون".
واختتم كلمته بذكر جهود وزارة التراث والسياحة في الحفاظ على هذا النوع من التراث قائلا "أولت وأفردت الوزارة دائرة تعنى بالآثار المغمورة بالمياه لأداء مهامها الحيوية في تعزيز واستكمال وتوسيع نطاق المعرفة والفهم والتوثيق للتراث الثقافي المغمور بالمياه والمحافظة على الآثار الغارقة ويتمثل هذا الاهتمام بمواصلة البحث الدؤوب والتوثيق المستمر لمواقع التراث الثقافي في المياه الإقليمية وذلك من خلال تنفيذ مسوحات بحرية في مواقع مختلفة من سواحل السلطنة".
كلمة اللجنة
ثم ألقت آمنة بنت سالم البلوشية أمينة اللجنة الوطنية العُمانية كلمة اللجنة قالت فيها: "..لم تأل منظمة اليونسكو جهدا في التوعية بأهمية صون التراث الثقافي للبشرية بكافة أنواعه المادي وغير المادي والوثائقي والمغمور بالمياه. وبما أن التراث الثقافي المغمور بالمياه جزءٌ لا يتجزأ من التراث الثقافي للبشرية؛ فإن مسؤولية الاضطلاع بحمايته وصونه والحفاظ على استدامته تقع على عاتق الجميع، لذلك فقد تنامى الاهتمام الرسمي والشعبي والفردي بهذا النوع من التراث، وصاحبه ارتفاع في الوعي العام بقيمته الاستثنائية العالمية، وتم تسخير كافة أدوات البحث العلمي والتكنولوجيا المتقدمة لاكتشافه وتسهيل الوصول إليه، كما سعت الدول إلى إدماجه في الخطط الوطنية، بالإضافة إلى توظيفه في المناهج الدراسية واستثماره للمناشط الثقافية والترفيهية".
ورقة عمل رئيسة
اشتملت الجلسة الافتتاحية على ورقة عمل رئيسة قدمها الدكتور حميد بن سيف النوفلي مدير دائرة قطاع الثقافة باللجنة الوطنية حول "التعريف باتفاقية التراث الثقافي المغمور بالمياه"، استعرض فيها علاقة السلطنة مع اتفاقيات اليونسكو في مجال التراث الثقافي المختلفة ـ التراث المادي، غير المادي، الوثائقي، المغمور بالمياه ـ وعددها سبع اتفاقيات، آخرها هذه الاتفاقية، كما عرّف بالتراث المغمور بالمياه، أشكاله، مواقعه، وأهمية العناية به، وأبرز المهددات التي تحيط به. كما تطرق إلى المكاسب التي تحصل عليها الدول عند انضمامها لهذه الاتفاقية.
الجلسة الأولى
تضمنت الندوة جلستي عمل، ترأس الأولى الدكتور محمود بن عبدالله العبري مساعد أمينة اللجنة، اشتملت على ثلاث أوراق عمل، كانت الأولى حول "جهود سلطنة عمان في صون التراث الثقافي المغمور بالمياه، أسردها عبدالله بن نغموش البوسعيدي مدير دائرة التراث الثقافي المغمور بالمياه بوزارة التراث والسياحة تناول الهدف من إنشاء الدائرة وأقسامها، وأهم المشاريع التي نفذتها خلال الفترة الماضية والحالية، والتحديات التي تواجهها الدائرة في سبيل أداء مهامها.
أما ورقة العمل الثانية حول "اتجاهات الاستفادة من التراث الثقافي المغمور بالمياه في السلطنة" قدمها الدكتور حمد بن محمد المحرزي من جامعة السلطان قابوس محورت حول تفعيل دور التر اث الثقافي المغمور بالمیاه في تعزیز الروابط الثقافیة الدولية، وآلية تفعيله في مناهج التعليم النظامي والحر، وفي صناعة السياحة.
وحملت الورقة الثالثة عنوان "تفسير علم الآثار المغمورة بالمياه " من تقديم الدكتور يعقوب بن سالم الحارثي من جامعة السلطان قابوس
الجلسة الثانية
فيما ترأس يونس بن جميّل النعماني رئيس قسم الثقافة باللجنة الوطنية جلسة العمل الثانية، تم خلالها استعراض تجارب عدد من الدول العربية في مجال صون هذا التراث، حيث استعرض الدكتور عماد خليل تجربة جمهورية مصر العربية من خلال استخدام التقنيات الحديثة لعرض محتويات تلك المواقع افتراضيا.
واستعرضت الدكتورة وفاء سليمان "واقع وآفاق التراث المغمور بالمياه" في الجمهورية التونسية. واختتم الجلسة الدكتور عز الدين كرا من المملكة المغربية مستعرضا إضاءات حول التجربة المغربية.
وتؤكد منظمة اليونسكو بأن التراث الثقافي المغمور بالمياه جزءٌ لا يتجزأ من مفردات التراث الثقافي الإنساني، وعنصرٌ هامٌ في رسم ملامح التاريخ والعلاقات بين الشعوب والأمم. ويواجه هذا النوع من التراث مجموعة من التهديدات قد تعرضه للخطر وللاندثار، وتُعقد عمليات حفظه، كاستغلاله بشكل تجاري جرّاء بعض الأعمال غير المسؤولة التي تشهدها الطرق المائية في العالم؛ مما قد يحرم الإنسانية من هذا التراث المذهل الذي غالباً ما يجهل الناس أمره. وقد اعتمدت المنظمة اتفاقية "حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه" عام 2001م، لتؤطر المبادئ الأخلاقية لعملية حماية التراث المغمور بالمياه، والتعاون بين الدول، فضلاً عن القواعد المنهجية المتعلقة به لمعالجة وإجراء البحوث بشأنه.