علي بن راشد المطاعني
وقعت وزارة العمل إتفاقية مع جمعية أوبال النفطية لتوطين مدراء محطات الوقود في ولايات السلطنة في خطوة ستوفر 650 فرصة عمل، وفي ذات الوقت تطرح نقطة جوهرية إزاء مسؤوليات الجهات الحكومية في إنجاح توطين الوظائف ذات العلاقة بها في المرحلة المقبلة، وهو التعاون المفترض بينها وبين وزارة العمل بإعتبارها جزءا لا يتجزأ من منظومة الحكومة التي يجب أن تبادر من تلقاء ذاتها وقبل غيرها لتوطين الوظائف لديها أو لدى المتعاملين معها، وبإعتبار أن ملف التوظيف والتوطين أو التعمين أيا كانت مسمياته يُعد من أهم الملفات التي تحتاج إلى حلولا جذرية، وبالتالي فإن مسؤوليات الأجهزة الإدارية للدولة يعد أهم من غيرها ومسؤولياتها في توفير فرص عمل أو الإسهام به مثل مسؤوليات وزارة العمل التي عليها أعباء كبيرة بعد دمج كل قطاعات التوظيف في الدولة تحت مظلتها، على ذلك نتطلع أن نرى مبادرات من الجهات الحكومية قبل غيرها، ولتبدي تعاونا صادقا يسد كل الثغرات إلى تتسلل عبرها محاولات الألتفاف على ملف التعمين في القطاعين العام والخاص.
بلاشك أن جمعية أوبال قدمت نموذجا طيبا يعكس مسؤوليتها كأحد مؤسسات المجتمع المدني التي تساهم بفاعليه في جهود التعمين ولها مبادرات سابقة في مجال النفط والغاز أفلحت عبرها في توطين الكثير من الوظائف، وهو ما يفرض على أجهزة الدولة مبادرات مماثلة ومقترحات جدية وأفكار خلاقة كل وفق إختصاصة، إذ لابد من أن تتكاتف كل الجهود وبروح الفريق الواحد للمضي قدما لتحقيق تلك الآمال والتطلعات المشروعة.
واقعيا فإن التجارب الميدانية لوزارة العمل في السنوات الفائتة تشكو من ضعف التعاون بينها وأجهزة الدولة المختلفة، أكثر من ضعفها بينها وبين القطاع الخاص، وكذلك من عدم الرد على رسائلها ذات العلاقة، لذلك فإن هذا الملف يراوح مكانه، وبدون أن يكون هناك تقييم مستمر لمدى تعاون الجهات الحكومية معها أو أيضاح من تلك الجهات لدورها وجهودها في هذا الصدد، فهذا المساعي لن يكتب لها النجاح مالم تتضافر جهود الجميع بنحو تام.
وعلى سبيل المثال وزارة الصحة هي من يتعين أن تبادر بتقديم أطروحاتها بشأن الوظائف الطبية القابلة للتعمين لديها، وكذلك إدارة التعمين في القطاع الصحي الخاص، وفي المجالات التعليمية فإن المسؤولية ملقاة بالطبع على كاهل وزارة التربية والتعليم وكذلك التعليم العالي بالنسبة للجامعات والكليات، والإسكان والجهات الأخرى بالنسبة للمجالات الهندسية والمهن العقارية، وهناك الكثير من جهات العمل لها إرتباطات لدى الجهات الحكومية سواء فرص عمل مباشرة أو غير مباشرة يمكن أن تفرض عليها تشغيل المواطنين كنوع من التحفيز لضمان إستمرارها في التعاون مع الجهات الحكومية.
واقعيا فإن الكثير من الجهات الحكومية تسمح أو تغض الطرف عن محاولات الألتفاف على جهود الإحلال، كأن تسمح للآخرين بالعمل ببطاقات عمل غير مطابقة للمهن أو الوظائف التي يقومون بها واقعيا، فعلى سبيل المثال فني كمبيوتر تجد مهنته في بطاقة العمل عامل نظافة، وعلى ذلك يغيب التنسيق وتذهب جهودنا في هذا المجال أدراج الرياح.
بالطبع هناك جهات تبدي تعاونا محدودا كذر الرماد في العيون، ذلك يعني أن الجهات المختصة ستتحمل كل الأعباء الناتجة عن ذلك، وهي بذلك تقع بين مطرقة واجبها وسندان تقصير الأخرين، وهي عينها التحديات الأكثر صعوبة.
نأمل أن تحذو الجهات الحكومية حــــــــذو جمعية أوبال للخدمات النفطية، وأن تبدأ بطرح أفكار ومبادرات تسهم في إحلال أبناءنا وتخفف الضغط على الجهات المختصة التي تنؤ بحمل هذا الملف الأثقل على الإطلاق بطول البلاد وعرضها.