درب تضيئه النجوم المشرقة

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١١/يناير/٢٠٢١ ٠٨:٣٣ ص
درب تضيئه النجوم المشرقة

محمد بن علي البلوشي

لم يكن الدرب مفروشا بالورود حينما تسلم السلطان قابوس بن سعيد-طيب الله ثراه - مقاليد الحكم في البلاد..بل كانت الدروب تشتعل بالنيران والفقر والإحباط واليأس..فكانت العناوين على عمان لاتدل على أمل بارق أو فجر مشرق بل إن الكثيرين رأوا ان السلطان الجديد سيحارب طواحين الهواء.كان كل شيء مغلقا..العقل والأرض فظل العمانيون مهاجرين خارج بلادهم بحثا عن العيش والحياة وكان الداخل يائسا من الحياة وكانت البنادق تواجه أي امل يدب على عمان من جديد..ورسم الكثيرون صورة قاتمة منذ البدايات عندما تولى السلطان قابوس مقاليد الحكم.لكن ليس كل مانراه قد يكون حقيقيا فالسلطان الجديد حينها-قابوس بن سعيد- كان عازما على شيء واحد.إعادة عمان من جديد إلى واجهة القرن العشرين متسلحا بالعزم والإرادة وبتفاؤل أبناء الشعب.فهبت يومها رياح التغيير وعندما بدأت ملامح التغيير تلوح في الأفق بعد عامين كان الجميع يدرك ان السلطان الجديد يسير على الطريق الصحيح فسيكون له ماحلم به..بعد سنتين من العام 1972 مرورا بعد 1975 ونهاية الإنقسام وتوحد البلاد تحت راية السلطان قابوس اكمل العمانيون خمسين عاما لتتحول عمان إلى قصة ملحمية..هي قصة بناء عمان من الصفر.ولربما كانت عمان يومها اخر دولة تلج إلى القرن العشرين في الشرق الأوسط وبالنظر إلى دول الجوار والمنطقة فإن السلطنة كانت أخر دولة تفتتح بها اول جامعة حكومية إن لم يكن على مستوى الشرق الأوسط بأكمله فعلى مستوى العالم العربي..يالها من قصة صعبة التصديق حينما نتحدث عن تلك الحقبة التي كانت عليها عمان يوم تولى السلطان قابوس الحكم. تغير مجرى التاريخ.. الصروح والبناء على الأرض خير شاهد. ثم كانت عمان اليوم.

وسنعيش عهدا متجددا مع السلطان هيثم بن طارق المعظم الذي أعلن أهل عمان مبايعتهم له مستبشرين بوصية السلطان الراحل..لكن جلالة السلطان وفي بداية تسلمه مقاليد الحكم سيواجه معضلات خارجة عن الإرادة كما واجه جلالة السلطان الراحل الصعوبات لدى بداية تسلمه مقاليد الحكم..لايوجد وجه للمقارنة بين فترتين بطبيعة الحال إلا أن لكل حقبة ظروفها وتفاصيلها.فيتولى جلالة السلطان هيثم مقاليد الحكم والبلاد ترزح تحت وطأة إقتصادية غير مسبوقة أولها المديونية وتآكل الاحتياطيات وانخفاض أسعار النفط مع ترهل في الجهاز الإداري للدولة الذي يلتهم الإيرادات المالية.واجتاح فيروس كوفيد-19 العالم بمن فيه السلطنة ليجهز على أي بوادر إنفراج وإنتعاش اقتصادي والإنعكاسات التي خلفها على البلاد حتى بتنا نتلقى ضربات أسعار النفط المتراجعة وإغلاق الاقتصاد وتأثره بتداعيات كورونا.

ومع ذلك فمنذ اليوم الأول لتوليه مقاليد الحكم تولى جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم إعادة صياغة طريق الاقتصاد الوطني والجهاز الإداري للدولة بما يتسق مع رؤية عمان 2040 وهي السبيل الوحيد لإعادة إطلاق محركات الاقتصاد العماني نحو الإنتاج بدلا من الإتكال على مفاجآت أسعار النفط.

كما اختار جلالة السلطان فريقه الحكومي وفق عنصر الكفاءة والإقتدار وحينما وثقت عمان واستبشرت بوصية جلالة السلطان الراحل فإنها مستبشرة بالخير بكل الخطوات التي يخطوها السلطان المعظم لأنها لاتحمل إلا الخير لعمان وأهلها.

حتى اليوم تبدو بعض القرارات للبعض مؤلمة لكنها مهمة على الصعيد الوطني فالمصلحة العليا للبلاد تقتضي أن نتجاوز الحالة الشخصية إلى أفق المصلحة الوطنية التي في نهاية المطاف ترسو بالجميع إلى شواطئ الأمان.

لقد جاءت هذه المرحلة وعمان مكتملة الأركان بمؤسساتها وقوانينها..فالمؤسسات المدنية تدير الدولة وتعمل على تطبيق الإرادة السامية لعمان المستقبل والقانون الذي يحمي الجميع حيث يعمل كل فرد وفق قدراته والمهام المنوطة به كل في موقعه ومؤسسة عسكرية عصرية وحديثة تحمي منجزات الملحمة العمانية.

إن المخلصين لبلادهم ولقيادتهم هم الذين يشقون طريق النور وسط الظلام ويدحضون التشاؤم ..هم الذين يتجردون من غاياتهم الضيقة ليبقى مشروع عمان مستمرا بقوة مصانا ومحميا بسواعد الرجال الاوفياء.. فتاريخ عمان وتراثها الغني خطه الشجعان الذين لايلتفتون للصغائر ولايعرفون الوهن..فعمان وأهلها تميل للأفعال والأعمال أكثر عن الأقوال..فلامكان في هذه البلاد للشعارات والثرثرة والتأويل..بل إن عمان تنبثق من جديد.في معركة العمل الثانية.»هلموا هلموا..لنبني عمان مجددا».