احذروا الحسابات الوهمية في مواقع التواصل الاجتماعي

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٤/يناير/٢٠٢١ ٠٩:١٦ ص
احذروا الحسابات الوهمية في مواقع التواصل الاجتماعي


د.أحمد بن سعيد الشكيلي
مساعد المدعي العام – رئيس اللجنة الإعلامية

على الرغم من جهود التوعية التي تبثّها الجهات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص؛ للتحذير من الوقوع في شرك الاحتيال الإلكتروني، إلا أنه وللأسف الشديد ما زالت ظاهرة الاحتيال الإلكتروني حاضرة وتفرض نفسها، وتأخذ أشكالاً وطرائق عدة، منها ما يمكن أن يكون تقليديًا بسيطًا، ومنها ما هو مركّب ومعقّد.

ومن المعلوم في جرائم الاحتيال عمومًا، والإلكتروني منها على سبيل الخصوص، أن المجني عليه أو الضحية يساهم بقدر – قلَّ أو كثُر – في ارتكاب الجرم، فكأنما وقعت عليه الجريمة باختياره أو بتقصير منه، الأمر الذي يؤدي في حالات عديدة إلى أن يظفر الجاني بحاجته وينال مبتغاه. لذلك كان الادعاء العام ولا يزال يعوّل كثيرًا على الوعي المجتمعي في مكافحة جرائم الاحتيال كافة، وبقدر انتشار هذا الوعي وتظافر جهود الجميع واضطلاع كل بمسؤوليته، بقدر ما يتم دحر هذه الأفعال الجرمية أو بعض صورها.
ونظرًا للانتشار الواسع لوسائل التقنية وبرامجها، لا سيما في الوقت الراهن، إذ أصبحت وسائل التقنية في متناول الجميع، الصغير والكبير، فقد انتشرت تبعًا لها جرائم التقنية، وسهُل ارتكابها.
ومن الصور التي يلفت الادعاء العام عناية الجمهور لها، ما ظهر مؤخرًا من حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي بمعرّفات تحمل شعارًا رسميًا أو صورًا لرموز البلاد، على نحو يوحي بأن هذه الحسابات رسمية، و يُنشر عبرها صور أو مقاطع لرموز البلاد وهي ليست كذلك.
ومن ذلك أيضًا، إنشاء حسابات وهمية في مختلف الإلكترونية للتواصل الاجتماعي بمعرفات تحمل أسماء شخصيات مرموقة ومعروفة لدى أوساط المجتمع، يحاول القائمون عليها الاحتيال على المتابعين، بإيهامهم عن طريق ادعاءات كاذبة ومضللة بتقديم معونات مالية للعلاج أو الدراسة أو غير ذلك أو توفير فرص وظيفية، ثم يطلب من الضحية تحويل مبلغ مالي بداعي الرسوم للحصول على المعونة. ويؤكّد الادعاء العام أنه وبالتنسيق مع الجهات المختصة، تتبّعَ عددًا من هذه الحسابات، وتبين أنها تدار من خارج البلاد، وقد أمكن الوصول إلى بعض المستفيدين من هذه التحويلات المالية، بالتعاون مع بعض أجهزة النيابات العامة في الدول التي تدار فيها هذه الحسابات.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الكثير من الحسابات التي تدار بمعرفات تتضمن أسماء أو رموز أو أماكن عمانية، وتتعاطى مع الشأن الداخلي العماني، وتعلق على القرارات الرسمية، ثبت فنيًّا أنها حسابات وهمية لأشخاص غير عمانيين، وتدار من خارج البلاد، وتهدف إلى إثارة الرأي العام وبثّ الفتنة والتشكيك و زعزعة الاستقرار، مما ينبغي معه الحذر الشديد من هذه الحسابات، وعدم التفاعل معها أو الترويج لها؛ حتى لا تتمكن من مآربها الخبيثة.
ومن صور الاحتيال الإلكتروني أيضًا حسابات الشركات الوهمية لاستثمار الأموال، والتي ثبت تورط عدد من المواطنين و المقيمين معها، بأن حولوا لها مبالغ كبيرة بدون التثبت فعلًا من حقيقة وجود هذه الشركات، فخسروا أموالهم لتعذُّر الوصول إليها. وهنا يؤكد الادعاء العام، أنه ليس هناك من أحد يقدّم شيئًا بدون مقابل، و أن أرباح الاستثمار العالية وغير المعقولة والثراء السريع؛ إنما هي محض أوهام، وأن الشخص الحصيف يجب أن لا ينخدع بالإعلانات الزائفة، ولا يقع ضحية لهذه الادعاءات الوهمية الباطلة.
ومن صور الاحتيال كذلك، ما تمارسه مجموعات من الوافدين، بإرسال رسائل نصية أو إلكترونية بطريقة عشوائية، مفادها تعطّل البطاقة البنكية لعدم تحديثها، وتطلب من المرسَل إليه بعض البيانات ليتمكن من تفعيل البطاقة، أو تتضمن فوز المرسَل إليه بجائزة مالية، ويبادر البعض للأسف بإرسال البيانات المطلوبة، فيتمكن الجناة بذلك من الاستيلاء على الأموال الموجودة في الحساب البنكي. على الرغم من الرسائل التي يبثها البنك المركزي والبنوك التجارية لعملائها والتي تؤكد فيها أنها لا تطلب منهم أي بيانات شخصية بهذه الطريقة وتحذرهم من الاستجابة لهذه الطرق الاحتيالية . وقد تمكنت الجهات المختصة – بعون الله وتوفيقه - من القبض على مجموعات من هؤلاء المحتالين.
ختامًا، يناشد الادعاء العام الجميع – مواطنين ومقيمين – التبصُّر وتوخّي الحذر عند التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، وأخذ المعلومات من مصادرها الرسمية، وعدم التفاعل مع الحسابات المسيئة، وعدم مشاركة البيانات الشخصية في الفضاء الإلكتروني.