مبادئنا حائط صد أمام الإرهاب

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٨/أبريل/٢٠١٦ ٠٥:٣٠ ص
مبادئنا حائط صد أمام الإرهاب

ناصر اليحمدي

عندما تولى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه دفة البلاد قادها باقتدار وحكمة وواقعية حققت لها الاستقرار والأمان .. فقد وضع المرتكزات ورسم السياسات التي تسير على نهجها حكومتنا الرشيدة لتشق طريق النهضة والحداثة مع الحفاظ على الأصالة والهوية .. واعتبر أن السلام والتسامح والتعايش المشترك والحوار البناء من المبادئ الأصيلة التي لا غنى عنها والتي يجب أن يتبعها كل فرد في المجتمع العماني فكانت النتيجة احترام للحقوق والحريات ومنظومة متفاهمة مستقرة لم تستطع عوامل الفتنة الخارجية أن تمسها أو تؤثر فيها.
إن مبادئ السياسة الحكيمة يتناولها المسئولون في الكلمات التي تصدح بكل محفل محلي وإقليمي ودولي ويترجمها الشعب تعايشا واستقرارا .. فقد نأت السلطنة بنفسها عن التطرف والغلو والتعصب والتحزب كما قال سعادة السفير عبد الله بن ناصر الرحبي المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى أمام المؤتمر الدولي حول التطرف العنيف الذي أقيم مؤخرا وظلت السلطنة على مدى أكثر من عقدين من الزمان حريصة على نشر الوسطية والاعتدال والتسامح بين المواطنين وسنت القوانين التي توفر المساواة والأمن وتحد من ظاهرة الغلو والتطرف ولم تأل جهدا في التعاون مع المنظمات الدولية لاستتباب الأمان والسلام في كافة ربوع الأرض ودعمت بكل ما أوتيت من قوة الجهود الرامية لمكافحة التطرف والإرهاب والتزمت بكافة المواثيق والمعاهدات التي تخدم في هذا الجانب.
للأسف إن من يلتفت يمينا ويسارا يجد التطرف والتشدد في كل مكان مما أدى إلى انتشار الإرهاب والفوضى وسقوط القتلى والمصابين بالعشرات يوميا .. والسلطنة لا تنفك عن إدانة هذا الإرهاب بكافة أشكاله في كل مناسبة ومؤتمر ومنبر وتؤكد على التزامها بالشرعية الدولية وجميع قرارات الأمم المتحدة.
لقد أثبتت التدابير التي اتخذتها السلطنة جدارتها وقدرتها على وأد دعوات الفتنة والفرقة والتعصب والتعامل مع المستجدات بعقلانية وحكمة .. فقد استشرفت الرؤية السديدة لقائد البلاد المفدى مدى خطورة التطرف لذلك حرصت على خلق بيئة صحية مستقرة بذورها التسامح والمحبة والسلام والتعايش الإنساني الراقي فأثمرت استقرارا ومظلة وارفة من الأمن والأمان.
لاشك أن التحديات التي تحيط بالمنطقة بأسرها من كل جانب تستوجب تكاتف أبنائها من أجل تحقيق الاستقرار والأمن ولن يتأتى ذلك إلا بالاقتداء بالسياسة الحكيمة التي تسير عليها السلطنة في نشر الوعي بأهمية حل الخلافات بالطرق السلمية وتعميقأسسالحوار بين الأطراف المتنازعة وتحقيق المساواة بين أبناء المجتمع الواحد بغض النظر عن الدين أو العرق أو اللون أو الانتماء الحزبي والسير قدما نحو الوحدة التي توقف شلالات الدم وتأخذ الأوطان في طريق التقدم والبناء والتنمية.
لقد ساهم التطرف في نشر الكراهية بين الشعوب وشوه صورة الدين السمحة من هنا تتضح أهمية توعية النشء بالمبادئ الصحيحة للإسلام العظيم وتعظيم قيم المحبة والتسامح في نفوسهم .. فهذا كفيل بالقضاء على الإرهاب مستقبلا.
* * *
مبادرة أكثر من رائعة
"اقرأ" أول كلمة أنزلها الله سبحانه وتعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم ليبدأ بها رسالته الهادية للبشر أجمعين والخاتمة لكل الرسالات .. وهذا بالتأكيد يبرهن على مدى أهمية القراءة في حياة الأمم وتأثيرها القوي على نهضتها ورقيها ونيل رضا الله جل شأنه .. فالقراءة غذاء للروح وثراء للفكر ونور للعقل.
ومبادرة "إقرأ" التي أطلقتها مؤسسة الزبير العام الفائت ومازالت مستمرة من المبادرات التي حققت نجاحا لافتا في دعم الكتاب والكاتب العماني إلى جانب تعزيز مفهوم القراءة بين الشباب بل مختلف شرائح المجتمع .. فقد تبنت المبادرة إنشاء مكتبات في الأماكن العامة ضمت مائة وخمسين إصدارا عمانيا وبما يزيد على 2500 نسخة في مختلف المجالات وشهدت إقبالا ملحوظا وهو ما يمنحنا بعض الأمل في أن القراءة الورقية مازالت تحتفظ بمكانتها في نفوس أبناء المجتمع رغم انتشار المواقع الإلكترونية والفضائيات.
لقد حثت المؤسسة الكتّاب العمانيين على الاشتراك في المبادرة والتقدم بعشرين نسخة من إصداراتهم لتوزيعها على المكتبات العامة التي تشملها المبادرة .. ونحن بدورنا نضم صوتنا للمسئولين في المؤسسة ونتمنى لو أن كل كاتب عماني ينضم لأسرة المبادرة حتى يستفيد القارئ من فكره وكتابه.
لاشك أن مثل هذه المبادرات الناجحة تحقق أكثر من هدف إيجابي .. فهي تعتبر قناة تواصل بين القارئ والكاتب وتروج للإصدارات الحديثة وتساهم في نشرها وتعريف الناس بها كما أنها تعزز من قيمة القراءة في المجتمع وتجعلها ثقافة سائدة وعادة مستدامة.
للأسف القراءة في خطر خاصة مع تقدم وسائل الاتصال الحديثة كالفضائيات ومواقع الانترنت التي قللت من أهمية القراءة الورقية في نفوس القراء وعملت على الفصل بينهما حيث تستعرض الكتب بصورة مبهرة جذبت بعض جمهور الكتاب الورقي وأخذته في اتجاه القراءة الإلكترونية .. إلى جانب أن هذه الوسائل تهدر الكثير من الوقت فلا يلجأ القارئ للكتاب كي يسامره وأصبح يفضل التجول بين المواقع الإخبارية وغيرها ليستقي منها الحدث أولا بأول.
نرفع القبعة لمثل هذه المبادرات ونتمنى أن يتفاعل معها أبناء المجتمع وأن تحقق أهدافها المرجوة حتى يصبح مجتمعنا مجتمعا راقيا مثقفا لا يجد الجهل إليه سبيلا.

* * *

آخر كلام
يقول الإمام الشافعي :
ولرب نازلة يضيق لها الفتـى ذرعـــــــــــــــا .....وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت .....وكنت أظنهالاتفرج