إعادة المستقبل للسوريين

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٨/أبريل/٢٠١٦ ٠٥:٣٠ ص
إعادة المستقبل للسوريين

غوردن براون

نواجه خطر إنتاج جيل ضائع من الشباب السوري. لقد أدى ما يناهز ست سنوات من الحرب الأهلية إلى إخراجهم من بيوتهم، وحرمانهم من فرصة التخطيط لمستقبلهم، وتحطيم آمالهم. نحن نعرف الآن جيدا أن خيبة الأمل سوف تولد مزيدا من العنف في منطقة الشرق الأوسط مستقبلا.
قد تبدو نهاية الحرب الوحشية في سوريا بعيدة المنال. لكن لا ينبغي علينا أن نتصرف كما لو أن السلام لن يأتي أبدا. فإذا تحقق ذلك، يجب على سوريا توجيه الدعوة إلى جيلها الذي يواجه الضياع لإعادة بناء بلدهم.
اليوم، حٌرم كل الشباب تقريبا من التكوين والتدريب على المهارات التي سوف يحتاجونها في المستقبل. وينبغي أن ترتكز أي إعادة بناء حقيقي على أساس التعليم العالي.
من الضروري أن نكون واقعيين ونعترف بالعقبات الموجودة في طريق توفير التعليم العالي للاجئين خارج بلادهم، مثل حواجز اللغة. يجب توثيق أو مراقبة المؤهلات الأكاديمية بطريقة ما. كما ينبغي توفير تمويل مهم جديد (لكن بما أن 1.3 ٪ فقط من المساعدات الإنسانية العالمية موجهة للتعليم حاليا، سيكون من الصعب الحصول على هذا التمويل).
وبالرغم من هذه التحديات، هناك خطوة مهمة يمكننا بل ينبغي اتخاذها على الفور: إنشاء مرصد معلوماتي دولي مكرس لتوفير فرص الحصول على التعليم العالي. ويجب تجميع ما لدينا من معلومات و إن كانت محدودة، والموارد المتاحة للاجئين، وتوفير معلومات شاملة عن السوريين الذين يسعون لبدء أو استئناف دراستهم.
وقد اتخذت عدة مبادرات مهمة بالفعل. إذ كشفت تركيا مؤخرا عن خطط لفتح ثلاث مؤسسات مكلفة بتوفير التعليم العالي للاجئين السوريين. في لبنان والأردن، هناك برنامج يتم تمويله من قبل الاتحاد الأوروبي يقوم بتزويد 3000 شاب سوري بالمهارات اللازمة للتعليم العالي. كما انضم ائتلاف مؤسسات التعليم العالي الكندي وبعض الممونين إلى الخدمة الجامعية العالمية في كندا لمضاعفة الدعم المالي للاجئين.
وبدعم من منظمة يقودها المغتربون السوريين تدعى جسور، أسس معهد التعليم الدولي هيئة سوريا للتعليم العالي في حالة الأزمة، وهي مجموعة من الكليات والجامعات تسعى لتوفير منح دراسية للطلاب السوريين الذين تعطل تعليمهم بسبب النزاع. ويقدم المعهد أيضا فرص تعليمية للسوريين من خلال صندوق الطالب للطوارئ، والذي يعطي منح لضمان مواصلة الطلاب السوريين دراستهم في الولايات المتحدة الأمريكية.
وعلى المستوى الشعبي، كان دعم الأشخاص المتبرعين مثل جورج سوروس كبيرا للغاية. وعلاوة على ذلك، عرضت الجامعات منحا دراسية، كما ساعدت منظمات مثل سبارك الهولندية اللاجئين السوريين القاطنين في المنطقة بتوفير فرص التعليم العالي لهم. كما يقدم صندوق إنقاذ الطالب المنح الدراسية للأكاديميين لمواصلة عملهم في أمان خارج سوريا.
وفي هذه الأثناء، تساعد التطورات الرقمية على سد الفجوة بين اللاجئين والتعليم الجامعي. وتقوم جامعة الشعب، وهي جامعة أميركية معتمدة، بتوفير تعليم جامعي تقليدي جيد على الانترنت دون أي تكلفة (باستثناء رسوم رمزية لامتحانات الانتقال) مع عدم وجود بدائل أخرى للوصول إليها. كما خلقت برنامجا للمنح الدراسية قصد تغطية تكلفة رسوم الفحص لخمسمائة لاجئ، وتطمح لخدمة 12.000 منهم في المستقبل.
ولجعل هذه الفرص متاحة لعدد أكبر من الشباب، نحن بحاجة لمرصد للمعلومات يربط اللاجئين الذين هم في حاجة للجامعات بالمنظمات القادرة على مساعدتهم. ويكرس جون سيكستون، الرئيس الفخري لجامعة نيويورك، جهوده لإنشاء مرصد مماثل. وتحت قيادته قدمت منظمة كاتاليست تراست الحديثة التمويل الأولي.
هناك أسباب متعددة لدعم هذه الجهود. فقد تزعم خورخي سامبايو، رئيس البرتغال السابق، المنتدى العالمي لطلبة سوريا، محددا الجامعات التي تٌقدم المنح الدراسية للاجئين (ومن خلال جهوده، استأنف حوالي 150 طالبا دراستهم). ويقول سامبايو إن المرصد المعلوماتي يرفع درجة الوعي ويخفف من المخاطر التي تواجه الطلاب اللاجئين، وله آثار إيجابية مهمة.
وبحلول مؤتمر القمة العالمي الإنساني في اسطنبول في شهر مايو المقبل، يجب علينا إنشاء رأس مال لتمويل التعليم في حالات الطوارئ. بالإضافة إلى التأكد من أن الصراع لا يعطل العملية التعليمية، يمكن لهذا الصندوق تقديم الدعم المستمر لتبادل المعلومات على المستوى العالمي - وربما حتى تقديم مساعدات مالية للشباب الموهوبين.
لا يمكننا انتظار نهاية الحرب لإصلاح ما تم هدمه وإعادة بنائه - خاصة عندما يكون هناك عمل ينبغي القيام به اليوم. وبتسهيل الوصول إلى المعلومات سنوفر للاجئين الفرصة لمواصلة دراستهم. وبما أن الأمل بدأ يعود تدريجيا إلى سوريا، فإن شبابها الضائع سيضع بنفسه الأسس الجديرة لإعادة بناء وانبعاث بلاده.

رئيس الوزراء ووزير المالية في المملكة المتحدة سابقا،