الجيـــش الإسـرائيلـــي.. مـن لميتهرب من التجنيد تمرَّد بين ثكناته

الحدث الاثنين ١٨/أبريل/٢٠١٦ ٠٥:١٠ ص

القدس –
كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية النقاب عن تذمر 38 جندياً وجندية بوحدة المراقبين بالجيش الإسرائيلي والتي من مهماتها مراقبة الحدود مع الدول العربية.

وقالت الصحيفة إن أعداد الجنود المذكورة رفضت تنفيذ أوامر القيادات فتمت محاكمتهم محاكمة عسكرية وبعدها تم نقل 15 منهم للخدمة في وحدات أخرى وحبس 5 منهم في السجن العسكري، مشيرة إلى أن أغلب المتذمرين من المجندات داخل الوحدة. وأوضحت الصحيفة أن بداية القضية تتمثل في أن 5 مجندات رفضن الانصياع لأوامر القائدة للمشاركة في العمل المشترك داخل غرفة العمليات الخاصة بالكتيبة التي يشاركن فيها، ورفضن تنفيذ الأوامر الموكلة إليهن، والاكتفاء فقط بالعمل الأصلي.

وأشارت الصحيفة إلى أن المجندات الخمس بدأن في غناء أغنية احتجاجية على هذه الأوامر، وبدأ باقي المجندين المذكورين في الانضمام إليهم ورفضوا الانصياع إلى أوامر القيادات داخل الكتيبة.

مخاوف من اتساع الظاهرة

في أكتوبر العام 2010 حكمت محكمة عسكرية إسرائيلية على جندي إسرائيلي بالسجن الفعلي لـ56 يوماً بعد رفضه تنفيذ أمراً عسكرياً بهدم مبانٍ في مستوطنة شيرات هيام بقطاع غزة وفي أول خطوة فعلية لمواجهة اتساع ظاهرة يرفض من خلالها جنود إسرائيليون الانصياع لأوامر عسكرية أثناء تنفيذ خطة فك الارتباط.

وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن العريف افي بيفر رفض تنفيذ الأمر العسكري وهدّد وأهان ضباطاً كباراً في الجيش الإسرائيلي. يشار إلى أن الجندي بيفر هو مستوطن بنفسه ويسكن مع عائلته في مستوطنة في الضفة الغربية ويعارض خطة فك الارتباط.
وقال والد بيفر لمراسلين إسرائيليين إنه فخور بابنه لرفضه تنفيذ الأمر العسكري. ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن محامي الجندي بيفر، شاي غاليلي، أنه ينوي الاستئناف على قرار المحكمة العسكرية، وأضاف أنه يتوقع أن تبت المحكمة العليا الإسرائيلية بالقضية في نهاية المطاف. يشار إلى أن السجن الفعلي لـ56 يوماً يعتبر أعلى عقوبة يمكن فرضها على جندي يرفض تنفيذ أمر عسكري.

حالة أخرى

وفي وقت سابق حكمت محكمة عسكرية إسرائيلية على الجندي يتسحاق كلايمان بالسجن الفعلي لمدة 14 يوماً بعدما أعلن عن نيته رفض تنفيذ أوامر عسكرية لإخلاء مستوطنات في إطار خطة فك الارتباط.

من جانبه حذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينها ارييل شارون ممثلون عن حركة حاباد اليهودية الدينية المتشددة بأن السلطات الإسرائيلية «لن تسمح بالاعتداء على جنود أو أفراد شرطة أو عناصر الأمن».
وأضاف شارون «لا يمكن أن يهاجم أفراد حركة كاخ (أكثر الحركات اليهودية عنصرية وتطرفاً) أفراد الشرطة والجنود الإسرائيليين». وأوضح شارون لممثلي حركة حاباد أنه يعلم بأنهم يعارضون خطة فك الارتباط وأنه لا ينوي محاولة إقناعهم.
وقال «بودي أن أوضح لكم أن التحريض والكراهية والتهديدات ستؤدي إلى مخاطر كبيرة ولا أحد في هذه الدولة يملك الحق بإغلاق الشوارع».
وطلب شارون من قادة حاباد «عدم استخدام العنف» للتعبير عن معارضتهم لفك الارتباط.
يذكر أن مجموعات من المستوطنين كانت قد هاجمت الجنود وأفراد الشرطة الإسرائيليين أثناء هدم عشرة مبانٍ خالية في مستوطنة شيرات هيام في قطاع غزة. في غضون ذلك أبعدت قوات الأمن الإسرائيلية أمس الناشط اليمين المتطرف ايتمار بن غفير من حركة كاخ من فندق في مستوطنة نافيه دكاليم في قطاع غزة تجمّع بداخله عشرات المستوطنين بهدف منع تنفيذ فك الارتباط وإخلاء المستوطنات.
وأصدر الجيش الإسرائيلي أمراً عسكرياً يمنع دخول بن غفير إلى قطاع غزة وشمال الضفة الغربية.
من جانبه هدد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي دان حالوتس بإلغاء مسار تجنيد طلاب المعاهد الدينية اليهودية والمعاهد الإعدادية العسكرية في حال شارك رؤساؤها في دعوات لرفض تنفيذ أوامر عسكرية أثناء إخلاء المستوطنات.
ونقل موقع هآرتس الإلكتروني عن وزير الدفاع الإسرائيلي قوله أمس إن «الجنود الإسرائيليين يتمتعون بكل الدعم لتنفيذ فك الارتباط والاعتداء عليهم (من جانب مستوطنين ونشطاء اليمين المتطرف) لن يمر دون عقاب».

تنامي رفض الخدمة في يناير 2015

لدوافع إنسانية وسياسية ودينية، يرفض العديد من الإسرائيليين أداء الخدمة العسكرية، وتتعمد بعض العائلات إرسال أبنائها للخارج لتفادي التجنيد الإجباري، وبينما تتسع دائرة الرفض، تؤكد مصادر مطلعة أن الاحتلال يتكتم على الأرقام الحقيقية خوفاً من تفكك الجيش.

حفّزت نتائج العدوان العسكري على غزة وحالة التوتر على الجبهة الجنوبية لإسرائيل معلمة الفنون راعيا روتم على إطلاق حملة توقيعات لرفض الخدمة العسكرية بجيش الاحتلال. ووقع على عريضة تدعو لرفض الخدمة الإلزامية وخدمة الاحتياط بالجيش الإسرائيلي نحو 53 خريجاً، وذلك لدوافع إنسانية ودينية.
وقد سبقت هذه الحملة مبادرات فردية لجنود رفضوا المشاركة في الحرب على غزة وطلاب امتنعوا عن القدوم لمكاتب التجنيد لدوافع صحية واجتماعية وسياسية.
وعادة يتم إلزام الطلاب اليهود والعرب الدروز بأداء الخدمة العسكرية فور إنهاء التعليم الثانوي بموجب قانون التجنيد الإجباري الذي يعود لمطلع خمسينيات القرن الفائت. وأوضحت روتم أن الكثير من النشطاء والخريجين قرروا تخطي الأمور المسلَّم بها، وبدؤوا مناهضة الخدمة العسكرية التي تعتبر أمراً طبيعياً في المجتمع الإسرائيلي.
وتضيف أن الكثير من الشرائح المجتمعية والسياسية توقفت بعد عقود من الحــــــروب والمعارك متسائلة «هل رفض الخــــــدمة العسكرية إنكار لحقيقة وجود دولة إسرائيل؟».
ومع أن رفض الخدمة يقود للسجن، فإن روتم تتساءل أيضاً «هل هذه هي الدولة والسياسات والأجندة التي أريد خدمتها؟ وهل نحن مستعدون للانخراط والخدمة بالجيش الذي يشكل ذراعاً لتكريس الاحتلال؟». وتضيف «نرفض أن تنفذ باسمنا الأعمال والانتهاكات والاعتداءات التي تتعارض مع المواثيق الدولية».
ويعتقد الباحث في مناهضة ورفض الخدمة العسكرية يوآب بار أن الأصوات الرافضة للخدمة العسكرية تتصاعد.
وأشار إلى ازدياد محاولات التهرب والامتناع عن الانخراط في الجيش الذي تحول لمنظومة لانتهاك حقوق الإنسان.
واستعرض بار في حديث للجزيرة نت، تجربته الشخصية في رفض الخدمة الإلزامية وخدمة الاحتياط بالجيش الإسرائيلي لأسباب مبدئية وإنسانية.
ويقول إنه امتنع عن الخدمة العسكرية رفضاً للانتهاكات والجرائم الحربية التي يقوم بها الجيش في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ونبّه إلى رفض سلطات التجنيد تسجيل أسباب امتناعه عن أداء الخدمة العسكرية، قائلاً إنها تتعمد الترويج للدوافع الصحية والنفسية، ولا تعترف بأن معدلات الرفض العالية تأتي احتجاجاً على سياسات الاحتلال. وأعرب عن اعتقاده بأن حوالي 30 % من المجتمع الإسرائيلي يرفضون الانخراط في الجيش لدوافع إنسانية ودينية واجتماعية، إلا أن السلطات الرسمية تمتنع عن الإفصاح عن الحقائق خوفاً من تفكك المؤسسة العسكرية.
ويعتقد بار -الذي رفض نجلاه نور وآدم الانصياع لأوامر التجنيد- أن المئات من طلاب الثانويات والشباب اليهود يرفضون سنوياً الاستجابة للخدمة الإجبارية.
وقال إن من يصر على تبرير رفضه بأسباب إنسانية يحال إلى السجن العسكري. وقال الحاخام إلياهو كوفمان -وهو محسوب على تيار الحريديم- إن المؤسسة العسكرية تتكتم على رافضي الخدمة الإجبارية والاحتياطية لمنع تفكك الجيش. ويضيف في حديث للجزيرة نت، أن دوافع الرفض دينية وإنسانية وتهدف لمناهضة الاحتلال والمشروع الصهيوني.
وكشــــف أن إسرائيل تستقدم المهاجرين وحتى من غيــــر اليهــــود لتجنيدهم بالجيش لمواجهة ظاهرة الرفض.
ولفــــت إلـــى أن طائفة اليهود البخارى ترسل أبناءها إلى أوروبا لدراسة المرحلة الثانوية والجامعية خوفاً من فرض التجنيد عليهم. وعزا اتساع الامتناع عن الخدمة العسكرية إلى ظاهرة التفكك الاجتماعي وانعــــدام العدالـــة المدنية وفقدان الثقة في المشروع الصهيونــــي وعدم قدرة الإسرائيليين على تحمل عقود من الحروب وسفك الدماء واحتلال أراضي شعب آخر.