قراءة التاريخ

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢٤/ديسمبر/٢٠٢٠ ٠٩:٢٧ ص
قراءة التاريخ

مسقط - الشبيبة

بقلم : محمد الرواس

«حين نعتمد على قدراتنا وامكانياتنا قد نحتاج الي تضحيات مؤقته، تحقق استمرار التنمية الشاملة المستدامة بالمستقبل القريب «

عندما نقرأ في التاريخ بشمولية وتوسع، خاصة تاريخنا الاستراتيجي والتجاري العُماني، يمكننا من خلاله ان نخطط للمستقبل اليوم وغداً، ونضع خرائط طرق للغد، كذلك نستطيع أن نستقراء منه الي أين نحن سائرون في خضم هذا العالم المملوء بالأزمات والمصعاب المتواصلة، وعندما نتحدث عن سلطنتنا الحبيبة عُمان لا نشك انها تمضي بخطى متانية اثبتت من خلالها رسوخ وثوابت، وصمود، وتضحيات عظيمة، طوال فتراتها التاريخية لانها صاحبة مشروع حضاري تتبناه سابقاً ولاحقاً بإذن الله تعالي.

لم تُغير عُمان وجهها طيلة تاريخها، ولم تساوم في كرامتها يوماً ما، حتى في احلك الضروف والأزمات، لانه دائماً تجتمع اراء سلاطينها الافذاذ بشعبها الوفي على رؤية واحدة، الا وهي النظرة المشتركة لمصلحة الوطن بعيداً عن اي خيارات خارجية حتى لا يتقرر مصيرها من الخارج، وما يحدث اليوم هو اختبار حقيقي يضعنا امام جملة تسائلات هل نحن في منأى عن الوضع الاقتصادي الذي عم المنطقة والعالم؟ هل نريد ان نرهن قرارنا في اقتصادنا وثقافتنا وفكرنا؟ وعندما تكون الاجابة بلأ طبعاً، فلا بد ان نضع في اعتبارنا كافة التحديات التي يمكن ان نواجهها.

عُمان بلد لا تنقصه الثروات الطبيعة التي حباها الله بها، حيثما اتجهت سواء الي البحر، أو الي البر فانت تقف في بلد ثرواته البشرية تطالعك بشبابها المبدعين قبل ثرواته وخيراته الطبيعية، وعندما يتسائل احدنا عن الغد الذي ننتظره بكل شغف لنؤسس فيه خيار الدولة المتجددة التي تحمل على عاتقها تنمية وطنية مستدامة، وضعت لها الخطط خلال السنوات الماضية وشارف العام 2021 للبدء بها ليحمل لنا بشائر الخير بعد ازمات متوالية، تاتينا الاجابة: إن من يقرأ جيداً في تاريخ الامم والشعوب فسيجد أن سُنة الله ماضية ولا تتبدل فبعد كل عسر يسر باذنه تعالى، المهم ان نثبت ونخطط وونفذ، وهذا لن يتأتي الا بالمشاركة المجتمعية وتوحد الرؤى، وانتظام الصفوف للانتقال الي المستقبل.

لقد تشكلت خلال الأعوام الاخيرة مجموعة من المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي حدثت بفترة واحدة بمنطقتنا العربية والخليجية خاصة، ولم تكن السلطنة خارج هذه المؤثرات، وتاثرت بها سلباً وايجاباً، فاثبتت لها الوقائع ان السير بخط مستقيم قد يفقدك احياناً التاخر في تنفيذ خططك بناء على متغيرات داخلية وخارجية تؤخر طموحك، لكن سيبقى الهدف واحد والرؤية بإذن الله واحدة، والعمل يداً بيد كما علمنا التاريخ طريق أمن للوصول الي المكانة المامؤلة بإذن الله تعالى.

فرضت الإجندات الاقتصادية والسياسية على كثير من الدول، من اجل خارطة جغرافية وسياسية معينة لم تستسغيها السلطنة، الم تلاحظوا ما يحصل للمتراجعون عن قيمهم، قد اعتقدوا انهم ربحوا اليوم، لكن الأمم والشعوب تقاس ايامها بعقودها الزمنية والقرون ولا تقاس بالسنين القليلة الحالية، ان الخطر يحدق بمن لا يقرأ التاريخ فلا ياخذ منه العِبر، ولا يطلع فيه على مصائر الأمم والشعوب، عندما تفسح الطريق للتدخلات الخارجية بشوؤنك الداخلية فلا تلومن الا نفسك، بالأمس كنا نقرأ عن دول اقتصاديتها وميزانيتها بالمليارات بل بالترليونات، واليوم تتحدث هذه الدول عن عجوزات بميزانتها وتغيير نمطي بمجتمعاتها، التاريخ اخبرنا ان عدد السكان قد لا يكون هو المقياس للتدخلات الخارجية، بل موقعك الاستراتيجي هو الأهم، وثرواتك المكنونة ايضاً أكثر أهمية، وقد لا تسعنا المساحة ان نضرب امثلة بذلك فهي كثيرة، التاريخ يتحتم علينا اليوم فهم حقيقة ما يجري، ويدعونا ان نتعايش بصبر لبناء مجتمعات حرة آمنة تسعى للبقاء عقود وقرون من الزمن فلا تستبدل نهجها من اجل تتسرع بتجاوز ازمات مؤقته وترهن مصيرها للآخريين.

ختاماً نقول إن إدارة الازمات تتطلب أن لا يمثلها أحد من الخارج، وأنه يجب ان تدار من أهلها بالداخل، لأجل أيجاد الحلول الحقيقية والواقعية وإن كانت صعبة احياناً، والأهم الا تكون حلول مؤقته، لاننا نتحدث عن مستقبل الاقتصاد فيه هو من يدير الدفة بالعالم حالياً ومستقبلاً.