مسقط - الشبيبة
في إطار تحقيق رؤية منظمة الصحة العالمية "نحو القضاء على السل" قامت المنظمة مؤخرا بنشر الدليل الاسترشادي للقضاء على السل في الاقليم الاوروبي مستندة على بعض الادلة القائمة والتجارب المنشورة لبعض البلدان بهذا الصدد و قد جاء في الدليل الإستشهاد بالسلطنة باعتبارها من التجارب المثيرة للاهتمام في اقليم شرق المتوسط - بجانب تجربة الولايات المتحدة الامريكية والتجربة الكندية في اقليم امريكا الشمالية - في مسارها الهادف للقضاء على السل.
هذا و تعتبر سلطنة عمان من الدول ذات معدل الإصابة المنخفضة بنسبة تقل عن 10 لكل مليون نسمة، (8/100,000 في 2019) بمعدل تناقص وصل الى 2% تقريبا في العشر سنوات المنصرمة. وقد انتهت المديرية العامة لمراقبة و مكافحة الامراض بوزارة الصحة من وضع الاستراتيجية الوطنية للقضاء على السل التي تقوم بتنفيذها على مراحل والتي ترتكز بشكل اساسي على خفض نسبة الإصابة و الوفيات حيث تهدف في مراحلها الاولى إلى خفض نسبة الإصابة الى اقل من واحد في المليون بحلول عام 2035 وذلك للوصول الى ما يسمى بمرحلة ما قبل القضاء على السل عن طريق خفض الإصابة بنسبة 90 بالمئة و خفض الوفيات بنسبة 95 بالمئة قياسا على الوضع الوبائي لعام 2015 ,حيث تتضمن الإستراتيجية توفير الفحوصات المخبرية ذات الفاعلية والحساسية الكبرى التي تساعد في سرعة تشخيص المريض المشتبه به خلال ساعات من أخذ العينة إضافة إلى توفير العلاج المناسب للمصابين والمخالطين ممن تم تشخيصهم بالسل الكامن.
ومن الركائز المهمة التى تستند عليها هذه الاستراتيجية تعزيز الشراكة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص وفق معايير وضوابط واضحة لضمان الجودة خاصة فيما يتعلق بالفحص المبكر وتقديم الرعاية الطبية المطلوبة للفئات الاكثر عرضة كالوافدين من الدول ذات معدل الإصابة المرتفعة, كما أن التركيز على الأساليب الوقايئة كفحص السل الكامن وعلاجه باعتباره من أهم الحلول المطروحة عالميا في سبيل الوصول الى الهدف المنشود للقضاء على السل لهو ركيزة أخرى ضمن الإستراتيجية الوطنية. و لأهمية الوعي المجتمعي بمثل هذه القضايا الصحية و مشاركة أفراد المجتمع عن طريق التثقيف و التعليم لإتباع السلوكيات الصحيحة و أخذ المعلومة من مصادرها الموثوقة فإن الإستراتيجية الوطنية تضمنت ايجاد الكثير من الوسائل التثقيفية سعيا لإيصال المعلومة للفئات المستهدفة ورفع الوعي لديها بالوقاية وطرق العلاج مع الاستفادة من التقنيات الحديثة ووسائل الذكاء الاصطناعي وتوظيفها بشكل صحيح. كذلك فقد تضمنت الإستراتيجية الوطنية توظيف البحوث العلمية في رفع جودة الخدمات المقدمة للمرضى .
ولم تغفل المديرية العامة لمكافحة ومراقبة الأمراض عن الدور الكبير الذي تسهم به المؤتمرات و ورش العمل العالمية من استقطاب للخبرات العالمية والإستفادة منها في تطوير خدمات الرعاية الصحية للمرضى وتأهيل الكوادر الطبية ومن هذا المنطلق فقد عقدت سلطنة عمان مؤخرا ورشة عمل دولية حول القضاء على السل حضرتها مديرة برنامج السل العالمي من منظمة الصحة العالمية إضافة إلى العديد من الخبراء من جميع أنحاء العالم وقد تم نشر النتائج المتمخضة عن ورشة العمل في مجلة طبية عالمية كما تم الإستفادة من هذه النتائج في إعداد الإستراتيجية الوطنية.
الجدير بالذكر أن منظمة الصحة العالمية في سعيها لتحقيق أهداف استراتيجية القضاء على السل تقوم بنشر الأدلة الإسترشادية بشكل مستمر للإستفادة من التجارب الناجحة في هذا الخصوص و توجيه الدول في تنفيذ خطط إدارة عدوى السل ولضمان استدامة مرحلة القضاء على السل في البلدان ذات معدلات الاصابة بالسل المتوسطة التي من المؤمل أن تسهم في خدمة واضعي السياسات و العاملين في مجال الاستجابة الوطنية والإقليمية لمكافحة السل. وفي هذا السياق فإن وزارة الصحة ستقوم بتدشين الإستراتيجية الوطنية للقضاء على السل في بداية عام 2021 من أجل العمل على تنفيذ ما جاء فيها من استراتيجيات للوصول إلى الهدف المنشود للقضاء على السل على المستوى المحلي و الذي بدوره سيصب في المحصلة النهائية لنفس الهدف كإحدى مسؤوليات السلطنة تجاه المجتمع الدولي للمساهمة في القضاء على السل والوقوف في وجه هذا الداء وتحقيق العدالة فيما يتعلق بالصحة العامة بين افراد المجتمع.