
مسقط - الشبيبة
بقلم: محمد الرواس
تداول العرب قديماً مقولة «ربّ ضارّة نافعة « قالها الأولون قبلنا ونحن اليوم بدورنا نرددها بعد حمد الله وشكره ، فما كان يحدث مضرة بالامس قد يحدث نفعاً غداً ، ولقد كان لقول العرب ايضاً «إن من السموم الناقعات دواء « وهي عبارة تحمل ذات المعنى وذات السياق.
لقد الهمنا الله حسن التعامل مع وباء كوروناء كوفيد19 ، وإن كان هناك بعض التقصير المجتمعي خاصة من بعض الفئات والشرائح عند مواجهة هذا الوباء العصي قبل اشهر ، فصبرنا ولله الحمد ، ونحن اليوم على وشك التعافي حين التزم الجميع ، فتحسنت الاحوال وتكاتف المجتمع ، فبعد العسر يسر بإذن الله ، فلقد بذلت التضحيات ، وأطمأنت النفوس ، وسكنت القلوب حين اسلمت امرها الى الله ، وايقنت ان الأمر بيد الله سبحانه وتعالى من قُبل ومن بعد.
وبرغم ما اصابنا من فقدان للكثير من الأنفس والأرواح ، وانتشار الوباء بين الأسر بشكل واسع خلال الأشهر الفائتة، وحدوث الموجة الثانية حتى امتلئت المستشفيات الحكومية والخاصة بالمرضى ، واقيم الحجر المنزلي للاصابات بالبيوت، وصاحب ذلك تذبذب في الاقتصاد العالمي والمحلي والتراجع الشديد في الأعمال ، الا اننا اليوم ولله الحمد كلنا قد وعى الدرس ، فلقد استوعبنا أكثر من صدمة خلال الأشهر الماضية ، ولامسنا اوجاعها ، ولا زلنا نعاني كمجتمع حتى هذه الساعة ، ولا شك ان ما حققته اللجنة العليا في تعاطيها مع الوباء يعد جنوح الى السلامة ، فلقد كانت تعمل بما اوتيت من امكانيات لتجنب المخاطر بكافة انواعها واشكالها جراء هذه الجائحة ، فالتزمت بخط واضح وصريح ومستمر أساسه الشفافية والتوعية والتوجيه السليم ، ولقد انقسم الناس حينها بين صاغً ومستمع ومطبق للمحاذير والالتزامات وعوامل السلامة فحفظ نفسه وحفظ اهله ومجتمعه ، وبين مستهتر وغير مبالي فكانت العواقب على هذه الفئة وخيمة والخسائر مضاعفة ، واليوم الكثير منهم نادمون لكن هيهات حيث لا ينفع الندم ، لكن ينفع ان نكون قد استوعبنا الدروس من هذه الجائحة .
هناك العشرات من التقارير الطبية كانت ولا تزال تصدر لتنظم آلية التعامل مع هذه الجائحة كوفيد 19 التي ملات الدنيا وشغلت الناس، والتي جددت الرؤى والوعي بالنفوس وجعلت الكثير يعمل باسلوب مختلف كله حرص وتامل واسترشاد .
لقد كان من أهم الدروس والنتائج التي استفدناها من حدوث هذه الوباء الذي لايزال موجود لكن بدرجة اقل تاثيراً مما سبق ، وانتشاره ولله الحمد محدود هو طرق اقامة المناسبات المجتمعية التي كانت تقام بعضها بدرجة كبيرة من البذخ والتفاخر خاصة في الاعراس ، أو من خلال التجمعات الأسرية ، فيكثر الصرف فيما يلزم وما لا يلزم، وكان يمكن التقنين والتدبير بأفضل مما كان ، ولقد كانت هذه التجمعات احدى عوامل انتقال الاوبئة ، لكن اليوم ظهرت ثقافة مجتمعية متوازنه في اقامة مثل هذه المناسبات فعمت البركة بترك الاسراف .
إن الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي قامت بدورها لمن اراد الإلتزام ونجحت ان تكون حلقة وصل بين الناس وبعظهم البعض ، وتيسرت من خلاهما الفعاليات والانشطة والمناسبات المجتمعية المختلفة ، عبر التواصل عن بعد والغرف الاعلامية الافتراضية ، فانتشرت التوعية واحاطة الناس بحالات الوباء لحظة بلحظة وبثت طرق الوقاية والتعامل معه ، كما كان للقانون العماني الدور الابرز في توجيه الناس وتطبيق الاشتراطات ، ولقد وقف الادعاء العام العماني وقفة صارمة عند الضرورات الملحة لحماية المواطنين ، واكسب المجتمع حزمه وقاية مجتمعية قانونية ، هذا بجانب الأطقم الطبية الراعية للجوانب الصحية ، وعلى المسار التعليمي نجحت الأسر العُمانية في التعامل مع المنصات التعليمية ، وكما طالعنا بالامس القريب الدراسة البحثية التى كشفت عن آليات تكّيف الأسر العُمانية مع تحديات التعليم عن بعد والتي نفذت عن طريق المرصد الاجتماعي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.
ختاما نسال الله العافية والسلامة والأمن والأمان والصحة والإطمئان وأن يحفظ لنا جلالة السلطان -أيده الله- وينجي عُمان من كل سوء ومكروه وسائر بلاد المسلمين انه سميع قريب مجيب .