تسريع التدفقات النقدية مسؤولية الجميع

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٩/نوفمبر/٢٠٢٠ ٠٨:٠٩ ص
تسريع التدفقات النقدية مسؤولية الجميع

مسقط - الشبيبة

بقلم:علي المطاعني

‏منذ سنوات كتبت مقالا حاثا فيه الجهات الحكومية للإستفادة من مزايا الدفع الآلي لإستدامة إستلام التدفقات النقدية من المراجعين بدلا من الطريقة التقليدية التي يتوقف فيها إستلام النقد في الساعة الثانية عشر منتصف النهار ، ويتوقف عندها دوران العمل الحكومي في إتمام معاملات الناس لهذا السبب، واقترحت ان يغدو الإستلام مفتوحا إلى نهاية الدوام في الثانية والنصف على الاقل، وذهبت لأبعد من ذلك عندما طالبت الجهات التي لها تعاملات مباشرة مع المراجعين أن تمدد العمل لفترتين صباحية ومسائية لإتاحة الفرصة لها وللمراجعين لإكمال عملية الإستلام والدفع ،ايمانا بأهمية تدفق السيولة المالية على خزينة الدولة واعادة ضحها في مصاريف جارية وراسمالية تتطلبها اوجه الصرف المختلفة، وفي الأسبوع الفائت أصدرت وزارة المالية منشورا يحمل رقم 22/‏2020م ، بشأن تحصيل الإيرادات الحكومية عن طريق الهواتف الذكية، ليحث الاجهزة الحكومية تسريع التدفقات المالية إلكترونيا على مدار الساعة لما له من أهمية كبيرة على العديد من الجوانب المتعلقة كذلك بالتحويل الالكتروني المهم إتمامه في الدولة من جانب، وإنهاء معاملات المراجعين بدون تقيد بساعات الدوام الرسمية والاجازات والعطلات من جانب آخر.

حيث وجهت فيه كافة الوزارات والوحدات والمؤسسات العامة للإسراع في إكمال إجراءات التنسيق مع المصارف التي تتعامل معها لتطبيق خدمة تحصيل الإيرادات الحكومية عن طريق منظومة الدفع عبر الهاتف النقال بإستخدام تطبيقات الخدمات المصرفية والمحافظ الإلكترونية لمواكبة التطورات التقنية لما لها من دور حيوي في رفد التحصيل المباشر للإيرادات، ومن ثم تدويرها في الكثير من الجوانب التي تحتاجها الدولة في تسديد الرواتب والإلتزامات المالية الأخرى،الأمر الذي يتطلب من الجهات الحكومية أن تكون جزءا فاعلا في منظومة التغيير في الإدارة المالية للدولة من خلال العديد من المبادرات وتسريع الإجراءات الهادفة لضمان زيادة إنسيابية تدفق السيولة حتى بدون الحث والتوجيه والمبادرة بالتحويل الالكتروني الكلي لخدماتها.

مامن شك أن الإستفادة من الأنظمة الحديثة في تمرير الإيرادات غير النفطية للخزينة العامة يجب ان هدفا تسعى كل الجهات الحكومية لمضاعفة جهدها فيه وبإعتباره أحد أهم منظومات التغيير والتحديث وإضفاء الديناميكية للآداء العام في مجالات العمل كافة بعد الإستغناء كليا عن الأنظمة العتيقة.

فهذه الإجراءات يجب الإنتهاء منها بأسرع وقت ممكن للحوجة الماسة إليها في هذا الوقت بالذات، فهي إضافة لفائدتها في زيادة التدفقات المالية للخزينة العامة،فهي أيضا تسهم وبإيجابية في تسريع إجراءات العمل وإنهاء المعاملات في أوقات قياسية ، فقد كانت معضلة عدم إكمال تسديد الرسوم لإنتهاء وقت إستلام النقد تقف كعقبة كأداء لإنهاء المعاملات فيضطر المتعامل للحضورغدا فقط للتسديد متكبدا مشاق الحضور تارة أخرى وما يعنيه ذلك من تأخر وتعطيل أعماله ومصالحه الشخصية

في الواقع أن التحول الإلكتروني في الجهات الحكومية لا يزال يواجه مقاومة من نوع ما تتمثل في الكوادر التي لاترغب في إكمال هذا الإجراء لمحدودية قدراتها في إستيعابه ولخوفها من ناحية أخرى من حرمانها من آداء عملها التقليدي القديم ، كما أن أصحاب الهوى والغرض لا يحبون هذا التحول لإستحالة أو لصعوبة إختراقه ، تلك هواجس النفس الأمارة كما نعلم.

فاليوم الإيرادات المالية الإلكترونية المباشرة باتت ذات أهمية أكثر من أي وقت مضى في ظل أزمة السيولة التي يعاني منها العالم بأسرة ، وأيضا للتأثيرات المتتالية الناجمة عن إنخفاض أسعار النفط ، إضافة للسحب السوداء الناجمة عن تأثيرات فيروس كورونا والتي مابرحت تغطي سماوات كوكبنا ، كل تلك أسباب ولا أقوى تفرض ضرورة الإسراع في التحولات الإلكترونية.

فالبنك المركزي العُماني قد أصدر نظام مقاصة الدفع عبر الهاتف النقال لكافة المصارف العاملة في السلطنة في أكتوبر الفائت، وما تم من إجراءات تنفيذية لتدشين خدمة تحصيل الإيرادات الحكومية عن طريق منظومة الدفع عبر الهاتف النقال أو عن طريق رمز الإستجابة السريع (QR Code) ، فهذه وتلك خطوات يجب إستثمارها بشكل جيد في الفترة القادمة من كل الوحدات الحكومية وفق برنامج زمني ملزم التنفيذ خاصة الجهات التي لديها تعاملات كثيرة تتدفق منها مبالغ كبيرة.

نأمل أن تشارك الجهات الحكومية بفاعلية في تسريع إجراءات التحصيل المالي إلكترونيا ، والعمل على النهوض بهذه الجوانب من تلقاء نفسها وإبتكار مبادرات وخدمات نوعية تصب في هذا الإتجاه لتحقيق مضافة الإيرادات على مدار الساعة وليس ذلك بصعب اذا توفرت الإدارة والعزيمة والعمل الجاد لتغير ومواكبة التطورات التقنية.