وكيل الأوقاف: نحو 6.5 مليون إيرادات الزكاة سنوياً تذهب للمستحقين عبر نظام إلكتروني دون تدخل بشري

شوف السبت ٢٨/نوفمبر/٢٠٢٠ ١١:١٣ ص

الشبيبة - حمدة البلوشية

قال وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية سعادة د. محمد بن سعيد المعمري أن الوزارة كانت محل الاهتمام السامي منذ السنوات الأولى لبزوغ فجر النهضة في عام 1970 م، حيث أنشأت وزارة الأوقاف وبيت المال في مارس 1973 م وفي ذات العام تم تعديل مسمى الوزارة إلى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وبقي مسمى الوزارة على هذا النحو ثم دمجت بعد ذلك في عام1982 م لتكون وزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية.
 
نظرة شاملة
وأضاف سعادته في تصريحات أدلى بها لـ "الشبيبة": في عام 1997 م فُصلت وزارة العدل عن وزارة الأوقاف لتكون وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ليشمل النظر كل ما يتعلق بالإشراف على الشؤون الدينية في السلطنة، وهذه المراحل تدل على الاهتمام السامي واهتمام القيادة بهذه الوزارة لتقوم بالمهام الموكلة إليها.

وقال سعادة وكيل وزارة الأوقاف أن الوزارة تشرف على كل الأعمال الدينية بمختلف الأديان في السلطنة لأن عمان بتاريخها الطويل ومسيرتها الحضارية الكبيرة تحتضن على تربتها وفي أرضها مختلف الأديان وهذا بطبيعة الحال يحتاج إلى عناية ورعاية ومظلة الشؤون الدينية تشمل جميع من يعيش هذه على هذه الأرض الطيبة من المساجد ومختلف دور العبادة.

الرسالة
وأشار سعادته إلى أن الإرث الحضاري لعمان عميق ومتجذر، والأمة العمانية قائمة على هذا الأصل الذي يعود إلى أمرين أثنين ولو أدركناهما لأدركنا كل الجهود التي بذلت على مدار التاريخ العماني وتوجت بعد ذلك بالنهضة الحديثة عام 1970 م واستمر عليها عمل القيادة في السلطنة وصولاً إلى هذا العهد الزاهر لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه.

مضيفاً: كل هذا الامتداد التاريخي قائم على أصلين مهمين الأصل الأول هو أصل الرسالة والأصل الثاني هو أصل الرسالية والذي أعنيه بالرسالة هو رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل عمان التي بعثتها صلى الله عليه وسلم لأهل عمان وحملها عمرو بن العاص إلى عبد وجيفر ابني الجلندى في صحار وهما ملكا عمان في ذلك الوقت، هذه الرسالة التي خصت بها أهل عمان رسالة ذات مدلولات حضارية عميقة جداً وهي تؤسس لهذه الحضارة العمانية وأسهمت معها في جعل عمان على هذا الطراز التي سارت عليه طوال القرون الماضية.
 
مشيراً إلى أن اختيار النبي صلى الله لأهل عمان برسالة خاصة لم يكن بمحض الاجتهاد النبوي وإنما هو وحي يوحى من عند الله عز وجل ليبعث هذه الرسالة إلى تلك الدول في ذلك الوقت ونحن نعلم من خلال التاريخ أن النبي أرسل 5 رسائل إلى ملوك وزعماء العالم ، كما أن طريقة استقبال العمانيون لمبعوث النبي صلى الله عليه وسلم وكيفية تعاملهم برقي ومنطق متطور في استلام هذه الرسالة وفي دراستها والتشاور حولها والاقتناع بها ثم بعد ذلك اسلامهم ودخولهم عن طواعية في هذا الدين، يعطينا مدلول آخر في كيفية تعامل العمانيين مع كل منتج حضاري جديد فلا يتقبلونه مباشرة إنما يخضعونه للنظر والمشورة وهذا الذي حدث في عهد عبد وجيفر ابني الجلندى عندما وصلت رسالة الرسول صلى الله، و الأمر الثالث أنهم آمنوا بالرسالة عن طواعية.

وأضاف: الأمم تتعامل معنا على هذا الأساس في كل حقب التاريخ، ولذلك بقيت عمان مستقلة ودولة ذات سيادة ولم تستعمر عمان بكاملها في فترة من الفترات منذ 1400 سنة وعمان تملك قرارها بيدها، ولا تسمح لأحد بأن يتدخل في نظامها الداخلي وكل ما يحدث فيها كان باستقلالية تامة، والفترة التي استعمرت عمان فيها هي فترات محددة من التاريخ وليس على كامل التراب العماني وإنما عبارة عن مواضع بسيطة ومحددة في عهد الفرس والبرتغاليين.  

الرسالية
وقال سعادته أن محور الرسالية يتمثل في أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما خص أهل عمان برسالة من عنده خصهم بثناء لم يثني على غيرهم من الأمم والحضارات، وعندما آمن أهل عمان برسالة النبي صلى الله عليه وسلم كان عبد وجيفر يعدا أنفسهما بالذهاب إلى زيارة النبي صلى الله عليه وسلم بمعية عمرو بن العاص ولكن الأقدار شاءت أن يلحق النبي بالرفيق الأعلى ويصل نبأ وفاته عليه الصلاة والسلام وعمرو بن العاص موجوداً في عمان في بلاط جيفر وعبد ابني الجلندي.

وأشار إلى أن خطبة أبو بكر الصديق التي خطبها في أهل عمان ينبغي أن تدرسها الأمة العمانية وتدرسها لأجيالها، وهي مدرسة كاملة تؤسس للنظرة التي ذكرتها والأصل العميق الذي ذكرته عن أهل عمان والتربة والحضارة العمانية.

وأضاف: الرسالية قائمة على عدم السب والشتم وهذه ليست مفردات بسيطة والنبي صلى الله عليه وسلم أُعطي جوامع الكلم ومن جوامع الكلم شهادة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل عمان أنهم لا يسبون ولا يشتمون ولا يضربون، وإذا جئنا إلى تفسير معنى عدم السب وعدم الضرب أن العمانيين لا يمارسون ما يصطلح عليه الآن الإرهاب، التطرف، الكراهية، وهذه الخطابات التي ينكرها الشرع والقانون على السواء.

وأوضح سعادته: هذه الشارة التي أعطاهم إياها النبي وهذا الوسام الذي جعله النبي في صدر كل عماني لذا يتفاخر العماني بأنه متحضر راقي لا يسب ولا يشتم ولا يمارس العنف.

وقال سعادته أن الوساطات العمانية التي قامت بها عمان يرجع تاريخها إلى مدى بعيد والحكمة العمانية حاضرة في هذه الوساطات التي تقوم بها السلطنة وهي امتداد لهذه الرسالية التي أخذوها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقبول العمانيين لهذه الوساطات ودخولهم فيها وإصلاح ذات البين على المستوى الأممي والدولي هذا نابع من إيمانهم من أهمية الرسالة التي يحملونها بين أيديهم، وعمان لا تعلن عن أغلب الوساطات وتحاول دائماً أن تقوم بها في داخل الإطار الدبلوماسي والإطار السياسي بعيداً عن الأضواء، وهذه من الحكمة ومن يصلح بين الناس لا يكون دائماً ينشر ما يدور لأنه قد يؤثر سلباً على كل جهود الوساطات وجهود الإصلاح التي يراد لها .

معرض رسالة الإسلام
وقال سعادته أن مشروع رسالة الإسلام الذي بدأ عام 2010 هو امتداد لكل الجهود الحكومية التي تعمل عليها السلطنة للتعريف بحضارتها ثقافتها وتجربتها، والمقصد من تجربة معرض رسالة الإسلام نقل تجربة عمان في التعايش والوئام الإنساني والمؤتلف الإنساني على أرضها للعالم، وزار المعرض نحو 132 مدينة حول العالم في 38 دولة، ويتحدث بـ 28 لغة تغطي أكثر من 80 ٪ من لغات العالم.
وأضاف: في هذه التجربة كان ذكر عمان الطيب يسبق حضورها في تلك الدول، وحيث ما ذهبنا وحيث ما يممنا وجدنا أن قلوب الناس مفتوحة قبل بلدانهم وأن ترحيبهم بعمان قبل أن نذهب إليهم.

المؤتلف الإنساني
وحول مشروع المؤتلف الإنساني قال سعادته: مشروع إعلان السلطان قابوس للمؤتلف الإنساني يمثل تاج النهضة بعد خمسين سنة من التجربة لأن المؤتلف الإنساني يجمع عصارة تجربة السلطان قابوس تحت مظلة واحدة،  لذلك جاء إعلان السلطان قابوس للمؤتلف الإنساني ليشمل المجالات السياسية والدينية، الثقافية وغيرها وعصارة التجربة التي حققتها عمان طوال العقود الخمسين سنة الماضية وهو في فكرته الأساسية يهدف إلى أن يكون الناس كلهم تحت مظلة الإنسانية دون تفريق بينهم ، وأن الذي يربط بين البشر هو وئام وعقد الإنسانية أو الرباط الإنساني وهو الرباط الأعمق والأقوى لذلك جاء هذا المشروع ليعلي شأن الإنسانية ويعلي شأن الرباط الإنساني ويجعله هو أساس التعامل بين الجميع.

قطاع المساجد
وحول قطاع المساجد، قال سعادته: قطاع المساجد من أهم القطاعات لدى الوزارة، مضيفاً: لدينا كثافة عالية للمساجد بأكثر من 16 ألف جامع ومسجد في السلطنة، وتقوم هذه المساجد بأدوارها ورسالتها وواجبها الديني في المجتمع.
وأكد سعادته أن أكثر من 90 ٪ من المساجد التي بنيت في عمان كانت بتمويل من المجتمع نفسه، وهي دليل اهتمام العمانيين بالمساجد وبيوت الرحمن وحرصهم عليها والاهتمام ببنائها.

وقال سعادته: في الوضع المستقبلي لا بد من إعادة النظر في كثافة المساجد وكثرتها، فنعمل خلال الفترة القادمة ألا يبنى المسجد إلا على الحاجة الفعلية الحقيقية وفي المخططات السكنية الجديدة لأننا وصلنا إلى اكتفاء في المخططات السكنية القديمة لذلك لن يكون هناك مجال لبناء مساجد جديدة في مخططات سكنية قديمة، ونريد من خلال العناية بالمساجد نريد أن يكون دورنا فيها دور تشاركي مع المجتمع

وأضاف سعادته: قامت الدولة طوال سنوات النهضة المباركة بتمويل خدمات المساجد بدفع فواتير الكهرباء والمياه، ولم يكن المجتمع يدفع أي شيء من ذلك، مع ازدياد عدد الجوامع والمساجد ووجود أوقاف لها  فسيكون تمويل دفع فواتير الكهرباء على أوقاف المسجد نفسه وهذه هي المعادلة الطبيعية ، فكل مسجد لديه أوقاف وهذه الأوقاف هي التي تقوم بالعناية بمرافق المسجد والزيادة فيها ، وكبعد استراتيجي ومستقبلي حتى المساجد التي تبنى حديثاً سيصرح لها بالبناء وهي قليلة فقط في الحاجة القصوى ستكون مطالبة بأن توجد وقف لتحمل التكاليف التشغيلية.
 
وأوضح سعادته: كان التمويل الحكومي هو المعول عليه طوال العقود الماضية والآن هناك مبادرة لتعزيز إدارة الأوقاف ضمن مبادرات خطة التوازن المالي، مشيراً إلى وجود أكثر من ٥٠ نوعاً من الأوقاف وإذا تم العمل فيها بطريقة استثمارية وذكية وحديثة ستقوم بتغطية كل نفقات الجوامع والمساجد ولن يكون هناك حاجة للتمويل الحكومي عليها،  الآن الأوقاف قائمة بالكثير من الجهود ولديها استثمارات كبيرة جداً ولكن ينبغي أن نوائم بين الاستثمارات الموجودة في الأوقاف وبين الحاجة الفعلية للمساجد والجوامع ومدارس القرآن الكريم لتغطية هذه النفقات التشغيلية وهذه معادلة نعلم عليها من خلال هذه المبادرات ومن خلال تحسين الجو الاستثماري للأوقاف، قانون الأوقاف يغطي كثير من هذه الجوانب والمرسوم السلطاني الذي صدر بتعديل قانون الأوقاف والذي نص في المادة ٩ على إنشاء المؤسسات الوقفية ليكون لها دور كبير جداً كمؤسسات وقفية في إدارة واستثمار أموال الأوقاف بطريقة جديدة.
 
وأضاف سعادته: لا يوجد وقف في عمان إلا وحددت المنافع التي تصرف عليه كمنافع بر وإحسان وقفاً لمسجد، وقفاً لمدرسة، وقفاً لأيتام، وقفاً للمرضى، وقفاً للتعليم، وقفاً لحمام الحرم حيث دأب العمانيون بأن يأخذوا معهم بعض المحاصيل كالشعير وغيرها إلى حمام الحرم في مكة وهذا النوع من الوقف كان ولا يزال موجوداً في عمان إلى اليوم، إضافة إلى أوقاف الرباط للحجاج والمعتمرين العمانيين التي يتجاوز عمرها أكثر من 200 سنة كإرث حضاري وتاريخي للعمانيين.

قطاع الزكاة
وفيما يتعلق بأموال الزكاة قال سعادته: أموال الزكاة لا تدار بمعنى استثماري، فالزكاة إغاثية عاجلة وتكون من الذي تجب عليه الزكاة إلى الأصناف الثمانية المذكورة في القرآن الكريم. وأضاف: طورت الوزارة منظومة الزكاة خلال السنوات الماضية حتى وصلت الآن إلى منظومة متكاملة محوكمة وبقالب حضاري ومركزي، والنظام الإلكتروني للزكاة الذي بدأ في عام 2016 قطع شوطاً كبيراً في بلورة فكرة الزكاة في سلطنة عمان.

وأشار سعادته إلى أننا لسنا من الدول التي تسعى إلى أن تكون الزكاة هي الأداة التي تجلب منها الأموال لخزينة الدولة أو بالإجبار والإكراه، مضيفاً: نحن نأخذ بالرأي الفقهي "لا إكراه في الدين" وأن الزكاة مثل الصوم والحج تكون من تلقاء الإنسان نفسه ولا يجبر عليه.

وأوضح أن نظام الزكاة الالكتروني متكامل يقوم بالربط بين أطراف العلاقة في مسألة الزكاة، وهذا البرنامج يدير العملية بالكامل بدون تدخل بشري، هذه التجربة أثبتت نجاحها وأكسبت الثقة للمجتمع في التعامل مع النظام الإلكتروني وخير دليل على ذلك تنامي إيرادات الزكاة من خلال المنصة بعد أن كانت 200 ألف في السنة الأولى من التدشين وصلت الآن إلى قرابة أكثر من 6.5 مليون ريال عماني في العام الواحد وتذهب مباشرة إلى المستحقين عن طريق نظام إلكتروني بدون تدخل بشري.