لا ينبغي القفز على رأي الاغلبية !..

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٥/نوفمبر/٢٠٢٠ ١٩:١٦ م
لا ينبغي القفز على رأي الاغلبية !..

مسقط - الشبيبة

بقلم:علي المطاعني

 

تابعت الجدل المحتدم حول سرية أو علانية جلسة مناقشة الميزانية العامة للدولة في مجلس الشورى ، والنتيجة كانت تصويت 60 عضوا بسريتها في حين صوت 21 عضوا بعلانيتها ، وما أثير حول ذلك من لغط وتحليلات وإستنتاجات وإرهاصات وصل لحد تبادل الإتهامات ، بل أن البعض كان يطالب بأمور كأنها ليست متاحة أصلا حول تقاسم القرار أو الإفصاح حول أين تذهب الأموال إلى غير ذلك من مطالب بعضها غير دقيقة وغير صحيحة أن تثار في الأوساط المحلية ، ودلالات ذلك من إستنهاض للضبابية نقيضة الشفافية حول الواقع الصحيح والمعاش في بلادنا .

مشهد يحتم علينا ضرورة الإيمان بالديمقراطية البرلمانية التي ارتضيناها بكامل إرادتنا الحرة من خلال إنتخاب أعضاء مجلس الشورى وما أتخذوه من قرار بسرية الجلسة ، إستجابة لطلب الحكومة من المجلس كإستثناء كما نصت عليه الأطر المنظمة لجلسات المجلس ، فلا يجب أن نعترض على قرار أُتخذ بأغلبية ثلثي الأعضاء وهم عينهم الذين يمثلون الشعب العُماني ، ولا ينبغي أن نقفز على قرارات أُتخذت بالأغلبية ، ولا يتعين تأويل الأمور والمس بالأعضاء الآخرين أو نشر أسماءهم فهذا يعد أمرا مرفوضا باعتباره يدخل في سرية العمل البرلماني الذي يجب أن نقدس نظامه ونحترم خياراته وقراراته.

البعض قلل من أهمية الجلسة السرية لمناقشة موضوع سوف يخرج للعلن في الأول من يناير القادم بإذن الله عندما تُعلن الميزانية العامة للدولة ، ولا يرى مبررا للسرية خاصة بعدما أفصحت الحكومة عن الجوانب المالية والمديونية والعجز إلى غير ذلك من أرقام ومؤشرات حول الوضع المالي للدولة .

غير أن الأمر لا يتعلق بهذا المنحى ، فمبدأ الشفافية والإفصاح المتاح في السلطنة والحسابات المالية التي تُنشر سواء من وزارة المالية أو فريق التوازن المالي والبنك المركزي العُماني والمركز الوطني للإحصاء والمعلومات قد لا تنشرها أي دولة في العالم بتلك الكمية والنوعية من البيانات الإحصائية ، إلا أنه وللآسف الشديد هناك من لايقرأ ، وإذا قرأ لايستنبط النتائج والدلالات فيذهب بعيدا عن لغة الإحصائيات والأرقام .

على ذلك لا نعتقد أن الحكومة لا ترغب في أن يطلع الشعب على الإحصائيات والبيانات التي تتضمنها الميزانية ، فهي سوف تطلعه حتما على كل التفاصيل يوم نشرها بالجريدة الرسمية كالعادة مع بيانات وزارة المالية كما يحدث سنويا ، بل هي ترغب أكثر من أي وقت مضى في إطلاع الرأي العام على الأوضاع كلها بالدولة لكي يقف على كل صغيرة وكبيرة بوطنه .

لكن الحق يقال فالحكومة وعندما طالبت بسرية الجلسة وإستجاب المجلس بالأغلبية فهذا أمر إجرائي روتيني بين السلطتين التنفيذية والتشريعية والرقابية ، وهو بذلك لايحتمل التأويل والتضخيم فالجميع يعمل لهدف وأحد ، والجميع على متن سفينة واحدة تبحر بحول الله وقوته نحو شواطئ الأمان .

ثم أن علينا أن نتفهم بأن الظروف الراهنة الإقتصادية والصحية تستوجب منا المزيد من التكاتف والتعاضد لمواجهة التحديات المعروفة ، وبالتالي ينبغي علينا أن نصطف خلف الحكومة في هذه الظروف ، وجميعنا يعلم بأن الواقع يفرض تحديات واضحة وبينة هي الأعنف في تاريخ البشرية الحديث .

كما أنه من المؤسف أن نسمع بعض الأصوات تزعم بأن الإعلام هو الذي أوعز لأعضاء مجلس الشورى للتصويت بعلانية الجلسات ، ‏فهل ياترى يوم زعموا كانوا يرون بأن أعضاء المجلس هم أطفال لم يبلغ الرشد بعد حتى يتم توجيههم إعلاميا بما يتعين عليهم عمله ، فالإعلام كما هو معروف ليس له أي دور تشريعي أو تنفيذي ، كل الذي يفعله هو إنه ينقل الصورة كما هي وبحيادية تامة ، كما إنه يمارس دوره المعروف بالتقويم والتصحيح تماما كما يراقب آداء السلطة التنفيذية بذات الحيادية واجبة الإتباع .

نأمل ‏أن نكون أكثر واقعية في إنتقاداتنا ، وأن نحترم الخيارات الحرة لأعضاء المجلس عندما تناولنا لفعالياته ولمداولاته الهادفة يقينا مؤكدا لإرساء دعائم المصلحة العامة وإعلاء كعب الوطن إقتصاديا وتنمويا ، فالديمقراطية في معناها الأنصع تعني إحترام رأي الأغلبية وبصدر رحب وببشاشة تنم عن سعادة مؤكدة .