مسقط - الشبيبة
أكد المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط د.أحمد المنظري ، الإقليمي في جلسة الإحاطة الإلكترونية ، على أن الإصابات في الأقليم في تزايد ، و الاتجاهات الأخيرة مثيرة للقلق الشديد - كما هو الحال في أوروبا والأمريكتين،وإذا لم نتحرك الآن سيتجرّع ملايين آخرون من الناس مرارة فقدان أحبّائهم كما حدث بالفعل مع ملايين الناس. ولا يمكننا - ولا ينبغي لنا - أن ننتظر حتى يتوفَّر لقاح مأمون وفعّال للجميع بسهولة، لأننا ببساطة لا نعرف متى سيحدث ذلك.
وقال المنظري في بيانه ، الآتي: .
الزميلات والزملاء والأصدقاء الأعزاء،
أشكركم على الانضمام إلينا اليوم في جلسة الإحاطة الصحفية الإلكترونية الأولى مع وزراء وكبار مسؤولي الصحة في الإقليم. وبينما نُطلعكم عادةً على آخر المستجدات المتعلقة بكوفيد-19 من خلال الإحاطات الصحفية التي تُقدَّم كل أسبوعين، من المهم أيضاً أن نكون على دراية بالجهود الكبيرة التي تبذلها البلدان للتصدّي لهذه الجائحة.
وأودُّ، قبل أن أترك الحديث للوزراء وكبار مسؤولي الصحة الموقَّرين، أن أُطلعكم بسرعة على مستجدات الوضع الحالي في إقليم شرق المتوسط.
أبلغَ إقليمنا عن أكثر من 3.6 مليون حالة إصابة بمرض كوفيد-19 من بين 55 مليون حالة على مستوى العالم. وهي الحالات التي أبلغت بها وزارات الصحة منظمة الصحة العالمية وعادةً ما تشمل حالات الإصابة الوخيمة التي تستقبلها المستشفيات. ونعتقد أن العدد الفعلي للحالات المؤكَّدة في جميع أنحاء الإقليم أعلى من ذلك، ولا تزال الاتجاهات الأخيرة مثيرة للقلق الشديد - كما هو الحال في أوروبا والأمريكتين.
وبينما أبلغ ثلاثة بلدان عن أكثر من 60% من جميع الحالات خلال الأسبوع الماضي - وهي إيران والأردن والمغرب - لا تزال عدة بلدان أخرى تشهد زيادة في عدد الحالات، ومن بينها لبنان وباكستان. ومن البلدان التي سجَّلت أكبر زيادة في الوفيات الأردن وتونس ولبنان.
وتشير هذه الاتجاهات مرة أخرى إلى أننا بحاجة إلى نهج شامل للتعامل مع الجائحة - ويشمل ذلك مواصلة تعزيز تدابير الصحة العامة التي ثبتت جدواها، والتقيُّد المستمر بتدابير الحماية الشخصية التي نعرف فائدتها، وتطبيق التدابير الاجتماعية المختارة والموجَّهة نحو هدف محدد، مثل حظر الخروج. ولن تتمكّن أي من هذه التدابير، في حد ذاتها، من مكافحة هذه الجائحة.
وفي الواقع، فإننا نلاحظ الآن عيوب الاعتماد المفرط على بعض التدابير الاجتماعية التقليدية التي طُبّقت في بداية اندلاع الجائحة، مثل ما يُطلَق عليه "حظر الخروج". ومن الواضح أن الزيادات التي نشهدها الآن تنجم عن تخفيف إجراءات حظر الخروج والقيود المفروضة، التي نجحت في مكافحة الجائحة في إقليمنا خلال شهريْ تموز/يوليو وآب/أغسطس.
لكن حظر الخروج يمكن فقط أن يحُد من انتقال العدوى إلى حد معين - وبمجرد إعادة فتح البلدان والمجتمعات، سينتشر المرض إذا لم تواصل الحكومات التنفيذ الفعّال لتدخلات الصحة العامة التي أثبتت فعاليتها، وإذا لم يلتزم الناس بتدابير الوقاية الشخصية بصرامة.
وعلى الصعيد الإقليمي، شُكّل فريق عمل وزاري لاستعراض الدروس المستفادة من البلدان خلال الشهور التسعة الماضية، وتقديم التوصيات الرئيسية إلى البلدان في الوقت الذي تقوم فيه بتكييف استراتيجياتها وتنقيحها. وسينطوي ذلك أيضاً على مزيد من التنسيق من جانب البلدان التي تشترك في الحدود.
وقد جاءت الأخبار الأخيرة عن احتمالية توفير لقاح واحد أو أكثر ضد كوفيد-19 لتعطينا بارقة أمل، ولكن اللقاح ليس الحل السحري لإنهاء هذه الجائحة. ولا يزال هناك خطر لانتقال الفيروس من الأشخاص الحاملين له إلى الآخرين حتى يحصل الجميع على اللقاح الفعّال.
واود الاشاره هنا الى انه على الرغم من ان التدابير الوقائية التي نعلم أنها جيدة النفع ومفيدة في الوقت الحالي ومنها استخدام الكمامات لا تطبق تطبيقاً كاملاً في إقليمنا،. ولا يلتزم الناس بالتباعد البدني بصرامة، علماً بأنه أحد أكثر الطرق فعالية لمنع انتقال المرض. ونشهد في العديد من البلدان تدهوراً مقلقاً في الالتزام بهذه التدابير وغيرها من تدابير الصحة العامة.
وبينما نثق في أن المجتمعات المحلية تتخذ إجراءات لحماية نفسها وغيرها، قد تحتاج البلدان إلى اتخاذ قرارات صعبة وتطبيق تدابير أكثر صرامة لضمان التزام سكانها بالتدابير التي أثبتت جدواها.
واليوم، أودُّ أن أقول للجميع في إقليم شرق المتوسط: إن هذا ليس الوقت المناسب للاسترخاء. فالدروس المستفادة من آسيا، حيث تتراجع أعداد الإصابات بكوفيد-19 بصورة مطردة، تخبرنا أن تعزيز تدابير الصحة العامة ومشاركة المجتمعات المحلية هما أكثر الطرق فعالية لاحتواء انتشار الفيروس. وقد أكَّدنا على هذا الأمر مراراً وتكراراً.
وبينما يقع على عاتق البلدان التزام بفعل المزيد للتعرُّف على كل حالة إصابة وتتبُّع جميع المخالطين لها، فكلما زاد عدد الأشخاص الذين يساهمون في كسر سلسلة سراية المرض، سيصبح من الأسهل التعرُّف على الحالات واحتواء الفيروس قبل أن ينتشر على نطاق واسع.
وتناضل النُظُم الصحية في إقليمنا، بغض النظر عن مستوى تطورها، من أجل مواجهة حالات الإصابة المتزايدة. ويكافح العاملون الصحيون في الخطوط الأمامية نفسياً وبدنياً. كما تضرَّر المرضى الذين يعانون من أمراض أخرى تتطلب رعاية طبية وعلاجاً، حيث تمتلئ أسِرَّة المستشفيات ووحدات الرعاية المركزة.
وإذا لم نتحرك الآن سيتجرّع ملايين آخرون من الناس مرارة فقدان أحبّائهم كما حدث بالفعل مع ملايين الناس. ولا يمكننا - ولا ينبغي لنا - أن ننتظر حتى يتوفَّر لقاح مأمون وفعّال للجميع بسهولة، لأننا ببساطة لا نعرف متى سيحدث ذلك.
وقد أُصيب ما يزيد على 3 ملايين شخص بالعدوى، وتوفي 76000 شخص في إقليمنا خلال الأشهر التسعة الأولى من اندلاع الجائحة. وقد تتعرَّض حياة عدد مماثل من الناس - إن لم يكن أكثر - للخطر خلال الأشهر التسعة المقبلة. ويتعيّن علينا منع هذا الهاجس المأساوي من أن يصبح حقيقة واقعة، كما يجب علينا أيضاً أن نعالج التصدعات التي ظهرت في نُظم الرعاية الصحية، لمنع حدوث ذلك مرة أخرى.