مسقط - الشبيبة
بقلم : علي المطاعني
في الوقت الذي نقدّر فيه عاليًا كل الجهود المبذولة للحدّ من تأثيرات فيروس كورونا، ونشيدُ بتشديد الإجراءات المتبعة في هذا الشأن، إلا أن تأثيراتها ووطأتها على الجوامع والمساجد تبدو أكثر شدّة وحَزما، سواء بمقارنتها مع غيرها من الأماكن العامّة كالمحلات والمجمعات التجارية والأسواق أو مع إجراءات فتح المساجد في بعض الدول. الأمر الذي يطرح تساؤلات حول ماهية التعاطي الصارم مع فتح المساجد التي طال أمدُها أكثر من غيرها من الأمكنة، وبعد تأخير طويل مقارنة مع بعض الدول.
الأمر الذي يتطلب من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية النظر في تخفيف بعض الإجراءات، والتسهيل على عباد الله للصلاة في الجوامع والمساجد ومراعاة المواقع الجغرافية وتوزيع المساجد في القرى، وكما هو معلومٌ فإن اشتراطات فتح المساجد تنصّ على أن لا يقل سعة الجامع أو المسجد عن 400 مصلٍّ، وأن يتم تطبيق التباعد الاجتماعي، وأن لا يزيد زمن الصلاة على 25 دقيقة، وتُسحب المصاحف والكتب وتُغلق دورات المياه، مع ضرورة تعقيم اليدين.لكن الأمر المثير للجدل في هذه الاشتراطات هو أنها ألقت المسؤولية كاملة في تطبيق هذه الإجراءات على وكلاء المساجد دون غيرهم من الناس.
ولا نشك أن الاشتراطات التي أُعلنت تهدف بداية ونهاية للوقاية من تداعيات الفيروس، غير أننا نجد في الإجراءات المتخذة بشأن المساجد الكثير من التشدد خاصة سعة المساجد التي حُددت ب 400 مصلٍّ، فمن مجموع 16 ألف جامع ومسجد، سيُتاح فقط في المرحلة الأولى ل 3000 منها بإقامة الصلاة فيها في ولايات السلطنة كافة شرْطَ تطبيق القيود الجديدة، وذلك يعنى أن تركيز المصلين سيكون على المساجد الكبيرة في كل ولاية، وبالتالي سيُفضي لازدحامها بالمصلين، وهو العقبة الكأداء أصلا في منظومة الحذر من الفيروس، وفي رأينا كان الأفضل للوزارة أن تسمح لكل المساجد بالعمل لكن بنصف طاقتها أو أقل لكي يسهل توزيع المصلين على المساجد بشكل انسيابي مريح للجميع، خاصة إذا علمنا أن المساجد منتشرة في قرى صغيرة وأعداد المصلين أيضا قليلون مقارنة بحجمها، ومع تطبيق الإجراءات واتباع الإرشادات الصحية الوقائية سوف تكون الأمور أفضل من تجمع المصلين في مساجد محدودة في كل ولاية.. الجانب الآخر هو تحميل وكلاء المساجد مسؤولية ضبط المصلين وتنظيم دخولهم وتنفيذ كل الاشتراطات المعلنة، والله تعالى يقول «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها» ويقول: «لا يكلّف الله نفسا إلا ما أتاها» فهذه الأغلال على أعناق وكلاء المساجد لا طاقة لهم لأنهم أناس عاديون لا يملكون أي سلطة أو وسائل للنهي أو المنع أو الأمر وليست لديهم الضبطية القضائية، فمخالفة التعليمات هي أخطاء فردية يتحملها الفرد ويتحمل تبعاتها كاملة تماما كما يحدث في كل مناحي وجوانب الحياة.
وإذ نظرنا لحقيقة أن وكلاء المساجد يضطلعون بهذه المسؤولية دون أي مقابل يذكر لأنهم يبتغون مرضاة الله عز وجل، لا يمكن أن نحمّلهم هذا التكليف الثقيل لأن ذلك قد يدفعهم إلى التراخي في فتح المساجد التي يشرفون عليها ويبعدون أنفسهم عن كل ما يرهقهم تحت تأثير التبعات القانونية والشرعية وما ينتج عن ذلك من عقوبات هم في غنى عنها، بل إن بعض الوكلاء أعلنوا رفضهم فتح المساجد واعتذروا للمصلين في القرى والولايات نتيجة للإجراءات والمسؤولية المترتبة عليها، وخوفا من تزاحم المصلين على الجوامع والمساجد الكبيرة فيزداد الأمر سوءا لا سمح الله ويسرع في انتشار فيروس كورونا، نأمل من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية أن تُراجع بعض الاشتراطات الخاصة بتحديد السعة تلافيا لما قد يترتب عليه من تزاحم، وتُخفّف الأعباء على وكلاء المساجد، وتوجد آلية أخرى ترفع عنهم هذه المسؤولية الثقيلة بالتعاون مع جهات الأمنية خاصة لمصلحة الجميع.