بيروت – ش – وكالات
بينما تتصاعد حدة الخلافات بين فرقاء الأزمة السورية، لاسيما مع تمسك تلك الأطراف بمواقفها خلال مفاوضات جنيف، تشهد وقائع الحرب اليومية في سوريا تصاعدا، حيث تتكثف الأعمال العسكرية في محافظة حلب في شمال سوريا وبرز يوم أمس السبت تقدم تنظيم داعش على حساب الجيش السوري والفصائل المقاتلة على حد سواء، ما يشكل ضغطا على المفاوضات الصعبة المستمرة في جنيف.
وزادت المعارك من سوء الاوضاع الانسانية في ريف حلب الشمالي وتحديدا قرب الحدود التركية، حيث اكتظت مخيمات النازحين الموجودة اصلا في المنطقة والتي باتت على بعد كيلومترات من جبهات القتال بين تنظيم داعش والفصائل المقاتلة.
وفي محيط بلدة خناصر في ريف حلب الجنوبي الشرقي، واصل المتطرفون تقدمهم ضد قوات النظام ليسيطروا على قرى وتلال عدة.
وتعد خناصر بلدة ذات اهمية للجيش السوري كونها تقع على طريق الامداد الوحيدة التي تربط حلب بسائر المناطق الخاضعة له والمعروفة بطريق اثريا خناصر. وفي ريف حلب الشمالي، وتحديدا قرب الحدود التركية، يتقدم تنظيم داعش على حساب الفصائل الاسلامية والمقاتلة، وفق المرصد.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن "تمكن تنظيم داعش من الفصل بين مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة بين مدينة اعزاز، معقلهم في ريف حلب الشمالي، وبلدة دوديان إلى الشرق منها". وبالنتيجة، "باتت الفصائل المقاتلة في دوديان بحكم المحاصرة".
ومنذ بداية الشهر الحالي، تخوض فصائل مقاتلة بمعظمها وبينها فصيل "فيلق الشام" المدعوم من انقرة، معارك ضد تنظيم داعش في القرى المحاذية للحدود التركية في ريف حلب الشمالي. واجبرت هذه المعارك عشرات الآلاف على النزوح من منازلهم ومخيماتهم خلال اليومين الفائتين.
وأعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش" ان "زحف داعش أجبر في 13 و14 ابريل ما لا يقل عن نصف سكان مخيمات اللاجئين شرق اعزاز قرب الحدود التركية البالغ عددهم 60 الف نسمة على الفرار". ويضاف إلى هؤلاء آخرون فروا من القرى التي تشهد المعارك، ليضافوا إلى عشرات آلاف اللاجئين المكتظين اصلا في مخيمات قرب الحدود التركية.
واوضح جيري سمبسون من "هيومن رايتس ووتش" والمتواجد على الجهة التركية من الحدود لفرانس برس "لم يتأثر 30 الفا فقط بتقدم تنظيم داعش، فمن قبل كان هناك 120 الف نازح على الاقل في هذه المنطقة".
واضاف "جميع الذين تأثروا بالوضع الحالي يعيشون في مخيمات، وان كانوا لم يتعرضوا لهجوم من قبل تنظيم داعش الا انهم حاليا على بعد ثلاثة إلى سبعة كيلومترت من الجبهات".
ولا تزال الحدود التركية مقفلة امام النازحين، الذين يفترش بعضهم العراء.
ولا تقتصر المعارك في حلب على جبهات تنظيم داعش، إذ تخوض قوات النظام السوري معارك ضد جبهة النصرة والفصائل المقاتلة المتحالفة معها في ريف حلب الجنوبي والمناطق الواقعة شمال مدينة حلب.
وتستكمل قوات النظام هجوما شمال المدينة هدفه محاصرة الاحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المقاتلة. واعربت واشنطن الجمعة عن "قلقها بشأن العنف في مدينة حلب ومحيطها".
وفي مكالمة هاتفية، ابلغ وزير الخارجية الاميركي جون كيري نظيره الروسي سيرجي لافروف ان "الولايات المتحدة تنتظر من روسيا حض النظام على الالتزام بوقف الاعمال القتالية، فيما نحن سنعمل مع المعارضة من اجل القيام بالامر ذاته".
وتعد معارك حلب الحالية الاكثر عنفا منذ بدء تنفيذ الهدنة. وبرغم ان الاتفاق يستثني جبهة النصرة وتنظيم داعش، الا ان انخراط جبهة النصرة في تحالفات عدة مع فصائل مقاتلة من شأنه ان يهدد الهدنة.
وتتزامن تلك التطورات مع جولة جديدة من مفاوضات صعبة مستمرة في جنيف استؤنفت الاربعاء، وستتركز على الانتقال السياسي والحكم والدستور. وليس هناك اي لقاءات محددة مع موفد الامم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا أمس سبت، واليوم الاحد، على ان تستأنف غدا الاثنين، ما يمنح الاطراف المعنية الفرصة لدراسة ما تم بحثه حتى الآن.
والتقى دي ميستورا الجمعة وفدي الحكومة السورية والهيئة العليا للمفاوضات، الممثلة لاطياف واسعة من المعارضة السورية.
وقال بشار الجعفري رئيس الوفد الحكومي "ناقشنا مع السيد المبعوث الدولي ورقته حول المبادئ الاساسية للحل السياسي في سوريا (...) ونقلنا له التعديلات السورية" التي اوضح انه سيتم نقاشها بعمق في جلسة غدا الاثنين.
واكد مصدر في الهيئة العليا ان لقاء سيعقد مع دي ميستورا غدا الاثنين. وسلم دي ميستورا وفدي الحكومة والمعارضة في ختام الجولة السابقة ورقة تتضمن "نقاط التوافق" التي استخلصها خلال اجتماعاته وتتضمن "مبادئ اساسية لحل سياسي في سوريا" من دون ان تتطرق إلى مصير الاسد أو تأتي على ذكر تشكيل هيئة حكم انتقالي.