مسقط - الشبيبة
نفذ الاتحاد العام لعمال السلطنة اليوم الأربعاء ندوة افتراضية بعنوان (المساكن العمالية بين التنظيم والعشوائية)، بمشاركة مختصّين من مجلس الشورى، ووزارة العمل وغرفة تجارة صناعة عُمان، والهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة، وبلدية مسقط.
وهدفت الندوة إلى التعرف على الاشتراطات الأساسية التي يجب توافرها في المساكن العمالية، ودور الجهات المعنية في التنظيم القانوني لهذه الاشتراطات ومراقبة تنفيذها، وأبرز تحديات تنظيم المساكن العمالية.
افتتحت الندوة التي أدارتها الإعلامية أمل بنت طالب الجهورية بمشاركة سعادة/هلال بن حمد الصارمي - رئيس اللجنة الصحية والبيئية بمجلس الشورى - تحدث من خلالها حول قضية مزاحمة المساكن العمالية للأحياء السكنية، مشيرًا إلى أن تزاحم المساكن العمالية والتنظيم العشوائي لها ساهم سابقًا في تفشي واكتشاف عدد من الأمراض والأوبئة أكثرها في القوى العاملة الوافدة كان آخرها انتشار جائحة كورونا التي عصفت بالعالم أجمع، ومؤكدًا سعادته أن لمجلس الشورى متابعات مستمرة لموضوع المساكن العمالية، وقد عقد عددًا من الاجتماعات في فترات سابقة، وقدم دراسات متكاملة لمعالجتها، حيث تم رفعها للجهات المختصّة وجاري متابعتها.
وتطرق فهد بن حميد الحضرمي - المدير المساعد لدائرة السلامة والصحة المهنية بوزارة العمل - إلى دور الوزارة في مراقبة المساكن العمالية في فترة جائحة كورونا، موضحًا بأن الوزارة أوجدت التشريعات المنظمة لذلك من خلال إصدار اللائحة التنظيمية لتدابير السلامة والصحة المهنية في بيئة العمل، والتي تتضمن الاشتراطات اللازم توافرها في أماكن ومرافق العمل، مضيفًا بأن لجنة السلامة والصحة المهنية بالوزارة تدرس عددًا من الإجراءات في هذا الشأن بما يتناسب مع تغيرات المرحلة الراهنة، وأضاف الحضرمي: "تتلقى الوزارة العديد من البلاغات والمخالفات منها ما يتعلق بالمساكن العمالية، وتقوم في إطار ذلك بزيارات ميدانية للتأكد منها، ومن ثم محاولة إيجاد حلول لها من خلال الحوار، إضافةً إلى ذلك يتم تحويل بعض المنشآت المخالفة للإدعاء العام بعد استنفاد كافة الحلول معها وعدم التزامها بتطبيق ما يتم الاتفاق عليه".
من جانب آخر أوضح أسامة بن سعيد السيباني - مدير دائرة التطوير الاقتصادي ببلدية مسقط - أن البلدية تعمل على مراجعة كافة التشريعات والوقوف على الثغرات من ضمنها عقود الإيجار، وكذلك القيام بعمليات التفتيش، ولكن لازالت التشريعات غير صارمة لمرتكبي المخالفات، الأمر الذي يتطلب أن تكون هناك تشريعات رادعة لهم".
وأشار محمد بن حمود العبري - مدير دائرة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بغرفة تجارة وصناعة عُمان - إلى أهمية توفير المدن والمساكن العمالية المنظمة، لأن هناك استغلال واضح من قبل القوى العاملة الوافدة لهذه الأوضاع، وعامل مساهم لزيادة انتشار ما يسمى بظاهرة "التجارة المستترة"، موضحًا بأن تنظيم المساكن العمالية عامل محفز لإقبال واستمرار القوى العاملة في العمل وللتنمية الاقتصادية في البلاد من خلال جذب الاستثمارات إلى السلطنة، وإهمالها يتسبب في تمدد تأثيرها إلى القطاعات الأخرى لا سيما قطاع السياحة والتي نذكر منها على سبيل المثال تواجد القوى العاملة بشكل عشوائي في المناطق والمنازل الأثرية القديمة، والتي تؤثر سلبًا على مرتاديها من السياح.
وكأنموذجٍ رائد في مجال تنظيم المساكن العمالية، تطرق محمود بن حمود الرواحي من قطاع الرقابة والالتزام بالهيئة العامة للمناطق الاقتصادية والمناطق الحرة إلى تجربة (قرية النهضة للعمال) في الهيئة، مشيرًا إلى إلى أنه تم افتتاح القرية في عام 2017م، وقد جاءت بانسجام تام مع المرافق الأساسية التي تضمن رفاهية العمال ووفق الاشتراطات الصحية اللازمة، وتضم القرية 17 ألف عامل بنسبة إشغال تقدر92% و16960 سرير، موضحًا بأن هناك خطة توسع وتطوير للقرية بتكلفة تقدر حوالي 50 مليون ريال عماني لتصل الطاقة الاستيعابية لها قرابة 31 ألف سرير، وأضاف محمود الرواحي بأن: "أحد أبرز التحديات في إنشاء المدن العمالية هو عدم وجود إطار تنظيمي موحد لها، ومن الأهمية بمكان العمل عليه في أقرب فرصة، الأمر الذي يساهم في نقل تجربة قرية النهضة للعمال إلى المناطق الأخرى في السلطنة".
الجدير بالذكر أن الندوة قد خرجت بعدد من التوصيات، وهي:
مراجعة المعايير والاشتراطات القانونية والصحية التي يتطلب توافرها في المساكن العمالية وآليات الرقابة على تنفيذها.
مواصلة الجهود المبذولة والتعاون المستمر بين الجهات التنظيمية والرقابية المعنية بالمساكن العمالية، واستحداث أنظمة عمل أكثر مرونة وفاعلية بعد إعادة هيكلة مؤسسات الدولة تنسجم مع الرؤية المستقبلية "عُمان 2040"، وإيجاد سياسات وطنية فاعلة تستهدف تنظيم المساكن العمالية.
تفعيل واستخدام التقنيات الحديثة وتوظيف معطيات العصر فيما يتعلق بالرقابة على المساكن العمالية وتحديث أطره وهياكله؛ نظرًا للتزايد المستمر في أعداد المنشآت العاملة في السلطنة استئناسًا بخطط وبرامج منظمة العمل الدولية.
دعوة القطاع الخاص للاستثمار في المساكن العمالية انطلاقًا من المسؤولية الاجتماعية وإنشاء مدن عمالية استرشادًا بقرية النهضة للعمال الواقعة بالمنطقة الاقتصادية بالدقم ومبادرة بلدية مسقط لإنشاء مدينة عمالية للقوى العاملة الوافدة، وتعزيز مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتقديم الحوافز والمزايا والإعفاءات التي تساعد على جذب هذا النوع من الاستثمارات.
دعوة الحكومة لتحديد وتخصيص (مخططات سكنية) في مختلف محافظات السلطنة لإنشاء مدن عمالية خارج الأحياء السكنية تتوفر بها مختلف المرافق الخدمية وبأسعار مناسبة للقوى العاملة الوطنية والوافدة.
إعادة النظر في الاشتراطات التنظيمية والصحية للمساكن العمالية، للحد من معدلات الجريمة وتلوث البيئة وانتشار الأوبئة.
تنظيم حوارات مستمرة للاستماع إلى وجهات نظر أطراف الإنتاج المختلفة فيما يخص المساكن العمالية والسياسات المستقبلية لضمان استدامة الاستثمار وتحقيق شراكات تنموية فاعلة.