النفط لن ينتهي بهذه السهولة (2 من 3)

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٧/أبريل/٢٠١٦ ٠٥:٥٥ ص
النفط لن  ينتهي بهذه السهولة (2 من 3)

مرتضى بن حسن بن علي

إن الولايات المتحدة وكندا مرشحتان لنمو اكبر في انتاج النفط الصخري والرملي، وتجري محاولات مماثلة في الصين ودول عديدة اخرى في العالم لاستخراج النفط الصخري .
يعتقد بعض المراقبين ان تكلفه الانتاج للنفط الصخري هو الان في حدود 50 - 55 دولار للبرميل بينما يرى الاخرون ان التكلفة انخفضت بشكل دراماتيكي الى ان وصلت الى نحو 15 دولار . و اذا كان الرقم الاولي صحيحا فأن ذلك قد يعني حسب بعض المراقبين ان اسعار النفط الحالية قد ترتفع وتصل الى حدود 50 - 60 دولارا في نهاية عام 2016، كما ان هناك مراقبين يتوقعون ان ترتفع اسعار النفط لتصل الى نحو 70 دولارا في نهاية عام 2020 اذا ماتم الاتفاق على تخفيض الانتاج او ارتفع الطلب عليه.
اجمالا فان الوقود العضوي ( النفط ، الغاز الطبيعي ، الفحم ) لن ينتهي بهذه السرعة. ومع ذلك فان هناك عدة عوامل واسباب تدعو الى التقليل من اهمية سيطرة النفط في معادلة الطاقة العالمية والتخلص التدريجي من الاعتماد عليه .

غير أن الخوف والشعور بعدم الأمان من الطاقة العضوية ولاسيما النفط، مازالا يراودان عدداً كبيراً من الدول في الغرب. وأثارت التداعيات التي صاحبت حرب اكتوبر 1973 ومانتج منها من انقطاع جزء كبير من الامدادات النفطية العربية الى بعض الدول الغربية، ما زالت حية في الذاكرة، اضافة الى الأثار التي نتجت من الاضطرابات التي رافقت وصاحبت قيام الثورة في إيران في العام 1979. وبعد ذلك برزت التداعيات التي حصلت اثناء الحرب العراقية الايرانية وعملية غزو العراق للكويت في عام 1990. وعلى الرغم من الاكتشافات النفطية الكبيرة في مناطق عديدة من العالم منذ تلك الفترة ، فمازال بعض القلق موجودا .لقد ارتفعت اسعار النفط خلال الفترة من الربع الاخير من العام 1973 الى العام 1976، اي خلال فترة قصيرة نحو اربعة اضعاف واضطرت عددا من الدول الغربية الى اتخاذ عدد من الخطوات الضرورية لتقليل و تقنين استعمالات النفط . وتلك الدول مازالت تخشى ان تحصل ازمة امدادات مرة اخرى لاسباب سياسية او عسكرية ، حيث ان مصادر امداداتها من النفط (وايضا الغاز ) موجودة خارج بلدانها. واذا ماحدث شيء دراماتيكي مفاجئ ، فان استخراج كميات جديدة من النفط والغاز ، ليست عملية سهلة و لا سيما في خلال مدة زمنية قصيرة ، كما ان مد انابيب جديدة من النفط والغاز ستأخذ فترة من الوقت .
وعلى الرغم ان منظمة اوبك فقدت كثيرا من اهميتها النسبية لأسباب عديدة ومنها الخلافات الموجودة على حصص الانتاج، مع ذلك لا زالت بعض المخاوف موجودة من اتفاق الدول المنتجة على سياسة تؤدي الى تخفيض الانتاج او الحد من زيادة الانتاج اذا ما ارتفع الطلب.
ولكن ليس التخوف من ارتفاع اسعار النفط فجأة او عدم الثقة من الحصول على امداداته هو العامل الوحيد فقط الذي يدفع الغرب الى بذل الجهود للتقليل من اعتماده على النفط والبحث عن مصادر بديلة و مضمونة ومتجددة ونظيفة وصديقة للبيئة وبأسعار معقولة بل هناك عوامل اخرى ايضا منها الضغوط المتزايدة في العالم المتقدم من جماعات البيئة والمنظمات. وعلماء وجماعات البيئة والمنظمات الصحية يمارسون ضغوطاً مكثفة على الحكومات في الغرب لحملها على اتخاذ التدابير اللازمة للمحافظة على البيئة ومكافحة التلوث وما ينتج عن ذلك من اضرار وبشكل متصاعد. كل ذلك يؤدي الى زيادة في تكلفة النفط بصورة غير مباشرة حيث ان الاثار السلبية في صحة الانسان تؤدي الى زيادة في الموازنات الصحية.
وصحيح ان ألغاز الطبيعي الذي هو ايضا نوع من الوقود العضوي لكن الاثار الناتجة عنه اقل ضررا من النفط والاكتشافات الغازية ما زالت مستمرة ، التقديرات تشير الى وجود ما بين 1500 و 2000 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة الامريكية والذي يمكن أن تكفي احتياجاتها لفترة تتراوح ما بين 75 إلى 100 سنة. ولكن مهما بلغت الكميات فأنها تبقى محدودة. كما انه في حالة التخلي عن النفط والفحم فأن الحاجة للغاز سوف تزداد بشكل كبير. إضافة الى ذلك فإن الغاز ليس متوفرا في جميع انحاء العالم . وعملية نقل الغاز من بلد الى أ خر تحتاج الى انابيب تمر ببلدان عددة . وعملية النقل أيضا معرضة لمخاطر سياسية وعسكرية عديدة . وتوجد في العالم نحو خمسة ملايين سيارة يتم تزويدها بالغاز بدلا من النفط والعدد في زيادة مستمرة والمحاولات مستمرة لتشغيل السيارات بالوقود الحيوي او الكهرباء.
هناك ايضا اسباب اقتصادية تؤثر في البلدان المستوردة للنفط التي تشعر انها تصرف المليارات من الدولارات سنويا لاستيراد النفط ، بدلا من استثمارها في داخل بلدانها لخلق فرص عمل جديدة . وعلى سبيل المثال فإن الولايات المتحدة صرفت نحو بليون دولار يوميا لسداد ثمن احتياجاتها من النفط من نحو عشرة بلدان مختلفة في العام 2008 . اضافة الى ذلك فأن ناقلات النفط العملاقة التي تنقل النفط ترمي بكثير من المواد الملوثة في البحار وتسبب مشاكل للكائنات الحية التي تعيش داخلها. اضافة الى ذلك فان هناك مزاعم تتصاعد في الغرب بأن وجود كميات كبيرة من النفط في ايدي حكومات يشجعها على عدم تطوير مجتمعاتها علميا وثقافيا وتقنيا مما يدفع بأ شخاص عديدين بالانخراط في العمليات الأرهابية.
...يُتبع

appleorangeali@gmail.com