الاقتصاد .. بين التعليم أو التربية

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٨/نوفمبر/٢٠٢٠ ٠٨:٠٣ ص
الاقتصاد .. بين التعليم أو التربية

مسقط - الشبيبة

بقلم: محمد محمود عثمان

سوف تتأثر الاقتصاديات العالمية من التوجه نحو التعليم عن بعد الذي فرضه علينا وباء كورونا قسرا للتوجه نحو تكنولوجيا التعليم والوسائط التعليمية واستخدام الشبكة العنكبوتية ( الإنترنت ) ،والابتعاد طوعا عن التربية ، على الرغم أنه لدينا وزارات « للتربية والتعليم» أي انها تعطي الأولوية للتربية قبل التعليم ، وذلك كجزء من الاحترازات الموجهة تجاه كورونا ، وبدون الاستعداد الكامل لذلك ، فنيا وتقنيا وماديا ونفسيا ، بعد أن استطاع كرورنا بمفرده – بنجاح - أن يحبس أنفاس العالم أجمع بعد أن كمم الأفواه وأغلق الأنشطة الاقتصادية والتجارية والخدمية وأصابها بشبه الشلل، حتى المساجد والمدارس والجامعات ، التي تعد مركزا للأنشطة الاجتماعية والتفاعل البشري لأن إغلاق دور التعليم يفاقم من العزلة الاجتماعية ويحول دون الاتصال الاجتماعي الضروري للتعلم والتطور، لأنه وفقًا للبيانات الصادرة عن اليونسكو أثر إغلاق المدارس على مستوى الدول في أكثر من 421 مليون متعلم على مستوى العالم، بينما عرض الإغلاق محدود النطاق للمدارس 577 مليون متعلم للخطر،مما أدى إلى تحمل الاقتصاد تدابير مالية باهظة لم يكن مخطط لها سابقا ، كما أدى أيضا إلى تراجع قسري لدور المدارس والجامعات في المجالات الثقافية والتعليمية والتربوية التي يحتاج إليها المتعلم ، ما افسح المجال على مصراعية أمام توغل وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعيّ والميديا بشكل عام للتأثيرعلى تنشئة الأجيال ، بلا ضوابط حاكمة.

لقد فرض ذلك تكاليفا إضافية على الحكومات والأسروالمجتمع بأسره ،خاصة أن نسبه كبيرة من الآباء والأبناء بل وفي هيئات التدريس والمهن المساعدة لها ، لا زالت تعاني من الفجوة الرقمية ، والأمية التكنولوجية وأن نسبة كبيرة منهم قد لا تمتلك أجهزة كمبيوتر وتزداد المشلكة تعقيدا في الأسر التي بها مجموعة من الأبناء في مراحل التعليم المختلفة وكذلك قد لا يتمكن بعض أعضاء هيئة التدريس غير المتمرسين على التقنيات من التأقلم، لعدم قدرتهم على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة بسهولة، ومن ثم اصبح العمل في المنزل مهمة صعبة لأعضاء هيئة التدريس وهناك احتمالات بأن العديد من الجامعات قد لا تمتلك ما يكفي من البنية التحتية أو الموارد المالية لتسهيل التدريس عبر الإنترنت بشكل فوري ، وهي إشكاليات اقتصادية حقيقية ، علينا أن ننتبه إليها ، خاصة إذا استمرت موجات توسنامي من وباء كورونا لفترات طويلة قادمة، وهذا يتطلب توفير موارد مالية إضافية لجهات متخصصة تقدم الدعم الفني للمعلمين وأولياء الأمور للتدريب على استخدام الأدوات والمهارات الرقمية ،والمساعدة على تحضير إعدادات تقديم البث المباشر من خلال المنصات التعليمية و استخدام بيانات الإنترنت ، ثم استخدام أدوات التقييم والمتابعة عن بعد.