مسقط –
أشار تقرير جديد صدر عن شركة «بوز ألن هاملتون» العالمية للاستشارات والخدمات التقنية، إلى أن البنية الأساسية الحديثة في مجال الدفع الرقمي تتمتع بالإمكانيات اللازمة لبناء مسارات جديدة لإيرادات مستدامة للمصارف التجارية.
يوصي تقرير بوز ألن هاملتون الصادر بعنوان «مضاعفة المدفوعات الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، والتي حصلت «الشبيبة» على نسخة منه، بأنه في ظل حالة التباطؤ الاقتصادي التي يشهدها العالم، ينبغي على المصارف المركزية في المنطقة تبني منهجية استراتيجية في مجال وضع السياسات التنظيمية بهدف تحقيق الطاقات القصوى للاقتصاد الرقمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتتلخص الرسالة الموجّهة إلى المصارف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمواكبة التركيز الرقمي على سلوك الدفع لدى المستهلك على المستوى العالمي أو مواجهة التحديات بتقليص دورها.
وقال نائب رئيس أول في بوز ألن هاملتون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمشارك في وضع التقرير لطفي زخور: «إن تخفيض نسبة الاعتماد على الدفع النقدي ومواجهة التحديات المتنامية المرتبطة بالدفع في قطاع التجزئة هي عناصر أساسية ينبغي إدراجها في أعلى قائمة الأولويات بالنسبة للمصارف المركزية والتجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في حال كانت تسعى للاستفادة من نتائج استحداث اقتصاد رقمي متكامل».
وتجدر الإشارة إلى أن نسبة عمليات الدفع الجارية رقميا في قطاع التجزئة في السلطنة تبلغ 8%فقط وفق الحجم، مقارنةً مع 42%في المملكة المتحدة، و75%في السويد، ويمكن لبلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعزيز عملية تبني الدفع الرقمي بمعدّل ضعفين أو ثلاثة أضعاف من خلال استحداث بنية أساسية جديدة للدفع وطرح قوانين وتشريعات للترويج للتجارة الرقمية وتعزيز الابتكار والحماية من الغش عبر شبكة الإنترنت.
وقال شارل هباك، مدير في بوز ألن هاملتون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمشارك في وضع التقرير: «في الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد تراجعا ونقصا في السيولة، تستطيع مؤسسات الخدمات المالية تحفيز نمو قوي وعضوي من خلال تبني مقاربة استباقية في واقع الدفع العالمي الجديد، على أن تركّز هذه المنهجية على حلول متقدمة تتضمن نماذج دفع مرنة مصممة وفق الطلب والحاجة وتتسم بإمكانية التطبيق والقياس في المنطقة».
وتضمن التقرير عدداً من التوصيات الأساسية لقطاع المصارف الذي يشمل المصارف المركزية والتجارية وهي إصدار تشريعات متعلقة بالدفع الرقمي، تعزيز عمليات الدفع في قطاع التجزئة أو إعادة بنائها، التعاون المشترك لتصميم وتنفيذ البنية الأساسية، بناء نماذج حوكمة تعمل على تعزيز المشاركة بين مختلف مكونات بيئة القطاع وتعزيز المنهج العملي ضمن القطاع المالي.
وينصح تقرير بوز آلن هاملتون بإصدار تشريعات وتنظيمات وضوابط جديدة لقطاع الدفع الرقمي، بهدف دفع الابتكار وتعزيز التنافسية في هذا القطاع. تعد هذه الخطوة مسألة أساسية لتسريع النمو وتقديم مستوى أعلى من الحماية للمستهلك، مع ضمان التوازن الفاعل بين استيعاب السوق لقنوات الدفع الجديدة من جهة، والاستقرار الإجمالي في قطاع الدفع من جهة أخرى. واعتبر أن عمليات الدفع في قطاع التجزئة في جميع المصارف المركزية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحتاج إلى العمل على دفع الابتكار وتعزيز الجودة. ويمكن تحسين فعالية هذه العمليات بشكل كبير من خلال برامج تعزيز الأداء. ويمكن تحقيق ذلك أيضاً من خلال إنشاء مؤسسات مملوكة بالكامل أو قائمة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وكذلك دعا التقرير إلى التعاون المشترك لتصميم وتنفيذ البنية الأساسية لعمليات الدفع في قطاع التجزئة، ولا يقتصر ذلك على العلاقة مع المصارف الأخرى وحسب، بل يتعداها إلى العلاقة مع باقي الجهات المعنية في بيئة الدفع. ويتحدث التقرير عن ضرورة بناء نماذج حوكمة تعمل على تعزيز المشاركة بين مختلف مكونات بيئة القطاع تتيح مشاركة الجهات المعنية المختلفة، كالمصارف ورواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب اللاعبين الرئيسيين في المجال التقني وغيرها من المؤسسات الفاعلة في هذا المجال، مثل الشركات الكبرى، بهدف ضمان التطور المستمر للحلول المقدمة وتحقيق النمو في النظام البيئي. فضلاً عن ضرورة تعزيز المنهج العملي ضمن القطاع المالي إذ يمكن للمصارف المركزية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا العمل بشكل وثيق مع المصارف التجارية وغيرها من المؤسسات المالية بهدف إعادة تقييم القطاعات التي تملك إمكانيات مهمة في مجال العمليات المالية الرقمية، وذلك كخطوة أولى من أجل بناء حلول مناسبة وفعالة من حيث التكلفة تلبي احتياجاتها في هذا المجال.
أما من ناحية المصارف التجارية فيقول التقرير إن على المصارف التجارية العمل بشكل استباقي فاعل مع المصارف المركزية المعنية، أو من خلال الشراكات، بهدف بناء وتطبيق بنية أساسية مركزية حديثة، ومنصات دفع رقمي جديدة. كما ينبغي على المصارف التجارية السعي للعمل المشترك مع الشركات الفاعلة في مجال التكنولوجيا، ومزودي خدمات الاتصالات، والشركات المتخصصة في تجميع الدفعات، والجهات المتخصصة في إدارة الهوية الوطنية، بهدف الاستفادة من التقدم التقني الحاصل وتعزيز قنوات الريع وتقديم عروض أكثر ملاءمة للسوق.
ويدعوها إلى بناء توازن حقيقي ما بين العمل المشترك من جهة والتنافس بين المصارف من جهة أخرى: لاسيما أن التنافسية الصحية في المصارف والتي تشكل دافعا رئيسيا للابتكار.
كما ينصحها بتطوير منتجات وخدمات جديدة تلبّي متطلّبات المستهلك، وبناء شراكات متينة وصحية لتعزيز قوة السوق من خلال الاستفادة من قدرات وكفاءات الجهات المعنية من خارج القطاع المصرفي في قطاعات متخصصة من المنتجات والخدمات المصرفية. كما يمكن للمؤسسات التكنولوجية أن تلعب دوراً في توسيع البنية الأساسية، في حين يساهم مزودو خدمات الاتصالات في تعزيز أمن الاتصال، وترويجه وتوزيعه. لذلك يرى التقرير أنه لا بد من إنشاء شراكات مع الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية ودعهما، من خلال تعزيز المصارف قدراتها في مجال تبني الابتكارات التكنولوجية ضمن هيكليتها، وذلك من أجل ضمان تقدمها التكنولوجي. ويمكن تحقيق ذلك من خلال العمل مع الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، سواء من خلال الشراكات أو الاحتضان والرعاية أو المشاركة، وهو ما يتيح للمصارف الحصول على خدمات وحلول تنافسية وبتكاليف أقل. يمكن لهذا النوع من التعاون إن تم تطبيقه بالشكل الصحيح أن يساهم في تحقيق التكامل بين النماذج المعتمدة في المصارف من جهة، وبين ريادة الأعمال وروح الابتكار التي تتمتع بها الشركات الناشئة من جهة أخرى، ما يساهم في بناء حلول متقدمة تتيح قنوات جديدة للإيرادات.