وكالات - الشبيبة
في خضم الانتخابات الأمريكية، وأشد معركة سياسية تخوضها الولايات المتحدة بين رئيسها الجمهوري دونالد ترامب، ومنافسه الديمقراطي جو بايدن، يستعد واحد منهما للجلوس في قصر الرئاسة بالعاصمة واشنطن لمدة أربع سنوات قادمة.
ويبدو أن ترامب المتمسك بقوة بفرص بقائه داخل البيت الأبيض لأربع سنوات أخرى، ذاق خلالها حلاوة السلطة، رغم كل المتاعب التي عاشها خلال فترته الأولى ما بين محاكمات وتهم بالفساد ومحاولات عزل.
فما قصة أشهر بيت أمريكي، يضم 132 غرفة، ويزوره نحو 1.5 مليون زائر سنوياً، يطوفون بأرجائه المفتوحة للجمهور؟
تاريخ أهم بيت أمريكي
يقيم الرئيس الأمريكي في القصر الذي تخرج منه أهم القرارات المتعلقة بالسياسة الدولية في العالم، ويتحرك بأمر من داخله أحد أقوى الجيوش العسكرية، بالإضافة إلى كل المراسيم والقرارات الفيدرالية التنفيذية، تأسس قبل قرنين ونيف من الزمان، ويتصارع للسكن فيه مرشحا أعرق حزبين أمريكيين "الجمهوري" و"الديمقراطي".
في 1792، وأثناء العمل على تطوير العاصمة واشنطن بعيد حرب الاستقلال، عُقدت مسابقة لاختيار مهندس لتصميم قصر رئاسي يعيش فيه الرئيس ويمارس صلاحياته الدستورية مع إداراته، وفاز بالمسابقة المهندس جيمس هوبان.
واستوحى هوبان رسومات القصر وخطوطه من نموذج مبنى البرلمان الإيرلندي في دبلن، والمعروف باسم "لاينستر هاوس".
وفي العام نفسه بدأ المهندس بالعمل على بناء القصر، حيث أُحضرت الأحجار من اسكتلندا، وأشرف على بنائه الرئيس جورج واشنطن، لكنه لم يعش فيه؛ أول من عاش فيه الرئيس الثاني جون آدامز عام 1796، ليطلق عليه اسم "بيت الرئيس".
وعندما بدأت الحرب عام 1812 كان الجيش البريطاني لا يزال يواجه أزمة بسبب الثورة الأمريكية، وسنحت لدى بريطانيا وقتها فكرة حرق كل شيء في "كابيتول سيتي"، وهو ما جعل البريطانيين يقتحمون المدينة ويحرقون كل شيء فيها.
ومن بين المباني التي أضرموا فيها النيران "بيت الرئيس"، ولحسن الحظ لم يحترق هذا المبنى بالكامل، ولكن واجهته الخارجية أصبحت سوداء بسبب الأدخنة وأضرار الحريق، وتم طلاء "بيت الرئيس" لاحقاً بطلاء أبيض، ومنذ ذلك الحين أصبح العامة وبعض المسؤولين يطلقون عليه اسم "البيت الأبيض".
لكن القصر لم ينل رسمياً اسمه الحالي حتى عام 1901، حينما أطلق الرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت رسمياً على المنزل الذي يعيش فيه رئيس الولايات المتحدة اسم "البيت الأبيض".
وحصلت إصلاحات وترميمات واسعة للقصر إبان فترة رئاسة الرئيس هاري س. ترومان؛ من عام 1948 إلى 1952، واستخدم القائمون على تلك الإصلاحات الصُّلب والأسمنت المسلح لتقوية هيكل قصر الرئاسة الذي كان قد تدهور إلى درجة تنبئ بالخطر. وقد استُكمل بناء الطابق الثالث ليصبح دوراً كاملاً، وأضيف إلى الرواق الجنوبي شرفة بالطابق الثاني لاستعمال الرئيس الخاص.
وتم توسيع الطابق تحت الأرضي، وارتفع عدد غرف القصر من 125 إلى 132 غرفة؛ لكن القاعات التاريخية المعروفة للشعب الأمريكي بقيت كما كانت دون أي تغيير أساسي حتى عهد إدارة الرئيس جون كندي، عندما عيَّنت زوجة الرئيس عام 1961 لجنة للفنون الجميلة، لتقوم بإعادة تصميم غرف البيت الأبيض إلى ما كانت عليه أصلاً.
وفي نفس العام أسست جمعية البيت الأبيض التاريخية لإعداد ونشر كتب إرشادية عن القصر وشراء قطع أثاث تاريخية للبيت الأبيض، كما تكونت لجنة للمكتبة لتزويد مكتبة البيت الأبيض بالكتب التى تمثل الفكر الأمريكي عبر تاريخ البلاد.
لكن التغيرات الأساسية الأخرى حدثت في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون، خاصة في غرف المبنى التاريخية؛ فابتداء من عام 1970 أخذت باتي زوجة الرئيس على عاتقها مهمة الاستمرار فيما بدأته زوجة الرئيس كندي من جهود لإعادة تصميم غرف البيت الأبيض إلى ما كانت عليه في القرن التاسع عشر.
مكتب بيضاوي وقاعات ملونة
يعيش الرئيس ويعمل في ذلك القصر، ويستقبل زوار البلاد من رؤساء وقادة وزعماء ودبلوماسيين فيه، كما يحتوي البيت الأبيض على سكن عائلة الرئيس، وعلى المكاتب التي يدير منها هو ومعاونوه شؤون الولايات المتحدة الرسمية.
ويحتوي مجمع البيت الأبيض بشكله الحالي على 132 غرفة و35 حماماً، و412 باباً، وتصل النوافذ إلى 147 نافذة، و28 موقداً، و8 سلالم، وثلاثة مصاعد، وخمسة مطابخ بدوام كامل، وملعب تنس، وعدد واحد من مسارات البولينغ، ومسرح وسينما، ومضمار للجري، وحوض للسباحة.
أما المقر التنفيذي للبيت الأبيض فيمتد بطول 53 متراً ويرتفع 26 متراً، وعلى الجانب الجنوبي من القصر يوجد رواق فسيح ذو حافة تنحني في استدارة، وأعمدة متباعدة بارتفاع طابقين.
وعلى الجانب الأيسر يوجد رواق مربع الشكل هو المدخل الرئيسي للقصر، فيما تمتد على الجانبين الشرقي والغربي قاعتان طويلتان على شكل دهليزين منخفضي الارتفاع، يشكل سقفاهما أرضية شرفتين طويلتين للتنزه في الطابق الأول.
وتقع تحت الشرفة الغربية منهما الغرفة والتجهيزات الخاصة برجال صحافة البيت الأبيض، بينما يقع المسرح تحت الشرفة الشرقية.
وللبيت الأبيض جناحان غربي وشرقي، يقعان في نهاية الشرفتين، ويحتوي الجناح الغربي على مكاتب الرئيس ومعاونيه، كما يحتوي على غرفة المجلس، أما الجناح الشرقي فيحتوي على مكاتب معاوني الرئيس العسكريين.
ويُعرف مكتب الرئيس باسم "المكتب البيضاوي"، حيث أنشئ عام 1909 على شكل بيضوي، ومن هنا تأتي تسميته الشهيرة.
ويحيط بالبيت الأبيض الحدائق، وللرئيس حديقة جنوبية تحتوي على العديد من الأشجار والشجيرات التي قام بزراعتها ساكنو البيت الأبيض السابقون.
ويسمح للزوار بالتعرف على بعض أقسام البيت الأبيض كقاعاته الخمس، التي تقع في الطابق الأول من القصر. ولكن هذه القاعات تعتبر عنواناً لجمال وأناقة القصر كله من الداخل.
وتبدأ بقاعة الطعام الرئيسية، والتي تقع في نهاية الجزء الغربي من القصر، وتتسع لـ140 ضيفاً دفعة واحدة، وقد جرى تجديد هذه القاعة عام 1902.
تليها "القاعة الحمراء"، وتضم أثاثاً من طراز فترة ما بين عامي 1810 و1830، وجدرانها مبطنة بالحرير الأحمر، أما "القاعة الزرقاء" فهي قاعة الاستقبال الرئيسية التي يستقبل فيها الرئيس ضيوفه، ويمثل أثاثها الفترة ما بين عامي 1817 و1825.
كما يسمح للزوار بدخول "القاعة الخضراء" التي تم ترميمها وتجديدها في الفترة ما بين عامي 1800 و1814، وكُسيت جدرانها بالحرير المواري الأخضر الفات، في حين يعود أثاثها لطراز دنْكان فايْف المصنّع أواخر القرن الثامن عشر.
وتنتهي زيارة البيت الأبيض للعموم بدخول "القاعة الشرقية" أكبر حجراته، حيث يبلغ طولها 24 متراً وعرضها 11,2 متراً، وقد جددت هذه القاعة عام 1902، حسبما نشرته الخليج أونلاين..