ناصر بن سلطان العموري
يفتتح بعد غد الخميس مهرجان مسقط الذي يأتي تحت شعار «عِش عُمان». اللجنة المنظمة أعلنت خلال مؤتمر صحفي أن المهرجان سيكون هذه السنة مختلفا شكلاً ومضموناً وذلك بعد أن افتقدنا الجديد المتجدد خلال السنوات الفائتة وكان كل مهرجان أشبه بسيناريو مكرر عن الذي سبقه.
ولا يخفى على البعض ما تمثله المهرجانات من أهمية لأي بلد كان سواء من ناحية إنعاش السياحة والترويح عن النفس أو استقطاب السياح وتعزيز مكانة البلد كوجهة سياحية جذابة، في الوقت الذي تتطور فيه المهرجانات الخليجية والإقليمية لتصل للعالمية من حيث الأفكار الرائدة والعروض الباهرة والتقنية المتطورة وابتكار الجديد في كل مرة ومشاركة القطاع الخاص في إنجاحها ليس من ناحية الدعم المالي فحسب بل من خلال إقامة العروض الترويجية المغرية أيام المهرجان لتمثل أيضا نقطة جذب للمتسوقين. في مقابل كل هذا نجد أن مهرجان مسقط للأسف يتقدم ببطء شديد بل يكاد يكون لا يتقدم أصلا إذا قارنته بالمهرجانات الأخرى.
نعم، كل الشكر لبلدية مسقط والقائمين على المهرجان على ما يبذلونه من جهد في سبيل الإعداد للمهرجان عاما بعد عام، ولكن، ليس هذا هو الطموح المرجو، فإن كانت السنوات الأولى لبدء المهرجان هي سنوات البناء واكتساب الخبرة، فإنه بعد مرور 15 سنة مضت يظل نفس السؤال يتكرر: ماذا حقق المهرجان خلال دوراته الفائتة من فائدة وماذا أضاف لوريد السياحة العمانية من جذب لمحافظة مسقط بشكل خاص ولعمان بشكل عام.
وبما أن «عِش عُمان» هو الشعار الرسمي فإدارة المهرجان مطالبة بأن يرمز المهرجان للهوية العمانية وذلك من خلال تفعيل أسبوع إحياء التراث وإبراز الفنون الشعبية والموروثات القديمة التي تشتهر بها السلطنة وتختلف باختلاف محافظاتها وولايتها بالشكل الذي يليق وليس مجرد رقصات وأهازيج يقوم بها الجنسان. ويا حبذا لو توفرت كتيبات أو مطويات بعدة لغات تشرح للسائح الأجنبي كل ما يتعلق بهذا الفن أو الموروث ابتداء من المنطقة المنتشر فيها وصولاً إلى نشأته وتاريخه وطريقة أدائه. ولا ضير أن تكون هناك مشاركات وفعاليات خارجية ولكن في حدود المعقول وبما يتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا، فالمشاركون في المهرجان والزائرون الأجانب يجب أن يعلموا ويدركوا أن هناك خطوطا حمراء لا يجب تجاوزها وأن لهذا البلد أعرافه وتقاليده المستمدة من الدين العظيم. ولقناة عمان الثقافية دور مهم هنا من خلال تغطية فعاليات المهرجان المختلفة بشكل مبتكر خارج الإطار يعكس ما وصل إليه الإعلام العماني من رقي.
والجميل في الأمر أن المهرجان في دورته الحالية سيتيح الفرصة لذوي الاحتياجات الخاصة للمشاركة أسوة بإخوانهم الأصحاء وهذه بادرة طيبة تحسب لبلدية مسقط لدمجهم في المجتمع لاسيما في مثل هذه الفعاليات الجماهيرية. وما لفت نظري كذلك في الجانب الثقافي هو طرح مواضيع تعتبر من مواضيع الساعة والتي تثار في الرأي العام وتمس الواقع الحي بكافة جزئياته مثل «أثر انخفاض أسعار النفط على الاقتصاد العماني» بالإضافة إلى أفكار أخرى تحوي مواضيع متعددة ومتنوعة.
نتمنى جل التمني أن يكون هذا المهرجان بمثابة نقلة نوعية شكلاً ومضموناً.. نريده مهرجاناً عالمياً بهوية عُمانية خالصة.