حذّر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي من أن الأزمة السياسية التي يشهدها العراق بشأن الإصلاحات لمكافحة للفساد قد تعوق الحرب ضد تنظيم داعش. وتصاعدت الأزمة هذا الأسبوع مع إلغاء جلستي تصويت في البرلمان بشأن تعديل حكومي منتظر طرحه العبادي في إطار حملته لمكافحة الفساد.
وحدثت مشادات بين المشرعين يوم الأربعاء بعد إلغاء محاولة التصويت الأولى يوم الثلاثاء. وبعد الإلغاء الثاني للتصويت أمس الأول الخميس أجرى عشرات من المشرعين تصويتاً غير رسمي عزلوا فيه رئيس البرلمان. وقال العبادي في بيان صدر مساء الخميس: «إن الخلافات داخل مجلس النواب وعدم التوافق على التعديل الوزاري أدى إلى تعطيله في الوقت الحاضر وإن الاستمرار في ذلك قد يساهم في عرقلة عمل الحكومة ويؤثر على العمليات البطولية لتحرير مدننا وقرانا من احتلال داعش الإرهابية».
ويأتي العراق في الترتيب 161 من بين 168 دولة في مؤشر الفساد السنوي للعام 2015 الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية. والعراق دولة كبرى في تصدير النفط ولديها أحد أكبر الاحتياطات النفطية في العالم. وأصبح الفساد قضية رئيسية بعد أن انهارت أسعار النفط العالمية قبل عامين الأمر الذي أدى إلى انكماش موازنة الدولة في وقت تحتاج فيه لدخل إضافي لشن حرب ضد الدولة الإسلامية التي تسيطر على مناطق واسعة من الأراضي في شمال وغرب العراق بينها مدينة الموصل.
وأعلن العبادي تعديل الحكومة في فبراير تحت ضغط من الزعيم الشيعي مقتدى الصدر.
وقدم العبادي الشهر الفائت للبرلمان قائمة مرشحين أغلبهم أكاديميون لتحرير الحكومة من قبضة القوى السياسية التي اتهمها باستغلال نظام الحصص الطائفية والعرقية -الذي أقر بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003- لجمع الثروة واكتساب النفوذ. ثم قام العبادي بعد ذلك بتعديل قائمته لتضم مرشحين من الكتل السياسية الكبيرة الأمر الذي فجر احتجاجات داخل البرلمان من جانب مشرعين يقولون إن هذا سيؤدي للفساد مجدداً.
تصعيد
اعتبر المتحدث باسم النواب العراقيين المعتصمين هيثم الجبوري، وصف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لاعتصامهم بالفوضى «غير مقبول»، وقال: إن «العبادي ليس وصياً على ممثلي الشعب ليتحكم بقراراتهم». ودعا الجبوري في تصريح صحفي الخميس، رئيس الوزراء العراقي إلى الاهتمام بإصلاحات حكومته وتقديم الخدمات وتوفير الأمن للشعب العراقي.
وكان العبادي قد قال في كلمة للشعب العراقي، إنه بعد الحوار مع الكتل النيابية ذهبنا باتجاه وثيقة وطنية للإصلاح كأحد خيارات العمل المشترك مع مجلس النواب، وتم التوصل إلى قائمة ثانية من التكنوقراط وعرضناها مرة أخرى قبل يومين على مجلس النواب، وأضاف: «لكننا لاحظنا اختلافاً بين النواب على القائمة الأولى والثانية، وحصل انقسام في المجلس على أمور أخرى لا تمت بصلة إلى أصل الإصلاح والتعديل الوزاري المنشود، بل فوضى سياسية قد تؤدي إلى عدم استقرار وتقود العراق إلى المجهول».
إقالة الجبوري
من جانبه اعتبر أحمد المساري رئيس الكتلة البرلمانية لتحالف القوي العراقية أن إقالة سليم الجبوري من رئاسة البرلمان هو بمثابة استهداف مباشر للمكون السني، متهماً رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلته ومناصريهما بالوقوف وراء الأمر.
وجدد المساري في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية تأكيده على رفض تحالف القوى العراقية قرار إقالة الجبوري من رئاسة البرلمان، مشددا على أن تلك «الإقالة جاءت عبر فعالية غير قانونية وغير دستورية».
يذكر أن عدداً من النواب المعتصمين في مبنى البرلمان العراقي قد عقدوا جلسة خاصة صباح الخميس حضرها ما يقرب من 171 عضواً من أصل 328 برئاسة النائب الأكبر سناً، عدنان الجنابي، وصوتوا على إقالة الجبوري، ونائبيه.
ومن جهته أصدر مكتب الجبوري بياناً طعن عبره على دستورية الجلسة التي عقدت واتخذ فيها قرار الإقالة، معللاً ذلك بكونها «تفتقر للنصاب الكافي لعقدها».
جلسة جديدة
وأكد المساري عزم كتلته وحلفائها «عقد جلسة جديدة للبرلمان اليوم السبت للتدليل بالبرهان القاطع عبر تجميع النصاب القانوني السليم أن جلسة الأمس والتي تمت بها الإقالة لم تكن شرعية على الإطلاق»، مشيرا إلى «أن نواب التحالف الكردستاني بأكملهم وأطراف مهمة بالتحالف الوطني يؤيدون موقف كتلته»، لافتاً إلى أن تعداد هؤلاء النواب جميعاً يمثل ما يقرب من 190 نائباً أي ما يمثل الأغلبية بالمجلس». كما أكد المساري على أن رفض كتلته لقرار الإقالة لا يعود ولا يتعلق بأي حال بشخص سليم الجبوري لكون المسألة غير شخصية، وأوضح بالقول: «المشاكل والأزمة بالعراق سببها الحكومة لا البرلمان، وبالتالي يجب أن تكون هناك محاكمة للطرف المسبب للأزمة وهو الحكومة، أي أن تتم مساءلة رئيس الحكومة حيدر العبادي». وأضاف «وإذا كانت هناك مطالبات بإقالة للرئاسات الثلاث كما يرددوا ويدعون فليبدأ هؤلاء بالطرف المسبب للأزمة أي العبادي بعد استجوابه ومساءلته لا بالجبوري».
وكشف المساري عن «استعداد كتلته للنظر في القبول بمطلب إقالة الجبوري بل والقبول بها إذا ما تم فعليا استجواب رئيس الحكومة وإقالته»، مشددا على أن «قرار الإقالة وفي ظل الظروف التي مرت بها جلسة الأمس مرفوض كلية من قبل تحالف القوى الوطنية». ولفت إلى أن تحالف القوى العراقية قد عقد أمس الأول وبعد إعلان قرار الإقالة «اجتماعا لكل أعضاء التحالف وتم فيه رفض القرار بالإجماع، وأنه لا يوجد حتى الآن قناعة لدي أعضائه بوجوب إقالة الجبوري».