القطاع الخاص معني بالتغيير أيضًا!

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠١/سبتمبر/٢٠٢٠ ١٣:٣٢ م
القطاع الخاص معني بالتغيير أيضًا!

مسقط - الشبيبة

علي بن راشد المطاعني

القطاع الخاص من التغييرات التي يجب أنْ نستهدفها من كافة جوانبه بإعادة هيكلته بشكل يتواكب مع التطوُّرات الراهنة التي تعيشها البلاد في ظل النهضة المتجددة التي تنعش أوصال الدولة كلَّ يوم في إطار رؤية عُمان 2040.

إنَّ تطوير القطاع الخاص كشريك فاعل في التنمية لا بد منه إذا رغبنا في إحداث تغييرات كُلّية في البلاد تُعيد ترتيب الأمور بنحو يحقق تطلعاتنا المستقبلية ويؤسّس لقطاع خاص فاعل بشكل أكبر مما هو عليه، الأمر الذي يتطلب تفعيل الأطر والتشريعات وبث ثقافة وقيم وأخلاقيات كبيرة تغيّر الكثير من المفاهيم اللا إيجابية الوافدة من مجتمعات أخرى أسهمت في بلورة ممارسات خاطئة وشوّهت الكثير من المبادئ التي نؤمن بها.

فاليوم القطاع الخاص - ممثلا في أكثر من 250 ألف شركة عاملة في كل المجالات والأنشطة الاقتصادية في البلاد - يُعد الذراع الأخرى للدولة، فإذا كانت الدولة تعمل على هيكلة مؤسساتها وتُعيد ترتيب أوراقها لكي تتهيأ لقادم الأيام، فبالضرورة وبالمنطق أنْ يحدث ذلك أيضا في القطاع الخاص؛ حتى تكتمل منظومة التحديث والتطوير، وإنْ لم يحدث ذلك فمعناه أن يبقى القصور كما هو أو كأن نمشي برجل واحدة لرحاب المستقبل.

فالتغيير لا يجب أن يمس الحكومة فقط وإنّما كل الشركاء في العمل الوطني باعتبارهم جزءا لا يتجزأ من المجتمع، والجميع هم أعضاء فاعلون في حركة التغيير والتجديد والتطوير التي تعيشها البلاد‏، وللقطاع الخاص دور محوري ومهم في المرحلة القادمة ويتعيّن أنْ يكتنفه التغيير في الكثير من الجوانب لعل أهمها أنْ يغدو جزءا لا يتجزأ من الشراكة الفاعلة والجدية مع الحكومة.

الجانب الآخر والأهم هو إعطاء القطاع الخاص ورجالاته المكانة اللائقة بهم في قمة سنام التشريفات والمناسبات الوطنية في الدولة، وفي ذلك معنى بالغ الأهمية يؤكد لهم بأنَّ الدولة تضعهم دائما وأبدا فوق أهداب العيون، وكما نعلم فإنَّ جبر الخواطر له دوره المؤثر في شحذ الهمم ورص الصفوف.
كذلك إعطاء القطاع الخاص دورا في التشريع ومراجعة القوانين الخاصة به؛ فلا يمكن أنْ تطبّق الدولة قوانين تخصه ولا يُستشار فيها أو لا تُتاح له فرصة إبداء الرأي حولها عبر غرفة تجارة وصناعة عُمان، ومن بعد ذلك ترغب الدولة في مشاركته وتتطلع لمساهمته.

كما أنّه من المهم تمكين الغرفة وليس تكبيلها بقوانين تحد من دورها كممثل للقطاع الخاص برمته، من خلال صياغة أُطر وتشريعات تُسهم في مشاركتها بنحو أفضل، ومنحها صلاحية تسهيل الإجراءات وإطلاق يدها في العمل لجذب الاستثمارات الجادة على الصعيدين الداخلي والخارجي بدلا من ترك الاستثمارات تهرب للخارج.

في المقابل، يجب على رجالات القطاع الخاص أنْ يديروا مؤسساتهم بأنفسهم وألا يتركوا «الجمل بما حمل» للأجانب ويسلّموا «الخيط والمخيط» لهم؛ ففي ذلك مخاطرة شوّهت صورة القطاع الخاص ووضعته في خانة المتهم نتيجة لتصرّفات العمالة الوافدة اللا مسؤولة والمعروفة لدى الجميع.
وكذلك على القطاع الخاص الاعتماد على الذات وعلى أبناء البلاد بتمكينهم من مفاصل العمل؛ فقضية الأمن الاجتماعي تمس كل القطاعات والشرائح، ولا بد من تضافر الجهود لاستيعاب أبنائنا وتمكينهم للمساهمة في بناء وطنهم، إذ لا يُعقل وجود مليون ونصف عامل أجنبي بالبلاد ونجد مواطنا يستجدي وظيفة يسد بها رمق جوعه.

نأمل أنْ نشهد تغييرا جذريا وحقيقيا في فلسفة القطاع الخاص وأنْ يتواكب هذا التغيير مع المستجدات الجارية في الدولة وأنْ يتسق مع المتغيّرات التي تكتنف العالم ليغدو جزءا لا يتجزأ من حركة الحياة ومع روح العمل الجديدة.