عُمان أمانة في رقابنا

مقالات رأي و تحليلات السبت ٠٨/أغسطس/٢٠٢٠ ١٩:٤٩ م
عُمان أمانة في رقابنا

محمد بن رامس الرواس

" الشخص الصالح هو الذي لا يحتاج القوانين لتخبره كيف يتصرف بمسؤولية، أما الشخص الغير صالح فسيجد دائماً طريقةً ما للالتفاف على القوانين "
الفيلسوف اليوناني - افلاطون

الوطن أرض وتراب، وأنفس تمشي على هذا التراب الغالي، والنفس البشرية تأتي في مقدمة سلم هذه الأولويات، فهي من تحمي هذا التراب وتصونه وتسقيه وتزرعه وتعلي بنيانه وتشيد قلاعه ، وتعمر اركانه .
عُمان أمانة بين يديّ الجميع وأول هذه الأمانات أرواح أبنائها، ولقد جاءت هذه الجائحة العصية فسلبت من بيننا أنفس بريئة طاهرة ذهبت الى مولاها - عز وجل - جراء التهاون من البعض في الأخذ بالاحترازات والاشتراطات للوقاية والاحتراز من انتقال هذا الوباء ، ولقد أضاع البعض أمانة المسؤولية وفرطوا في الحرص على صحة وسلامة أهلهم وأسرهم ومجتمعهم ، وهذه المسؤولية هي من أشد الأمانات التي يحملها الانسان ووضعت في عنقه وعلى عاتقه ، ولعظم أمرها رفضت السماوات والأرض العرض الذي عرضه الله عليهما حين أتاح لهما حمل الأمانة ، فرفضتا وحملها الانسان وقبلها ، وبما أن بني آدم حملوا هذا التكليف وهذه الأمانة والمسؤولية العظيمة فوق ظهورهم إلى يوم الدين يتحلمون واجباتها وحقوقها فلا شك انهم محاسبون علي ذلك .
ونحن اليوم في ظل هذه الجائحة نتحمل جميعنا كامل المسؤولية نحو مجتمعنا وأهلنا وأسرنا، لذا وجب علينا أن نصون أرواح أهلنا وجيراننا وأبناء مجتمعنا عبر توخي الحذر، والأخذ بالاحترازات اللازمة للوقاية من انتشار وباء كورونا ، ونضع ذلك نصب أعيننا دائماً، وألا نتهاون أو نتقاعس عن ذلك ، فواجباً علينا استخدام أدوات الوقاية الصحية والتباعد الأسري والمجتمعي، واخذ قرارات اللجنة العليا لمكافحة وباء كورونا مأخذ الجد والاهتمام ، والتمسك بالسلوك القويم الذي يجنبنا نقل العدوى للآخرين، ونكون بذلك أمناء على أمن مجتمعنا الصحي .
قبل عدة أيام تلقيت رسالة عبر تطبيق - الواتس اب – تحكي احد القصص المؤلمة التي حدثت لأسرة عُمانية بأحدى المحافظات الكبرى، فقد كان تجمعهم بمناسبة عيد الأضحى المبارك وبعدد كبير سبب لانتقال الفايروس، وبرغم أنهم ملتزمين بارتداء الكمامات ومتبعين الاحترازات الوقائية الأخرى ، إلا أن أحد الفتيات بالأسرة ممن كانت معهم وشاركتهم تجمعهم كانت مصابة ولم تكن قد ظهرت عليها أعراض الفايروس بعد ، وكان نتيجة هذا التجمع الأسري الكبير أنها نقلت الفايروس لعدد من أفراد أهلها وأصيب البعض منهم مما اضطر الجهات الصحية المختصة الحجر علي الجميع لحين التأكد من سلامتهم .
إن حمل الأمانة قد تفرض علينا أحياناً التضحية من أجل سلامة الأنفس ، فحفظ النفس مقصد أساسي من مقاصد الشريعة الإسلامية ، والتباعد المجتمعي والأسري المطلوب من الجميع اليوم في ظل هذه الجائحة ، واجب ديني وشرعي وهو تطبيق عملي لأمانة حفظ الانفس عبر الحذر الشديد في التنقل والانتقال من مكان الي آخر كي لا نكون سبب لنقل الفايروس كوفيد١٩ لأسرنا ومجتمعنا ونحفظ بذلك أنفسنا وأنفس الآخرين .
واليوم يتطلب الأمر عدم التراخي في الإرشادات الصحية والالتزام بتطبيق الاجراءات الاحترازية، كما يجب التعاون من الجميع من اجل عودة الحياة الى طبيعتها وانحسار الوباء طلباً للسلامة .
حفظ الله عمان وأعاننا جميعاً على صون الأمانة كما يحب ربنا ويرضى، ووفقنا سبحانه وتعالى لتحمل المسؤولية بكل حرص والتزام ، متوخين بذلك الحذر الشديد ، وملتزمين بما يمليه عليه ديننا ووجبنا الوطني حتي تزول هذه الجائحة برحمة الرحمن الرحيم .