اليمن .. أتساع في ثقب الارهاب !!

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٤/أبريل/٢٠١٦ ٠٥:٠٥ ص
اليمن .. أتساع في ثقب الارهاب !!

علي ناجي الرعوي

لا ادري ان كان السيد بان كي مون الامين العام للأمم المتحدة قد سمع استغاثة 40 شابا يمنيا جرى اختطافهم وذبح 20 منهم كالنعاج من قبل واحدة من الجماعات المسلحة التي باتت تنتشر كالفطر في الجسد اليمني المريض وتبدي جاهزية لاختطاف من تبقى من الشعب اليمني بأكفان الموت ؟
ولا ادري ان كان مبعوثه الخاص الى اليمن الموريتاني اسماعيل ولد الشيخ احمد قد ابلغه ان اتفاق وقف اطلاق النار الذي رعته الامم المتحدة ودخل حيز التنفيذ منتصف ليل الاحد _الاثنين الفائتين الاطراف المتصارعة قبل انعقاد المفاوضات التي ستستضيفها دولة الكويت في الثامن عشر من ابريل الجاري هو اتفاق لم يتطرق الى الجماعات الجهادية كالقاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية (داعش) وأنصار الشريعة وغيرها من الجماعات والتنظيمات المتشددة مع ان هذه القوى اضحت تشكل ثقلا عسكريا كبيرا على الارض وان استثنائها يجعل من الاتفاق المذكور حتى وان التزمت به الاطراف التي ستذهب الى الكويت وقيادة (عاصفة الحزم) العربية هو من سيفتقد للكثير من دلالاته على اعتبار ان الجماعات المتطرفة هي من ستتكفل بمواصلة الحرب بالإنابة عن الجميع على غرار ما تفعل في سورية والعراق وليبيا ؟
وبعد ذلك لا ادري ان كانت واشنطن التي تتولى قيادة الحرب الدولية على الارهاب منذ احداث سبتمبر 2001م وحتى الان قد فقدت الرؤية في اليمن بعد اغلاق سفارتها بصنعاء في 11 نوفمبر 2015م والتي كانت مصدر جمع المعلومات فيما يخص انشطة التنظيمات الارهابية في هذا البلد لكن ما اعلمه تماما ان مثل هذا الامر مستبعد حيث وان مسئولي وكالة المخابرات المركزية الامريكية لديهم من الوسائل المتاحة ما يمكنهم من الحصول على المعلومات الكافية والدقيقة ازاء انشطة تلك التنظيمات والجماعات المتطرفة التي غدت تبسط قبضتها على مساحة تفوق مساحة سورية ولبنان مجتمعتين كما انها التي تنتشر على اكثر من 600 كيلو متر من السواحل اليمنية ناهيك عن ان الولايات المتحدة التي قال رئيسها باراك اوباما ان شراكتها مع اليمن في مكافحة الارهاب تمثل نموذجا يحتذى به في الدول غير المستقرة لا يمكن النظر الى موقفها الغامض والمتردد حيال (امبراطورية الارهاب) التي تتشكل على نمط الدويلات في الجنوب اليمني من كونه ناتج عن نقص في المعلومات وبالذات وان هذه (الامبراطورية الارهابية) الجديدة هي من تدير نشاطها من مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت اكبر المحافظات اليمنية هذا ان لم تكن قد تجاوزت نظيرتها في مدينة الرقة السورية التي اتخذها تنظيم (داعش) عاصمة له وبالتالي فان (الاريحية) التي تتعاطى بها واشنطن مع مخاطر وتهديدات الارهاب في اليمن حتى وان كانت تثير الكثير من الارتياب والدهشة فإنها لا تلغي ادراك واشنطن بان تلك التهديدات لن تتوقف تداعياتها في حدود الداخل اليمني وإنما هي التي ستمتد الى منظومة الامن الاقليمية والدولية برمتها ولعل ذلك هو ما يجعل من موقف واشنطن المتساهل تجاه ما يحدث في اليمن غير مفهوما كليا.
قبل ايام قلائل تساءلت وكالة رويترز التي تعد من اشهر وكالات الانباء العالمية عن الاسباب التي جعلت الالسن في الدول الكبرى كواشنطن ولندن وباريس تتوقف عن الحديث والتعبير عن القلق تجاه تزايد نشاط التنظيمات الجهادية والإرهابية باليمن في حين انها التي لا تجهل حقيقة ان تنظيم القاعدة اليمني الذي اندمج مع الفرع السعودي في كيان واحد تحت مسمى تنظيم القاعدة بجزيرة العرب عام 2009م يعد اليوم من اخطر التنظيمات المتطرفة في العالم ولا يغيب عنها ايضا ان هذا التنظيم وبعد عام من الحرب المستعرة في اليمن هو اليوم اشبه بدويلة بعد ان فرض سيطرته ونفوذه من حضرموت حتى عدن بعد ان امتلك مخزونات مالية كبيرة حصل عليها من نهب ودائع مالية وعائدات ادارة لثالث اكبر الموانئ اليمنية زد على ذلك انه من يقوم على مرأى ومسمع من الجميع بتسيير زوارق بحرية سريعة يقودها مقاتلون بهدف الحصول على رسوم مالية على مرور السفن .. وعلى ما في هذه التساؤلات من مفارقات فالغريب ان نجد وكالة انباء بحجم (رويترز) تخفق هي الاخرى في الوصول الى اجابات مقنعة لمثل تلك التساؤلات التي بقيت مجرد علامات استفهام تطفو فوق مستنقع كبير في اليمن.
من المؤكد انه ومهما كانت نتائج المفاوضات التي ستجمع طرفا النزاع باليمن عما قريب في دولة الكويت الشقيقة فلا احد بوسعه الزام تنظيمي (القاعدة) و (داعش) و (انصار الشريعة) وغيرها من الجماعات الاخرى بنتائج هذه المفاوضات وهو ما سيلقي بضلاله على أي مسار للسلام او حل للنزاع المستمر من اكثر من عام بين الحوثيين وحلفائهم والمواليين لسلطة الرئيس عبدربه منصور هادي والتحالف العربي الذي تدخل لصالحه بدءا من اذار مارس 2015 وهو ما يعني ان اليمن المخرب وان خرج من ازمة الصراع على السلطة فانه الذي سيدخل ازمة الصراع مع التنظيمات الارهابية التي تمهد الان للسيطرة على اليمن الجنوبي على الاقل بإتباع العديد من الاساليب والتكتيكات الجديدة والمعقدة التي اتاحت لها مناخا مواتيا للاستحواذ على كميات كبيرة من الاسلحة المتقدمة والمتطورة عن طريق نهب القواعد العسكرية في الجنوب الذي اصبح بفعل الفراغ الامني متخما بالأسلحة وكذلك متفجرات سي 4 والصواريخ المضادة للطائرات وغيرها من الاسلحة المتاحة لمن يدفع اكثر.
لن يكون من اليسير ايجاد اجابات واضحة ودقيقة للتعامل الامريكي الاوروبي بصمت مع انتعاش القاعدة مجددا في اليمن لكن ما نستطيع ان نقوله وبدون تلعثم انه اذا ما نجحت التنظيمات المتطرفة وعلى رأسها (القاعدة) في توطيد وضعها في اطار هياكل سياسية واقتصادية فان المنطقة والعالم سيواجهان حركات متشددة اكثر تعقيدا ليس فقط من حيث نشاطها الارهابي وإنما من زاوية استراتيجيتها التنظيمية وقدرتها على نشر الارهاب المعولم كما وصفه العالم الاجتماعي الفرنسي اوليف روا في كتابه : (سياسات الفوضى في الشرق الاوسط) وعندئذ سيبدأ الطوفان.

كاتب يمني