محمد بن رامس الرواس
(خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)
الأعراف – ١٩٩
مع حلول العشر الأولى من أيام شهر ذي الحجة المبارك، يكون للعفو والصفح والتسامح دلائل كثيرة، فمن أفضل القربات إلى الله التعرض لنفحات الرحمن واختيار الأوقات المباركة والمناسبة لفعل الخيرات والعفو عن الناس ومساعدة الأخرين على تجاوز ذنوبهم وآثامهم، فيكون العفو مصدر لطهارة القلوب وطهارة الروح ومن خلاله ترسل فضائل الأخلاق وعلى رأسها العفو اجمل رسائل الطمأنينة والأمن للنفوس والمجتمعات .
من يملك الأخلاق فهو يملك صفة العفو والتسامح التي حض عليها نبيينا الكريم عليه أفضل الصلاة وأجل التسليم ، سيد المتسامحين وإمام العافيين وقدوة المحسنين.
إن التسامح والعفو يعدان من أفضل مكارم الأخلاق التي يحبها الله ورسوله ، سيما أن العفو تحديداً هو من الصفات التي أتصف بها الأنبياء والرسل وكرام الصالحين، لذا يأتي العفو والتسامح كقيمة مجتمعية فاضلة، نتاجها الرحمة والألفة والقربى بين الناس.
ومبدأ الأخذ بالعفو هو بالأساس مبدأ أنساني يفتح صفحات جديدة لمن أساء ،وكذلك إعطاء الفرصة للمسيء لكي يحسن العمل مجدداً ويقلع عما اساء ، كذلك تزول مع العفو والتسامح فكرة الانتقام والتفكير السلبي فينعم الله علي المجتمع بالأمن والأمان ، حيث القدرة على العفو تعود بالخير والفائدة من أجل تحقيق الوحدة المجتمعية والتضامن والتماسك ونبذ الخلافات، وهي منهاج الأئمة والصالحون وخيار الناس الذين يودون تحقيق العدل والمساواة لأممهم وشعوبهم.
إن العفو والصفح والتسامح فضائل تأتي من أصحاب لنفوس النقية والتقية وأصحاب الثقة بالنفس من أجل أن يصنعوا علاقات جديدة بالمجتمع ويفتحوا أبواب الخير لنبذ العيوب والإساءات، كما إن العافيين عن الناس قد فضلهم الله وأعطاهم درجة المحسنين فقال تعالي (والله يحب المحسنين) فالعفو والتسامح يعملان على تحقيق التعايش بين أفراد المجتمع فتحفظ الأنفس وتتخلص من الأخطاء.
إن ذروة السلوك الإنساني هو العفو عند المقدرة، لأن العفو إحياء للقيم السماوية ونبذ للبغضاء بين الناس، ولقد روي عن علي زين العابدين بن الحسين أن غلام كان يصب له الماء بأبريق فوقع الأبريق على زين العابدين فأنكسر الأبريق وجُرح زين العابدين برجله، فغضب وتغير وجهه فقال الغلام: سيدي يقول الله تعالى ( والكاظمين الغيظ) فقال زين العابدين: فقد كظمت غيضي، فرد الغلام: ويقول تعالى (والعافيين عن الناس) فقال زين العابدين: لقد عفوت عنك، فقال الغلام ولقد قال الله تعالى (والله يحب المحسنين) فقال زين العابدين: أذهب فأنت حراً لوجه الله تعالي .
ذهب العفو بجمائل الأخلاق وتوج الصالحين بتيجان العفو والإحسان، فالعفو مصلح لما فسد ومغنم للكريم لأنه يسقي زرعه بماء المكرمات.
حفظ الله عمان وحفظ حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المحسن الكريم وايده بنصره واسبغ عليه من مكارم الأخلاق ما تقر به العين، وتوجه بتاج العفو وجعله نبراس وقدوة للصالحين وزاده من فضله العميم.