تبعد 10أعوام في السلطة نتنياهو لا يزال متفوقا على منافسيه

الحدث الأربعاء ١٣/أبريل/٢٠١٦ ١٥:١٨ م
تبعد 10أعوام في السلطة نتنياهو لا يزال متفوقا على منافسيه

عندما أصبح بنيامين نتنياهو زعيما لإسرائيل للمرة الأولى قبل عقدين لم يتوقع الكثيرون مستقبلا سياسيا يتجه فيه للتفوق على ديفيد بن جوريون الأب المؤسس للدولة كأطول رئيس للوزراء بقاء في المنصب. وفي بلد لم يفز فيه قط أي حزب سياسي منفرد بأغلبية واضحة في البرلمان كثيرا ما وجد الناخبون أنفسهم مضطرين للعودة إلى صناديق الاقتراع بعد إنهيار حكومات إئتلافية قبل انتهاء فترات ولايتها التي تستمر أربعة أعوام. لكن بعد أسابيع من إحتفال نتنياهو "بيبي" بمرور عشر سنوات في المجمل على بقائه في السلطة فإن الواقع السياسي الذي يفرض نفسه هو أن السياسي اليميني البالغ من العمر 66 عاما ربما لا يتمتع بشعبية بين معظم الناخبين الإسرائيليين لكن لا يوجد منافس آخر قوي بما يكفي للإطاحة به. وعلى الورق فإن قبضة نتنياهو على السلطة غير مستقرة فالائتلاف اليميني الذي يقوده يحكم بأغلبية مقعد واحد فقط في الكنيست (البرلمان) المؤلف من 120 مقعدا وهو ما يعني أن كل تصويت تقريبا يكون عصيبا. ووفقا لاستطلاع للرأي نشرت نتائجه الأسبوع الماضي فإن غالبية الإسرائيليين بدأوا يملون من زعيم حزب ليكود إذ قال 51 بالمئة إنهم لا يريدونه أن يترشح في الانتخابات المقبلة والتي لن تجرى قبل 2019.

لكن من المفارقات أن الاستطلاع الذي نشرته صحيفة هآرتس الليبرالية أظهر أيضا أن الناخبين ليس لديهم ثقة كبيرة في أي من المرشحين الحاليين لدرجة أن التعليق المصاحب للاستطلاع قال إنه ستكون هناك حاجة إلى "إنفجار كبير" يتمثل في تشكيل تحالف وسطي جديد ربما يحل محل المعارضة غير المؤثرة حتى الان والتي تنتمي ليسار الوسط. ويقول محللون سياسيون إن ذلك التحالف قد يكون بقيادة حلفاء سابقين لنتنياهو مثل وزير المالية موشي كحلون الذي إنفصل عن حزب ليكود ليشكل حزبه الخاص وجدعون ساعر وهو وزير سابق في ليكود أعلن إعتزاله العمل السياسي في 2014 بعد خلاف مع رئيس الوزراء. ومن الأسماء المطروحة كشركاء محتملين جابي أشكينازي وهو قائد عسكري متقاعد.

وعندما كان وزير للاتصالات أجرى كحلون إصلاحا تضمن خفضا للأسعار في سوق الهواتف المحمولة أكسبه شعبية واسعة بين الإسرائيليين بينما يمكن لساعر أن يجتذب أصوات الناخبين من ليكود الذين يشعرون بالاستياء من نتنياهو في حين أن أشيكنازي يملك المؤهلات العسكرية التي تحظى بشكل تقليدي بالتقدير لدى الناخب الإسرائيلي. *صورة لا تقهر يقول عوفير كينيج الباحث في الإصلاح السياسي بمعهد إسرائيل للديمقراطية وهو مركز أبحاث إنه رغم أن نتنياهو لا يتمتع بشعبية كبيرة إلا إنه "يستفيد من عدم وجود قيادات سواء في معسكره او المعسكر المعارض." وكينيج ليس مقتنعا بصحة الفكرة القائلة بأن نتنياهو "لا يمكن هزيمته" والتي عززها ما وصفه بالصدمة الكبيرة التي تلقاها اليسار والوسط بعد فوز حزب ليكود في اللحظات الأخيرة في انتخابات 2015. وقال "لكنني أعتقد أنه على مدى العقد الماضي توجد أغلبية شبه تلقائية للتكتل اليميني-الديني وان تغيير ذلك سيتطلب شيئا مميزا وهو حشد قوى الوسط واليسار."

وكان استطلاع سابق أجرته صحيفتا جيروزالم بوست ومعاريف قد أبرز تلك النقطة: فقد تفوق نتنياهو على منافسه الرئيسي من المعارضة اسحق هرتزوج زعيم حزب الاتحاد الصهيوني بفارق 56 إلى 25 بالمئة. وداخل ائتلاف نتنياهو جاء الزعيم الشاب لحزب البيت اليهودي المتطرف نفتالي بينيت في المركز الثاني بعد نتنياهو بهامش 40 إلى 29 بالمئة. وبن جوريون الذي أعلن قيام دولة إسرائيل في 1948 وشغل منصب رئيس الوزراء على فترات متقطعة حتى عام 1963 هو الوحيد الذي قاد البلاد لفترة أطول من "بيبي". وسيتفوق نتنياهو على بن جوريون إذا ظل في منصبة حتى 23 سبتمبر أيلول 2018 وفقا لمعهد إسرائيل للديمقراطية. ولكي يتحقق له ذلك ينبغي على السياسي المخضرم أن يحافظ على تماسك حكومته وهو أمر صعب في إسرائيل لكن ربما يكون أقل صعوبة الآن .. ففي السابق كانت محادثات السلام مع الفلسطينيين هي سبب لانقسام الائتلافات لكن لم تجر أي محادثات منذ 2014 ولا توجد دلائل على أنها ستستأنف. التوسع الاستيطاني مع تركيز الاهتمام العالمي على بؤر أكثر سخونة في الشرق الأوسط والتفجيرات التي شنها متشددون اسلاميون في أوروبا يمضي نتنياهو قدما في خطط التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة.

ومن المرجح أن يرضي هذا حلفاءه السياسيين المتطرفين وهو ما يساعد في تعزيز ائتلافه. ويسعى نتنياهو أيضا لترسيخ صورته بإعتباره "حامي الأمن" مستغلا حقيقة أنه حتى لو لم يكن الناخبون يحبونه فإنهم فيما يبدو يثقون فيه عندما يتعلق الأمر بالتصدي للتهديدات. وزار نتنياهو يوم الاثنين جنودا من قوات الاحتياطي بالجيش في هضبة الجولان المحتلة وبدا مرتاحا واختار المناسبة ليكشف النقاب عن سر. وأكد تقاريرا عديدة على مدى سنوات طويلة بأن إسرائيل نفذت عشرات الضربات الجوية عبر الحدود القريبة مع سوريا ضد شحنات أسلحة لجماعة حزب الله اللبنانية التي تدعمها إيران وتسيطر على معظم جنوب لبنان. وجاء الكشف بعد رفض إسرائيل الاعتراف بمثل هذه الهجمات -ربما إنطلاقا من رغبة في عدم إستفزاز حزب الله- بعد يوم من إضافته إنجازا أمنيا آخر إلى رصيده. وأبلغ نتنياهو اجتماعا لمجلس الوزراء يوم الاحد أن تصعيدا بدأ قبل ستة أشهر للهجمات الفلسطينية في الشوارع ينحسر مرجعا ذلك إلى "تحرك حازم جدا" لقوات الأمن الإسرائيلية. ويبدو أن هذا الخطاب الصارم هو الذي يبقي نتنياهو متفوقا على منافسيه حتى وهم يبحثون عن سبل للإطاحة به.

وكالات