المرحلة اقتصادية صرفة!

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١١/أكتوبر/٢٠٢٠ ٠٨:٥٨ ص
المرحلة اقتصادية صرفة!

علي بن راشد المطاعني

ليس هناك الآن ما هو جدير بالاهتمام أكثر من الاقتصاد الوطني، وليس هناك مشروع يستحق أنْ نوليه الأولوية غير المشروعات الإنتاجية ذات القيمة المُضافة العالية، وليس هناك ما يستحق الصرف عليه أكثر من منظومة النهوض باقتصادنا الوطني وتنويع مصادر الدخل بكل الطرق.

إذن ووفق كل المقاييس فإنَّ المرحلة الراهنة يمكننا أن نسمّيها اقتصادية بامتياز؛ فالنهوض بالاقتصاد بعد كل التداعيات الراهنة جراء انخفاض أسعار النفط وتداعيات كورونا تفرض علينا هذا الواقع الأُحادي، وبالتالي على كل الجهات والهيئات أنْ تعمل ليلَ نهار وبالطاقة القصوى لمعالجة الآثار المترتبة على هذه المستجدات والمواءمة والتكيُّف مع المتغيِّرات إذا رغبنا في تجاوز المرحلة بأقل الخسائر المُمكنة.

بلا شك إنّ الأولويات التنموية أخذت اهتمامها في السنوات الفائتة، إلا أنّ الاقتصادية منها لم تكن بتلك الصورة النموذجية؛ لاعتمادنا على الاقتصاد الريعي المتمثل في (النفط)، وإنْ كانت هناك جهود بُذلت هنا وهناك غير أنّها كانت غير متناسقة ، والنتيجة وجدنا أنفسنا تحت رحمة أسعار النفط وتقلباتها مدا وجزرا، غير أنّ ما حدث لا نحسبه نهاية المطاف في حياة الأمم والشعوب الحيّة الراغبة في التغيير والتحديث ومواجهة التحديات بعزم وإرادة لا تلين.

ولا نعتقد بأنّ معالجة الوضع يعد مستحيلا ما بقيت الإمكانيات متوفرة والقدرات عالية والرغبة لبلوغ الغايات محتدمة وعالية ووثابة إزاء العمل الدؤوب لإصلاحٍ اقتصاديٍ شامل في كافة المجالات وفي كل الوزارات والهيئات والمجالس النيابية، وحتى السفارات عليها مسؤوليات للترويج وجلب المستثمرين والتعريف بالقدرات والإمكانات المتوفرة بالبلاد وذات العائد المضمون.

وعلى كل الجهات أنْ تعمد لمراجعة آليات عملها وصولا لتلك الغاية عبر تسهيل وتبسيط الإجراءات وتخفيض الضرائب وتسريع إنجاز المعاملات وفتح آفاق أوسع مدىً أمام المستثمرين وصولا لإنعاش سريع للاقتصاد وجذب المستثمرين الوطنيين والأجانب.

وفي هذه المرحلة نحن بحاجة أيضا لإعادة صياغة العقليات في الأجهزة الحكومية ونزع كلمات (لا، مستحيل، لا يجوز) من عقولهم وإلى الأبد، فضلا عن الكف عن الاجتهادات الشخصية والابتعاد عن مبدأ تغليب المصالح الذاتية على العامة التي كانت تُفضي لرفض مشروع استثماري أو نشاط اقتصادي كان من الممكن أنْ يُعد إضافة لمنظومتنا الاقتصادية.

إذن الكل معني بهذا التوجه، حتى المؤسسة الدينية عليها واجبات ومسؤوليات كبيرة في الحث على العمل والاجتهاد والتحصيل والتركيز على التجارة والاقتصاد في برامجها التوعوية وفي خطبها على المنابر؛ فهذه المحاور لم تحظَ باهتمام كافٍ في الفترات الفائتة.

كما أنّ على مؤسسات التعليم أنْ تعمل على تشجيع البحث والابتكار والحض عليه وتقديم المزايا والحوافز السخيّة كدافع لطلابنا للمُضي قُدُما في هذا الطريق المهم، وربط تلك المخرجات الإبداعية بمصانعنا ومؤسساتنا الإنتاجية وصولا لعلامات عُمانية في مجالات الابتكار والتجويد والإبداع الصناعي.

كما أنّ على رجالات الأعمال مسؤولية - بطبيعة الحال - من خلال إعادة رؤوس أموالهم لبلادهم وباعتبار أنّ المثل القائل (ما حك جلدك مثل ظفرك) هو الأولى بالاتباع والتصديق في هذا المنعطف الحرج، وعلى بيت التجّار العمل بشكل أفضل لتعزيز الاستثمار والشراكة مع نظيره الأجنبي. وعلى الجانب الآخر، فمن الأهمية كذلك تعاون المجتمع في هذه المرحلة والقَبول ببعض السياسات التي تدعم تنويع مصادر الدخل وتحقق الاستدامة المالية. نأمل في الفترة القادمة من كل جهاتنا ومؤسساتنا وشركاتنا التركيز على الاقتصاد؛ فهو وفي نهاية المطاف حلقة متصلة ومترابطة يشد بعضه أزر بعض وصولا للأهداف والآمال المرجوة والتي نحقق عبرها تطلعاتنا المشروعة في غدٍ أرغد وأسعد.