الترافع يدعم جهود الإحلال ولكن!

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٠٨/أكتوبر/٢٠٢٠ ٠٩:٠٠ ص
الترافع يدعم جهود الإحلال ولكن!

مسقط - الشبيبة

بقلم : علي المطاعني 

اتّخذت وزارة العدل والشؤون القانونية خطوة جيّدة بقصر الترافع في المحاكم على المحامين العمانيين فقط، القرار ومثله من قرارات ما من شك أنه سيُسهم بفاعلية في تمكين الكوادر الوطنية في الكثير من مفاصل العمل في الدولة وهو ما يلقي بمسؤوليات على الجهات الحكومية الأخرى لرفد الجهود المبذولة في هذا الشأن الوطني المهم؛ لإنجاح جهود الإحلال والتعمين في كل مفاصل العمل في البلاد وبغير استثناء. إلا أن الوزارة معنية بمعالجة قلة المحامين العمانيين الذين يحق لهم الترافع أمام المحكمة العليا وذلك بقصر المدد المطلوبة للترافع أو استثنائهم منها كأحد الحلول الهادفة إلى تمكين المحامين العمانيين.

فخطوة إحلال الكوادر الوطنية في مهنة القضاء الواقف تشكّل نموذجا يُحتذى به من قبل الجهات الأخرى في الإسهام الفاعل في هذا الشأن لتتكامل الجهود إلى ما نتطلع إليه، ففي العديد من الوظائف والمهن التي تتوفر لها كوادر وطنية يجب ألا نتأخر في إحلالها بكل الطرق الممكنة. وهو ما يُلقي على كل أجهزة الدولة مسؤوليات جسام في المساعدة بإدارة هذا الملف الذي يعتبر الأكثر أهمية وحيوية في المرحلة الراهنة كلٌ وفق اختصاصه ودوره بما يُسهم في حلحلته باستيعاب الكوادر الوطنية وتمكينهم من العمل في أجهزة الدولة والقطاع الخاص، وهو ما يتطلب من الوزارة إنجاح هذا التوجه بتوفير حلول رديفة تسهم في انسيابية العمل في مجال المحاماة.

فالكل يعلم بأن مهنة المحاماة ذات أهمية بالغة في مناصرة الحق أينما كان، والوقوف مع المظلومين في إطار العمل الدؤوب والمحمود الهادف لإرساء دعائم العدل والإنصاف في المجتمع، وكان التدرّج في إحلال هذه المهنة قرارا جريئا من الوزارة، وامتد تنفيذه لسنوات وفق أهمية مراحل التقاضي وتوفر الكوادر الوطنية في مهنة المحاماة، غير أنه وفي نهاية المطاف حقق أهدافه ولله الحمد بإحلال إخواننا وأبنائنا المحامين، وفتح الآفاق واسعة لتمكينهم من إدارة دفة الترافع في ساحات العدل وهو ما نتطلع من الوزارة الاستمرار بتعزيزه بكل الطرق التي لا تؤثر على مسار العمل في توفير متطلبات العدالة الناجزة من خلال إيجاد الحلول الملائمة لتلافي أي نقص في عدد المحامين.

بلا شك إن القرار أسعد جموع المحامين المواطنين والذين نثق في أنهم سيضيفون زخما جديدا وفاعلا لساحات التقاضي وأن هدفهم الأول والأخير سيغدو تأكيد العدل والإنصاف، وهي من المبادئ الأساسية التي تقوم عليها عُمُد وأركان دولة المؤسسات والقانون، إلا أن أملنا في هذا الشأن أن تُختصر مدد الترافع للمحامي العماني أمام المحكمة العليا لكي تسهل مهمته ولا يشكّل فراغا عدم ترافع المحامين الآخرين، فهل يُعقل أن المحامي لكي يترافع أمام المحكمة العليا يحتاج لأكثر من 14 سنة تقريبا في ظل التطوُّرات المعرفية وسرعة اكتساب الخبرات وترك الأريحية في العمل وفق جدواها وجودته للجهات الاختصاص وكذلك المتعاملين.

إنّ أعداد المحامين وفق إحصائيات عام 2019م بلغ 1935 محاميًا موزعين على جداول المحامين بكافة المحاكم، والمسجلين للترافع أمام المحكمة العليا 172 محاميًا و313 مسجلين كمحامين مقبولين للترافع أمام محاكم الاستئناف فقط، ويتضح مما تقدم بأن عدد المحامين المواطنين أمام العليا ربما لا يغطي الحاجة للترافع، مما يتطلب تقليص المدد أو استثنائهم من المدد المطلوبة للترافع كأحد جوانب الحل.

بل إن بعض الموكلين سوف يعزفون عن طلب خدمات مكاتب تترافع فقط في المحاكم الابتدائية‏، مما قد يهدد بإغلاق هذه المكاتب ويؤثر على دورها، ومعالجة هذه الجزئية سوف تُكمل الهدف من قصر الترافع في المحاكم العمانية على المحامين العمانيين بنهاية هذا العام.

نأمل الآن وبعد هذه الخطوة المباركة من الوزارة أن يتم الالتفات لهذه النقاط التي أشرنا إليها لأهميتها، وأن تعمل الجهات المختصة على تدارس هذه النقاط بروية وصولا لحلول واقعية تتيح للمحامي العُماني التدرّج وصولا للعليا وقبل وصوله لسن التقاعد، وهذه أمنية كل محام بطبيعة الحال، فبها وعبرها يمكنه أن يقول بأنه قد أكمل مشوار حياته كما ينبغي في هذا الطريق المقدس.