دبي -ش
تحتضن المصانع التقليدية غرف تحكم مجهزة بالمشغلين الذي يتولون مسؤولية مراقبة حالة الأنظمة والمعدات وإصدار الأوامر والاستجابة للتنبيهات. ويتواجد في معظم المواقع التصنيعية أيضاً فريق صيانة لضمان الاستجابة الفورية للمشكلات الطارئة واتخاذ الإجراءات المناسبة وإبلاغ فريق العمليات التشغيلية بالنتائج النهائية. ويتوجّب على فريق العمليات التشغيلية ومهندسي الصيانة التنسيق عن كثب لحل المشكلات الناشئة بسرعة وكفاءة عالية لتفادي أي آثار سلبية على أداء المصنع. ومع ذلك، يمكن أن يمثل تنسيق المهام وتنظيم الإجراءات بين الإدارات والأقسام تحدياً حقيقاً.
وتبرز الحاجة الملحّة اليوم إلى تبنّي نهجٍ جديد يتيح للكفاءات البشرية القيام بأدوار مزدوجة (من حيث الصيانة والتشغيل)، مع وجود بعض التداخلات في المسؤوليات. وتأتي أحدث تفنيات "واجهة التحكُّم بالآلة" (HMI) المحمولة والنقالة، والتي تسهّل التعاون المباشر بين فريق العمليات التشغيلية وفريق الصيانة، بمثابة دفعة قوية باتجاه الارتقاء بالكفاءة التشغيلية..
يشرح هذا الأمر مايانك ميهتا، رئيس قسم حلول الأتمتة الآلة في شركة "إيمرسون الشرق الأوسط وأفريقيا" ويستعرض دور "واجهات التحكم" المتنقلة في تحقيق التقارب المستمر بين التشغيل والصيانة في هذه المقالة الخاصة.
"واجهة التحكُّم بالآلة" الثابتة
عادةً ما يعمل مشغلو غرفة التحكم على "واجهة التحكُّم بالآلة" الثابتة والمستندة إلى أجهزة الكمبيوتر الشخصي، على الرغم من وجود أجهزة "واجهة التحكُّم بالآلة" أخرى على أرضية المصنع. ويتم تثبيت الواجهة عادةً على أو بالقرب من جهاز معين أو إحدى المعدات المحددة، مقدمةً وظائف محدودة. وغالباً ما يتوجب على المشغلين، عند استلام تنبيه أو تحديد مشكلة، الاتصال بأحد موظفي قسم الصيانة الذي يتوجّه مباشرةً إلى المصنع لإيجاد حل فوري للمشكلة الطارئة. وينبغي على موظف التشغيل البقاء في محطة العمل الخاصة به، على أن يتواصل مع موظفي الصيانة عبر أجهزة الراديو. ويعتبر هذا النهج موثوق للغاية، إلاّ أنه ينطوي على بعض التأخيرات التي قد تؤدي إلى حدوث أخطاء ذات تداعيات لا يُستهان بها.
التقارب بين "تكنولوجيا المعلومات" و"التكنولوجيا التشغيلية"
يزداد مستوى التقارب بين "تكنولوجيا المعلومات" (IT) و"التكنولوجيا التشغيلية" (OT) المطبقة في المرافق التصنيعية، بالتزامن مع توجه الأجهزة والبرمجيات والشبكات والبروتوكولات القائمة على تكنولوجيا المعلومات لتصبح أكثر تكاملاً وتوافقاً مع أجهزة التكنولوجيا التشغيلية، مثل "وحدات التحكم المنطقي القابلة للبرمجة" (PLCs) و"واجهات التحكُّم بالآلة" (HMIs). ويحدث التقارب أيضاً ضمن منطقة الإنتاج فيما يتعلق بأدوار فريق التشغيل وموظفي الصيانة، وهو ما يتعزز بفضل التقارب الأكبر بين "تكنولوجيا المعلومات" و"التكنولوجيا التشغيلية".
وساهم التقارب الحاصل في طرح مجموعة واسعة من أجهزة "واجهة التحكُّم بالآلة" المحمولة والمتقدمة في السوق، والتي تتميز بسمتين أساسيتين هما المتانة والأداء. ويمكن استخدام الهواتف النقالة القياسية لإدارة بعض وظائف "واجهة التحكُّم بالآلة"، مما يتيح للموظفين في الكثير من الأحيان الوصول المباشر إلى البيانات لغرض القراءة والاطلاع حصراً. وتتطلب التطبيقات الأخرى أجهزة لوحية خاصة صناعية أو مخصصة للوحدات التصنيعية، والتي يمكن ضبطها للسماح بالقيام بوظائف المراقبة والتحكم. وتتمثل النتيجة في منح المشغلين المزيد من الحرية، سيّما وأنهم لم يعودوا مرتبطين بغرفة التحكم، في الوقت الذي يتوفر فيه المزيد من المعلومات الوافية لفريق الصيانة في المواقع التصنيعية. ويمكن للموظفين الذين يضطلعون بأدوار ذات صلة بالعمليات التشغيلية والصيانة المتقاربة حالياً تحديد المشكلة الحاصلة والتوجه إلى الجهاز لاستكشاف الأخطاء وإصلاحها بصورة فورية وحل المشكلة بكفاءة وفعالية تامة.
ويمكن الاكتفاء بـ "واجهة التحكُّم بالآلة" الثابتة لإدارة وأداء بعض المهام والوظائف، إلا أنَّ الاستعانة بواجهات التحكُّم النقالة ستكون خياراً أفضل للعديد من التطبيقات والاستخدامات. ومن الأمثلة على ذلك نذكر تعديل نقطة معيارية ورصد تأثيرها؛ فإذا كان فريق التشغيل بحاجة إلى دعم من فريق الصيانة، عندها يمكن لفرق العمل التواصل من خلال واجهة التحكُّم النقالة والتعاون فيما بينها لتحديد مكامن الخلل ومعالجتها. كما تتيح واجهات التحكُّم الثابتة أو الجوالة لفرق الصيانة أداء بعض مهام فريق التشغيل من قبيل الاستجابة للإشعارات والتنبيهات.
وتساهم التقنيات القائمة على التكامل بين "تكنولوجيا المعلومات" و"التكنولوجيا التشغيلية" في تحسين "واجهات التحكُّم بالآلة" النقالة. ولا تقتصر المنصات الحديثة للتحكُّم بالآلة على الميزات التي يتيحها النسق المنطقي القابل للبرمجة، حيث تتضمن أيضاً إمكاناتٍ تعادل القُدرات الحاسوبية. ويمكن لمنصات النسق المنطقي القابل للبرمجة أن تتيح تنفيذ العمليات بتقنياتٍ متطورة من قبيل التحليل المباشر خلال سير العمل، دون الحاجة لأي انقطاع في عمليات الأتمتة الأساسية. كما يُمكن لأحدث منصات النسق المنطقي القابل للبرمجة معالجة ملفات البيانات الصورية "الجرافيكس" وإرسالها إلى تجهيزات متنقلة.
الاستخدام في صناعات الأغذية والمشروبات
تستعين وحدات تصنيع الأغذية والمشروبات بمجموعةٍ من التجهيزات التي يمكن أن تزداد فعاليتها بفضل تقنيات "واجهات التحكُّم بالآلة"؛ وينطبق ذلك على مُختلف الأقسام والوحدات، من التخزين إلى التصنيع والفرز والتعبئة والتغليف، والتي تستعين بنُظُم وتجهيزات مُستقلة في أغلب الأحيان. ويُمكن ربط النُظُم ذات الوظائف المُختلفة بواجهة التحكم بالآلات في غرفة التحكُّم المركزية.
وعادةً ما يواجه فريق غرفة التحكُّم صعوباتٍ في تحديد السبب الأساسي لأي خلل كحدوث تأخُّر وانقطاع في التعبئة والتغليف، مما يتوجب على أحد أعضاء فريق التشغيل أو الصيانة تفحُّص خط الإنتاج أو الآلة لمعرفة سبب الخلل. وفي تلك الحالات، فإنَّ "واجهات التحكُّم بالآلة" تكتسب أهميةً إضافية من خلال مقارنة بياناتها مع المُعطيات التي يتوصل إليها فريق الصيانة أو التشغيل في الموقع. ويتيح ذلك لفريق التشغيل تحديد ماهية الخلل وفيما إذا كان سببه بسيطاً، مثل تراكم العبوات ليقوم الفريق بمعالجة الخلل بكل سهولة، أو تحديد سبب أكثر تعقيداً للخلل يقتضي تدخُّل فريق الصيانة. وعندها يمكن لفريق الصيانة الاستعانة بالمُعطيات التي توفرها "واجهات التحكُّم بالآلة" لزيادة فعالية الصيانة وتقليص الوقت الذي تتطلبهُ.