مسقط - (شینخوا)
أجمع عدد من الخبراء والباحثین العمانیین على أھمیة دور منظمة الأمم المتحدة في صون
النظام الدولي وحفظ العدل والسلام الدولیین، وأكدوا على أھمیة الاجتماع رفیع المستوى الذي عقد یوم الاثنین
قبل الماضي للاحتفال بالذكرى السنویة الـ 75 للأمم المتحدة، وقالوا إن ھذا الاجتماع اتخذ أھمیتھ الكبیرة من موعد
انعقاده حیث جاء في ظل ما یعیشھ العالم من أزمة عالمیة طاحنة جراء جائحة فیروس كورونا الجدید (كوفید – 19 ).
ورأي ھؤلاء الخبراء أن الأمم المتحدة تظل المظلة الكبرى التي تستظل بھا دول العالم وھي الأم لكل
الدول، وأنھا تسعى لتأدیة دورھا بالشكل المطلوب منھا والمنوط بھا، غیر أنھ لا یمنع من أنھا تحتاج إلى بعض
الإصلاحات للوصول إلى ھذا الھدف النبیل الذي یخدم العالم.
وأشاد الخبراء بالسیاسة الصینیة الحكیمة التي تعتمد علي التعاون والتشاور والتشارك بل والنفع للجمیع
والتي تطبقھا الصین عملیا على أرض الواقع سواء من خلال تعاونھا مع الدول بشكل فردي، أو من خلال
العمل الجماعي عبر المنظمات والھیئات الدولیة ومنھا الأمم المتحدة، أو من خلال مبادرتھا العالمیة النفع
المتمثلة في "مبادرة الحزام والطریق."
وقال رئیس قسم التاریخ السابق بجامعة السلطان قابوس الدكتور محمد بن سعد المقدم إن اجتماع الأمم
المتحدة ا75 الذي عقد مؤخرا یمثل أھمیة كبیرة ھذه المرة للكثیر من بلدان العالم، وذلك بسبب موعد انعقاده
حیث یأتي في ظل جائحة فیروس كورونا الجدید وتأثیراتھا الصحیة والاقتصادیة والاجتماعیة وغیرھا، ولذا
فمن الضرورى على العالم أن یستفید من ذلك وأن یكون بمثابة ید ودولة واحدة حتى نتمكن من تحقیق السلام
والوئام في العالم، لأن الشراكة والتعاون السیاسي والاقتصادي ھي الوصفة الصحیة والأساسیة لمواجھة تحدیات
وباء (كوفید – 19)، ولأن التعاون الدولي والمصالحة ھما الحل الأمثل لتبعات تلك الجائحة لأنھا لیست محلیة ولا
إقلیمیة وإنما قضیة وأزمة عالمیة .
وأكد المقدم، في تصریحات خاصة لوكالة أنباء ((شینخوا))، أن الرؤیة التي قدمتھا الصین من خلال كلمة
رئیسھا شي جین بینغ في الاجتماع الأخیر تعد نموذجا ینبغي الاحتذاء بھ في ا لتعاون الدولي، حیث ركز الرئیس
الصیني في كلمتھ بعد الحدیث عن المنظمة ودورھا وأھمیتھا، ركز على ضرورة التعاون الدولي، كما أكد على
عدد من المبادىء التي إذا تم الحفاظ علیھا والعمل بھا لعم السلام والأمن الدولي ومنھا: مبدأ العدالة والمساواة
والاحترام المتبادل بین دول العالم، وتعزیز مبدأ التعاون الدولي، والالتزام بحكم القانون ومبادىء الأمم المتحدة.
وذكر أستاذ العلوم السیاسیة بجامعة السلطان قابوس الدكتور ھاني البسوس لـ((شینخوا)): أن الأمم
المتحدة ما زالت الأم لكل دول العالم، وھي تمثل المظلة الواسعة والكبرى التي من خلالھا یتم التنسیق من أجل
التصدي للأوبئة ومن أجل القیام بتحفیز الأنشطة الاقتصادیة أیضا .
وأضاف قائلا إن كل ما یتعلق بالعمل الاقتصادي والمالي الدولي یجرى تحت بعض الوحدات التابعة للأمم
المتحدة، وتعمل ھذه الوحدات والمنظمات التابعة للأمم المتحدة أیضا بتنسیق عال من أجل تقدیم ما یلزم من
مساعدات وتحفیز اقتصادي من أجل كثیر من الدول وخاصة دول العالم الثالث، وأیضا بالنسبة للدول التي
تأثرت من الجائحة، لأن الوضع الاقتصادي بالعالم في تدھور نتیجة الجائحة ویحتاج إلى نوع من التعاون في
كثیر من المجالات سواء في مجال الطیران، التصنیع، الاستیراد والتصدیر وفي كثیر من القطاعات الأخرى.
وأشار البسوس إلى أن كثیرا من دول العالم تعتمد على السیاحة في اقتصادھا الوطني، وأنھا فقدت ھذا
النشاط الاقتصادي، ومن ثم فھذه الدول تحتاج إلى نوع من التنسیق من أجل العمل على الحد من الوباء بھا
وآثاره علیھا، وفتح آلیة جدیدة للالتفاف على الوباء وإمكانیة التعامل مع الوضع بشكل یعید التحفیز الاقتصادي
وھذا كلھ - بالطبع - من الصعب أن یتم إلا من خلال العودة للأمم المتحدة والتنسیق مع المنظمات الدولیة.
وذكر أن الصین دولة تعمل بشكل مستمر وتكافح الأوبئة ولدیھا إمكانیاتھا، كما أنھا دولة لھا تفوقات على
مستوى العالم في كل السیاقات خاصة في التكنولوجیا الحدیثة وفي مجال الصحة، ویمكن أن تكون النقطة المھمة
وتمثل أھمیة كبیرة في التعاطي مع ھذه الأزمة.
وأوضح البسوس قائلا إن المسألة أصبحت مسیسة في الوقت الحالي، ولكن لا بأس من أن تتعاون الصین
مع كل الدول التي تتعاون معھا خاصة في إمكانیة الوصول إلى لقاح.
وأشاد الباحث في العلوم السیاسیة الدكتور ناصر أبو عون بكلمة الرئیس الصیني شي جین بینغ في
الاجتماع رفیع المستوى للأمم المتحدة، وأشار إلى أنھ ركز في كلمتھ علي عدم الاحتكار وعدم إساءة الدول
المنتسبة للمنظمة إلى الدول الأخرى، وھذا مبدأ مھم جدا كما أنھ مبدأ أخلاقي وینبغي التحلي بھ والعمل علیھ.
وقال أبو عون في تصریحات خاصة لـ((شینخوا)) إن الرئیس شي تحدث أیضا عن مبدأ الشراكة وذلك
من خلال مبادرة "الحزام والطریق" التي طرحھا الرئیس في 2013 وعملیة إعادة طریق الحریر القدیم لیربط
التجارة العالمیة ببعضھا ولیعود بالنفع علي الجمیع وھو المبدأ الذي تنتھجھ وتطبقھ وتؤكد علیھ الصین دائما.
وأضاف أنھ في المقابل - للأسف - ترید الولایات المتحدة احتكار كل شيء وألا یشاركھا أحد وھذا مبدأ
فیھ أنانیة.
ورأى أبو عون أن منظمة الأمم المتحدة لابد وأن تكون بمثابة حكم عدل بین جمیع الدول ولا تترك قوة
واحدة تنفرد بالعالم لأن ھذا "خراب" ودمار على العالم، فلا مانع أبدا من أن یكون ھناك نوع من التنافس
الشریف بین الدول .
وأشار إلى أن الصین تدرك ما ترید وتعرف طریقھا جیدا ولذا فھي تسیر وفق خطوات مدروسة ومتأنیة،
وھي تقوي نفسھا وتتقدم علمیا واقتصادیا وتجاریا - فما العیب في ذلك؟- ولذا فھي تصل إلى ما ترید وتحقق
طموحھا وحلم شعبھا.
ولفت أیضا إلى أن الصین لدیھا حضور متمیز في قارة إفریقیا منذ سنوات وذلك في إطار الشراكة
والتعاون الحقیقي ولذا نجد أن الصین تنال الثقة وتجد الترحیب والقبول على الدوام .
وأشاد أبوعون بالخطوة الصینیة المتمثلة في إعلان الرئیس الصیني في اجتماع الجمعیة العامة للأمم
المتحدة مؤخرا، بأنھ بعد الانتھاء من أعمال البحث والتطویر المتعلقة باللقاح الصیني الجدید المضاد لـ(كوفید – 19 ) ووضعھ قید الاستخدام، سیتم جعلھ منفعة عامة عالمیة من أجل تحقیق إمكانیة الوصول إلى اللقاح وتوافره
في البلدان النامیة، وھذه خطوة جد مھمة لأنھا إنسانیة وتمثل إنسانیة الصین، لأنھ في الوقت الذي تبادر فیھ
الصین باتاحة اللقاح للجمیع، تنظر دول أخرى إلى اللقاحات على أنھا مكسب تجاري وھذا یبرز إنسانیة الصین.
وبالرغم من رؤیة أبو عون لأھمیة الدور الذي تلعبھ الأمم المتحدة، إلا أنھ رأى أن دورھا من الممكن أن
یكون أھم وأعظم، ولذا فھي مطالبة بعمل إصلاحات حتى تصل إلى أھدافھا.