الجسر البري .. والطريق إلى عُمان

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٤/أبريل/٢٠١٦ ٠٠:١٠ ص
الجسر البري .. والطريق إلى عُمان

محمد محمود عثمان
mohmeedosman@yahoo.com

أن تأني متأخرا خير من ألا تأتي، مقولة نرددها دائما عندما ننتظر شيئا نأمل أن يتحقق ولكنه تأخر كثيراً، وهذا ينطبق على الجسر البري الذي يربط قارتي أفريقيا وأسيا عبر أقرب نقطتين على شواطيء البحر الأحمر بين المملكة العربية السعودية ومصر.
المشروع ليس وليد اللحظة حيث يرجع للعام 2006، بعد أن أعترض عليه الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك بدون مبررات منطقية وغير اقتصادية، سوى القول بالتأثيرات السلبية على المشروعات والمنتجعات السياحية في مدينة شرم الشيخ، رغم من أنه من العناصر الأساسية لتنشيط وجذب السياحة الخليجية، ولا سيما بعد أن تعهد الملك فيصل خادم الحرمين الشريفين الراحل، بتحمل السعودية بالتكلفة التي قدرت وقتها بـ 3 بلايين دولار، باعتباره مشروعًا تاريخيًا للمرور والنقل البري، واستكمال ربط شبكة السكك الحديدية المصرية بالخليجية، وإمكانية ربطها من المغرب إلى عُمان ثم باقي دول الخليج، لأنّه أول جسر يربط بين قارتي آسيا وإفريقيا في 20 دقيقة فقط، إلى جانب أنه سيكون من أهم الطرق البرية المشجعة لحركة التجارة والسياحة البينية العربية وربط المشرق بالمغرب والدول العربية الأسيوية مع الأفريقية.
وقد تستفيد منه دولا أورووبية أيضا، لزيادة التبادل التجارى وتأمين تنقل أفضل للمسافرين، إضافة إلى ملايين السياح والمعتمرين والحجاج الأفارقة فى مواسم الحج كل عام، بالإضافة إلى الفوائد التي نجنيها من ذلك، من زيادة حجم التجارة البينية والعربية لأننا نتحدث كثيرا عن ضعفها، وأنها لم تتعد 9% من حجم التجارة العربية بقيمة 93 بليون دولار، وهى نسبة ضئيلة إذا ما قورنت بحجم التجارة مع الدول الأوربية التي تتجاوز 90%، وكذلك تنشيط السياحة البينية بالخليج التي لا تتعدى نسبتها 14% من مجمل سياحة الخليجيين، في الوقت الذي نطالب كثيرا بتشجيع السياحة العربية – العربية، ونتغنى بأهمية الوحدة الاقتصادية العربية ، وإذا تفاءلنا نتغنى بالوحدة السياسية، ونسينا أن الأمنيات إذا لم توافقها الأفعال تكون ضربا من الخيال أو نوعا الرومانسية المفرطة، وهذا عكس ما تطالب به الشعوب العربية بضرورة وجود خطط واقعية تساعد في تلبية المطالب وتحقيق الأمنيات، بعد أن أصبح السعي للتكامل الصناعى والتجارى، مطلبا لجميع الدول العربية، خاصة إذا واكب الجسر البري بين مصر والسعودية الانتهاء من الطريق البري عُمان - السعودية عبر الربع الخالي، الذي يعد من أهم الطرق البرية الحديثة في الخليج وفي الوطن العرب، لتسهيل تبادل التجارة وتنامي حجم الصادرات والواردات بين السعودية وسلطنة عمان والدول المجاورة لهما، التي سوف تستفيد من موقع السلطنة الجغرافي المتميز التي تتحكم من خلاله من جهة الشمال في مضيق هرمز، الذي يعتبر مدخلاً للخليج العربي، وكذلك لموقعها في أقصى جنوب شرقي الجزيرة العربية، حيث تطلّ على كل من خليج عمان وبحر العرب المتصل بالمحيط الهندي.
ومن ثم من الضروري السرعة في تهيئة باقي الطرق المتفرعة من هذا الطريق والروافد التي سوف يصب فيها والتي تصب فيه، ولاشك أن ذلك يحتاج إلى استثمارات ومشروعات وشركات كبيرة ومتوسطة وصغيرة وتوظيف أيد عاملة بخبرات ومهارات متنوعة، إذ لابد أن تشهد جنبات الطريق الكثير من المنشآت والمرافق الخدمية المتنوعة بما يساعد على تعمير أجزاء كبيرة على جانبي الطريق، وبذلك فإن الجسر البري على البحر الأحمر بين مصر والسعودية والطريق البري عُمان - السعودية، يساهمان فى الربط بين الوطن العربى،وفتح الحدود واتساع رقعة التعاون وازدهار للمنطقة وتقوية العلاقات الاقتصادية والاجتماعية، نظرا لما يتضمنه ذلك من فوائد تعود على جميع الدول وليس مصر والسعودية أو عًمان فقط، نظرا إلى زيادة الصادرات إلى إفريقيا ، فضلاً عن زيادة أعداد السياحة من أفريقيا عبر مصر إلى السعودية ومنها إلى الدول العربية الأسيوية، وتأثير ذلك على حجم التنمية والاستثمارات المباشرة في الدول العربية، وتفعيل الاستفادة من اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وتكوين تجمع اقتصادي عربي وإلغاء الرسوم الجمركية التي دخلت حيز التنفيذ اعتبارا من شهر يناير 2005، وإن قابل البعض ذلك بالاعتراض خاصة إسرائيل التي قد تعتبره تهديدًا استراتيجيًا لاقتصادها، أو أنه ضد أهدافها في تجزئة وتقسيم الوطن العربي والفصل بين أقطاره،حتى تضمن لنفسها الهيمنة و السيادة الاقتصادية، والذي تساندها فيه بعض القوى العالمية التي تتربص بالمنطقة وتسعى إلى نهب ثرواتها الطبيعية وتحرص على أن تظل دول المنطقة سوقا رحبا لمنتجاتها.