صدمة تراجع مؤشرات الابتكار

مقالات رأي و تحليلات السبت ٠٥/سبتمبر/٢٠٢٠ ١٥:٥٩ م
صدمة تراجع مؤشرات الابتكار

بقلم: علي بن راشد المطاعني

صدمنا تراجع السلطنة 4 مراكز في مؤشر الابتكار والتعليم العالي ‏وفق المؤشر الذي أصدرته المنظمة العالمية للملكية الفكرية "وايبو" لعام 2020م والذي يعد معيارا عالميا لقياس منظومة الابتكار الوطنية في 131 دولة في العالم، فهذا التراجع جاء نتيجة للعديد من الأسباب والعوامل وأخطاء ارتُكبت ويتطلب إيجاد حلول لها ومعالجتها جذريا بحيث لا تتكرر سواء المتعلقة بالإنفاق المالي الذي يعد عصب التطوير، أو إدارة هذا الجانب من العديد من الجهات المختصة التي لا تتعاون في أداء دورها في تحديث البيانات أو لا تعطي أهمية لبقية المؤشرات ذات العلاقة بهذا المؤشر أو غيره مما يضع السلطنة في تصنيفات أقل مما يجب.

إلا أن هذه الصدمة يجب ألّا تثنينا عن عزمنا الأكيد نحو تعزيز التعليم العالي والابتكار والبحث العلمي وغيرها الهادفة إلى النهوض بهذه الجوانب التي تشكّل التطوّر في أي دولة، ولعل إنشاء وزارة خاصة للتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار لبلورة التوجهات القادمة في هذا الجانب دليلا على الأهمية التي تمثلها هذه الجوانب ودورها في الارتقاء بهذه المجالات المهمة في مسارنا التنموي.

بل إن تراجع المؤشرات لا يجب أن يكون نهاية المطاف بالنسبة لنا، وإنما عاملا من عوامل التغيير وتوجيه الاهتمام ومضاعف الجهود الهادفة إلى الارتقاء بالابتكار والبحث العلمي في الفترة القادمة مع وجود وكالة خاصة بالبحث العلمي والابتكار تنضوي تحتها الجهات المعنية بهذه المجالات الحيوية نتطلع إلى أن تنهي حالة تبعثر الاهتمام بالبحث العلمي والابتكار وتنضوي كل المراكز تحت مظلتها.

فتراجع السلطنة إلى المرتبة 84 عالميا في مؤشر الابتكار جاء نتيجة طبيعية لتراجع مدخلات الابتكار 11 مرتبة بسبب تراجع الإنفاق على التعليم الذي تراجع هو الآخر 30 مرتبة ليصبح في المرتبة 42 عالميا بعد أن كان 12 عالميا في عام 2019م وتراجع مؤشر التعليم العالي 8 مراتب ليصبح 12 عالميا بعد أن كان الرابع عالميا، فكل هذه النتائج الخاصة بالمؤشرات متداخلة ومتكاملة في آن واحد، وإذا لم نُحسن العمل في مجالٍ ينعكس على غيره، لذا يجب أن تجعلنا نعيد حساباتنا تجاه هذه الأمور المهمة اليوم بشكل دقيق ومتناغم ووفق خطط مدروسة تستنفر كل الجهود وكل الجهات والشركات التي يجب أن تعمل للنهوض والابتكار.

ولعل صراحة الدكتورة شريفة بنت حمود الحارثية مديرة الاستراتيجية الوطنية للابتكار بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في تشخيصها للأسباب التي أدّت إلى هذا التراجع، يعبّر عن الشفافية في التعاطي مع الأمور التي تهم الوطن وكيفية التعامل معها بدون أي تبرير لا يضع النقاط على الحروف ولا يقدّم حلولا لمعالجة المشكلة مما يبقي الأمور تتراجع أكثر فأكثر.

فقد شخّصت الدكتورة التراجع بشكل صريح بأن عدم زيادة مخصصات المالية للتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في السنوات الأخيرة أدّى إلى تراجع المؤشرات في الوقت الذي تتسابق دول العالم إلى مضاعفة الإنفاق على البحث والتطوير، ولم تكتفِ بذلك بل طالبت بوضع بند في الموازنة العامة للدولة للبحث العلمي والابتكار يسهم في تطويره، وهو ما لا يفصح به أي مسؤول، الأمر الذي يحتم علينا أن نرفع لمثل هذه الكفاءات القبعة لما تتميز به من شفافية وصراحة فلم تقف موقف المدافع عن أخطاء وقعنا فيها في تراجع الإنفاق على هذه الجوانب المهمة.

ولم تكتفِ بتشخيص تراجع الإنفاق المالي على الابتكار والبحث العلمي وإنما أشارت إلى ضرورة أهمية الإسراع في تفعيل الإجراءات والقوانين التي أصدرتها الدولة حتى لا تنعكس على الابتكار والبحث العلمي ومنها قانون الإفلاس، فتصنيف السلطنة في هذا المؤشر ما زال في المرتبة 88، مؤكدة أهمية متابعة الجهات لهذه القوانين وتفعليها، وتطرّقت كذلك إلى تراجع الجهات الحكومية في تقديم البيانات للمنظمات الدولية، خاصة أن الكثير من المؤشرات لا تعكس الواقع الحقيقي للسلطنة نتيجة التهاون في تحديث البيانات ومتابعة المؤسسات الدولية المعنية في هذا الشأن.

بالطبع إنّ التصنيفات الدولية لها دورها في رسم صورة إيجابية عن السلطنة في المجالات المهمة ولها دور في الترويج عنها في المحافل الدولية ولها كذلك أهميتها في جذب الاستثمار.

نأمل معالجة هذا الملف من الجهات المختصات ‏وتعاونها مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار المعنية بالارتقاء بهذه الجوانب الآن، والعمل بشكل منظم لإيلاء هذه المؤشرات كل الأهمية.