محمد محمود عثمان
لا ننكرأهمية وجود خريطة طريق لتنشيط الاستثمارات في الداخل وجذب الاستثمارات من الخارج خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية التي فرضها كورونا على الجميع قسرا ، على الرغم من أن التأثيرات السلبية كثيرة ومتنوعة ولم ينحج أحد في الهروب منها حتى الآن ، من منطلق التركيز على الإجراءات الاحترازية للوباء وتوجيه كل الإمكانيات المادية والفنية للحفاظ على أرواح المواطنين وسلامة المجتمع ،بعد أن شهد العالم أصعب أزمة أوقفت مسارات الحياة وعطلت دوران عجلة الإنتاج في معظم الاقتصاديات ، حتى تجمدت معظم الاستثمارات وإن لم تكن جميعها ، بسبب الخوف من المستقبل المجهول والمخاطر غير المنظورة ،وزيادة المناطق الطاردة للاستثمارفي السنوات الأخيرة وهروب معظم الاستثمارات وإغلاق المصانع والتحول إلى مناطق أخرى، ترى فيها الملاذ الآمن للاستثمار، وتعثر أو إفلاس معظم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
ولكن هل نستسلم لذلك أم نعجل في تنفيذ مشروعات استثمارية جديدة أولا:على النطاق الداخلي لتستوعب القوى العاملة المسرحة وتفتح فرص عمل جديدة أمام الخريجين للتخفيف من طوابير المتعطلين التي تتراكم في سوق العمل ، مع العمل على توفير المناخ الاستثماري الجيد من خلال التشريعات المرنة التي توفر السيولة اللازمة لسير العمل ،والتي تواكب الوضع الراهن والمتغيرات العالمية ،وتحقق المساواة للأيد العاملة في الحقوق والواجبات بدون تمييز للون أو الجنس أو الوطن ، وبما يتوافق مع قوانين ومواثيق العمل الدولية ، وهذه بديهيات تتكررفي تفكير و تساؤلات المستثمر الأجني، ويتمسك بها أصحاب رؤوس الأموال في كل زمان ومكان، ولا شك أن هذه الآليات قادرة على امتصاص الآثار السلبية القائمة وللتغلب على تحديات نقص الانتاج وتوقف العجلة عن الدوران في مختلف القطاعات ، وتوفير الآليات الناجزة لفض المنازعات وضمان تحويل الأرباح ورؤوس الأموال، إلى جانب توفير الطاقة الرخيصة والبنى الأساسية المتطورة والتشريعات المحفزة للاستثمار، من خلال حزمة من الإعفاءات الضريبية والجمركية ،وتشريعات تنظيم سوق العمل ، وتحجيم تزايد الأسعار ومعدلات التضخم السنوي ،وتنظيم الجوانب الأخري المحفزة لجذب المستثمرين والتي تهمله بعض الدول في سيعها للحصول على الاستثمارات المباشرة أو غير المباشرة والتي تتمثل في توفير البنى التحتية من الطرق وانسياب حركة المرور والاجراءات الأمنية والسلام الاجتماعي ،والبعد عن النزعات الطائفية ، وتوافر المهارات الفنية والكوادرالمحلية المدربة والرخيصة التي تتحمل مسؤولية تغطية احتياجات الاستثمار في مختلف القطاعات في العشر سنوات المقبلة على الأقل ، وترسيخ ثقافة العمل وأهمية احترام العامل الفني للتغلب على الاتجاهات السلبية نحو قيمة العمل والعمال ، خاصة في المجتمعات العربية ،وفوق كل ذلك توافرالعلاقات الدولية الجيدة مع دول العالم في ظل الاستقرار الأمني والسياسي الذي يعد المظلة الأساسية لتوفير المناخ الاستثماري المحفز.
وثانيا : في مجال تحفير جذب الاستمارات الأجنبية التي تدخل في إطارها عمليات الترويج الخارجية للاستثمار في الداخل ، التي تتطلب وجود دراسات الجدوى للاستثمارات المطلوبة والخطة الزمنية لتنفيذها ومدى ارتباطها باحتياجات الاقتصاد في قطاعات الانتاج والخدمات، وفق الخطط الموضوعة سلفا، و تسير في خط موازمع المشروعات التنموية الوطنية ، حتى تسهم بإجابية في توطين التكنولجيا ونقل الخبرات ، على أن تكون الحكومات في حالة جاهزية تامة للشراكة مع المستثمر الأجنبي إذا تعذر وجود المستثمر المحلي الشريك ، الأمر الذي يدعم وينشط ويجذب الاستثمارات ، ويدعم الثقة في نفوس المستثمرين في الأنشطة الاقتصادية المحلية ، وبما يضمن توفير الحماية القانونية من المخاطر ،وفوق كل ذلك فإن الإشكاليات في جذب الاستمثارت الأجنبية تحتاج إلى أمرين : الأول :فريق إداري يعلم جيدا أصول الإدارة بالإهداف التي تهتم بالتخطيط والتنفيذ والتوجيه والمتابعة والرقابة التقويمية المستمرة التي تساعد على تصحيح المسارات إذا لزم الأمر، في الوقت المناسب الذي يحمي الاستثمارات ويضمن سلامة الأداء ويحفظ أموال المستثمرين.
والثاني : فريق إعلامي اقتصادي متخصص لديه الآليات التي تساعده على التواجد في أسواق الاستثمارالعالمية للتواصل والتحاور مع المستثمرين والشركات العالمية العملاقة ، التي تسعى إلى الاستثمارات الآمنة في الأسواق الناشئة ويكون لديه الرؤية و القدرة على مد جسور من التواصل مع هذه الأسواق ولتكن البداية من عواصم المال العالمية،باعتبارأن الوسائل الإعلامية لديها القدرة على الانتشاروعلى التحرك السريع على كل المستويات ، الأمر الذي يساعد المسؤولين التنفيذيين على تنفيذ خريطة ترويج استثمارية محددة وواضحة المعالم،لجذب أكبر حجم من الاستثمارات من الأسواق العالمية ،من خلال العلاقات غير الرسمية والتي تمثل القوة الناعمة ، للتواصل المستمر مع المستثمرين وإمدادهم بالمعلومات الخاصة بالاستثمار، بعيدا عن البروتوكولات والرسميات التي قد تكون أهم الاشكاليات في عمليات التواصل الاقتصادي مع المجتمعات الخارجية.