مسقط - الشبيبة
بناء على المرسوم السلطاني رقم 90 / 2020 بإنشاء وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات وتحديد اختصاصاتها واعتماد هيكلها التنظيمي تضمن الهيكل التنظيمي الجديد وجود المركز الوطني للفضاء والتقنية المتقدمة والذكاء الاصطناعي يتبع الوزير مباشرة.
وبحسب اختصاصات الوزارة فإن هناك 4 مهام أمام الوزارة لدعم توجه السلطنة واهتمامها بالفضاء وهي كالآتي:
- اقتراح السياسات والخطط الاستراتيجية المتعلقة بعلوم التكنولوجيا والفضاء بما يسهم في تحقيق أهداف أهداف الخطط التنموية للدولة وعرضها على مجلس الوزراء للاعتماد
- وضع برنامج الفضاء الوطني على المدى القريب، و المتوسط، والبعيد، ومتابعة تنفيذه
- دعم برامج تطوير استخدامات وتطبيقات علوم وتكنولوجيا الفضاء
- العمل على تأسيس بنية تحتية لتطوير الأنظمة الفضائية، والأقمار الصناعية، وتصنيعها
وقال رئيس مجلس إدارة الجمعية الفلكية العمانية عمار بن سالم الرواحي عبر حسابه الرسمي على تويتر إن تأسيس هذا المركز هو دلالة على دراية الحكومة بأهمية قطاع الفضاء في تنمية القطاعات التقنية والابتكارية. ورصدت "الشبيبة" سلسلة تغريدات نشرها الرواحي عبر حسابه الرسمي على تويتر حول أهمية الفضاء في خدمة البشرية وتنميتها من النواحي العلمية والإقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية، نرصدها لكم تباعاً وهي كالآتي:
مليء بالفضول العلمي
تعتبر علوم الفلك والفضاء من أكثر العلوم التي تحفز على الفضول العلمي للمجتمعات والأجيال والنشء؛ وذلك لأن هذه العلوم تمتاز بالغموض والجمال الذي يدعو الإنسان للتساؤل والبحث بشكل مستمر عمّا يكمن خلف هذا الكون المبهم، وتشد البشرية للاستثمار المعرفي والعلمي فيه. لذا فإن أي دولة تدخل في هذا القطاع بطريقة ممنهجة وبوعي مجتمعي واسع تعزز من الفضول العلمي لدى المجتمع بنسبة لا تقل عن 50 % بين الناشئة والشباب، إذ إن هذه المنهجية تجعل المجتمع يتساءل عن أهمية هذا القطاع ومردوده العلمي والاقتصادي والاجتماعي.
صعب وبه تحديات كثيرة
هندسة وبناء المشاريع التي تتعلق بعلوم الفلك والفضاء من أصعب المجالات التي واجهت البشرية للغزو في استكشاف هذا الكون ومعرفة تفاصيل الكوكب الذي نعيش عليه والكواكب الأخرى. فهنالك تحديات كثيرة ومتشعبة من المتطلبات الدقيقة والتفصيلية لنجاح المشاريع المستهدفة. و الحاجة إلى تقنيات تكاد أن تكون غير متوفرة وإلى مخترعين ومبتكرين لتطوير المنظومة. وهذا ما يميز هذا المجال، بأنه يلبي حاجة الإنسان للخوض في التحديات الكبيرة والوصول إلى أعلى النتائج؛ فلولا وجود التحديات لما تطورت البشرية، والتحديات في هذا المجال تعتبر أكبرها على الإطلاق.
ساحة للعمالقة
أصبحت ساحة الفضاء هي ساحة العمالقة، حيث تتنافس معظم الدول المتقدمة منذ منتصف القرن الماضي في الوصول للفضاء واستكشافه بشتى السبل، وتوالت الدول بعدها الواحدة تلو الأخرى لتخوض ركب المنافسة، وأصبحت الآن الدول التي كنا نراها من الدول النامية تتنافس في هذا المجال.
رفع القدرات الإدارية والقيادية
إن إدارة المهام والمشاريع الفضائية من بداية شروعها وتنفيذها إلى مرحلة الإطلاق والاستكشاف تحتاج إلى كادر وطني مؤهل في معظم المجالات، ولا تقتصر فقط على المتخصصين في الفلك والفضاء بل إن التخصصات الأخرى تشكل أكثر من 85 % من القدرة الاستيعابية. إذ إن إدارة وقيادة هذا القطاع تعتبر من أصعب القطاعات لدقة تنفيذ هذه المشاريع، وأيضًا إدارة غرف العمليات في هذا القطاع تعتبر من أقوى وأصعب الإدارات على الإطلاق؛ لأنها تعمل وفق خط إنتاج وتشغيل بمنظومة دقيقة لا تحتمل أي أخطاء قد تؤدي إلى فشل أو هلاك المشاريع والمهام.
تحسين وتطوير قطاع الاتصالات
بدأت منظومة الأقمار الصناعية منذ منتصف القرن العشرين إذ إنها تخدم الأرض والبشرية لتحسين وتطوير معيشتهم من اتصالات ونقل بيانات، وقد تكون هذه الاتصالات تلفزيونية أو مسموعة أو مقروءة، بالإضافة إلى تحليل بيانات أو صور للأرض في تطبيقات حياتية عديدة. بل أصبحت تلبي احتياج البشرية في معرفة المواقع والإحداثيات عن طريق نظام الملاحة الجغرافية العالمية، وتساعد على التنبؤ من أي أحداث أو أزمات من زلازل أو براكين أو أعاصير. من جانب أخر، سهلت في تفعيل كثير من الممارسات الحياتية والاقتصادية من خلال تحليل البيانات المفتوحة. وصل حال هذا القطاع بإطلاق شركة سبيس أكس
منذ العام المنصرم وحتى الآن سلسلة من الأقمار الصناعية ستارلينك المخصصة لتوزيع شبكة الإنترنت حول العالم، وهذا يؤكد أن قطاع الفضاء له تأثير جوهري في تطوير وتحسين مجال الاتصالات. فلولا هذه الأقمار لما تسهلت للدول أنظمة وشبكات اتصالات، بل أصبحت الدول التي تمتلكها مستقلة في قطاع الاتصالات وتستطيع تطويره والذي يعود بفائدة اقتصادية على البلد بدلاً من استئجار نطاقات وحزم خارجية تؤثر سلبًا على مستقبل أي بلد من الناحية الاقتصادية والسياسية والأمنية.
تحفيز قطاع الطيران
بدأت حركة الطيران منذ بداية القرن العشرين وتطور هذا القطاع بشكل ملحوظ منذ منتصف القرن الماضي مما عزز هذا القطاع لتحفيز الدول على صناعة الصواريخ والمركبات الفضائية التي أدت بدورها أيضًا إلى تطوير قطاع الطيران بما أن صناعة المشاريع والمهام الفضائية هي الأصعب.
تحفيز قطاع الأمن والدفاع
أدت المهام الفضائية إلى تطوير المحركات النفاثة وهذا من نجده في تصنيع وتوفير أفضل أنواع الطائرات العسكرية في العقود المنصرمة، ليس من جانب سعة المحركات فقط بل بالعديد من التقنيات التي تستخدم في المركبات الفضائية ويمكن الاستفادة منها في القطاع العسكري.
سباق في التقنية الحديثة (من أولى القطاعات التي عززت الثورة الصناعية الثالثة والرابعة)
بناء على عدة دراسات بحثية وبعض المصادر فإن الاعتراف الرسمي للثورة الصناعية الثالثة كان في عام 1969 ،وهذا العام يذكرنا بأول هبوط مأهول للبشرية على سطح القمر، والذي أدى إلى تطوير هذه التقنيات والتاريخ يعيد نفسه، إذ إن أولى القطاعات التي احتضنت تطوير تقنيات الثورة الصناعية الرابعة هي الفلك والفضاء وذلك عبر استكشاف الكون من خلال إرسال مركبات ذاتية القيادة بأنظمة الذكاء الاصطناعي وتوفير بيانات ضخمة مفتوحة المصدر منذ نهايات القرن 20 أي أكثر من 20 سنة ماضية. ومع تطور التقنيات الحديثة أصبح القطاع من المجالات المحفزة لتطويرها، فقد تم تطوير برامج حاسوبية لحركة الأجرام السماوية ببيانات ضخمة، والقدرة على حساب موعد وصول المهام الفضائية بدقة عالية إلى المدارات المخصصة للأقمار الصناعية ومحطة الفضاء الدولية وغيرها.
داعم قوي لمنهج البحث والتطوير
تعزز هذا النهج منذ بدايات دخول الدول العظمى في سباق نحو الفضاء إذ إن عددًا من المشاريع والمهام فشلت وكان المنقذ الحقيقي لهذه المهام والمشاريع هو نهج البحث عن التحدي والمشكلة الرئيسية وآلية سليمة ودقيقة لعلاجها وتطويرها عبر مشاركة القطاع الصناعي مع المؤسسات التعليمية، فقد كانت كثير من هذه المشاريع مطورة من قبل علماء ومتخصصين وطلبة من الجامعات وبطرق مبتكرة. وقد استمر هذا النهج وتطور بشكل كبير وتشعب ليشمل تخصصات عديدة، بل أن أغلب نتائج الأبحاث في الفلك والفضاء يعود نفعها لتطوير قطاعات أخرى فمنذ عام 1976 أنشأت وكالة الفضاء الأمريكية (NASA) برنامج بحثي لتقنيات وكالة ناسا الفرعية تدعى (NASA Spinoff Technologies)، إذ إن عدد الابتكارات والتقنيات التي تخرج من خلال النتائج البحثية لا تقل عن 50 منتج مبتكر سنويًا في معظم القطاعات التي يحتاجها البشرية. حيث تخرج نتائج هذه الأبحاث في شكل منتجات عرضية لمشروع كبير، وتدعم القطاعات المهمة مثل؛ الصحة، البيئة والطاقة، الرياضة، الطيران، علوم الأحياء، النقل واللوجستيات، السلامة العامة، وغيرها من القطاعات، وساهم هذا البرنامج في إنشاء برنامج (Small Business Innovation Research).
البحث من خارج الأرض
تكمن فوائد مراصد ومحطات فضائية خارج الأرض في معرفة العلوم ونتائج الأبحاث بمنظور خارجي (البحث من خارج الصندوق) وفي بيئة مختلفة، إذ إن كثير من الأبحاث عن طريق المراصد على الأرض لا يمكن أن تخرج بالنتائج التي يتطلع إليها الباحثون نظرًا لوجود غلاف جوي. فإجراء هذه الأبحاث داخل الأرض يعيق استكشاف الفضاء في بعض المراحل خصوصًا بالنسبة للموجات فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء. لذلك وجود مراصد فضائية تبرز لنا حقيقة الكون من استقبال للموجات الراديوية أو صور بصرية يُمكن الباحثين من معرفة السبل الفعالة لحماية الأرض. ومن جانب آخر، فإن هدف كثير من برامج الاستكشاف هو لفائدة الأرض؛ فمثلا، أهداف إرسال مهام إلى المريخ ليست من الدرجة الأولى العيش عليه أو التعدين أو جلب المياه أو غيرها بل في معرفة أساليب حديثة لحماية الأرض وبيئتها ومعرفة خصائصها الجديدة ومحتوياتها وللتنبؤ بما قد يحدث للأرض.
الابتكار وريادة الأعمال
"الفضاء أكبر مختبر ابتكار، ولكل شيء" (من أقوال جيفري هوفمان – رائد فضاء سابق). هذه عبارة معنية بكل ما تحمله العبارة من معنى، حيث يحتاج هذا القطاع تشارك القطاعات لإنجاح المهام وبالمقابل نتائج هذه المشاريع تطور من القطاعات الأخرى. فتطوير المشاريع والمهام الفضائية يعتمد بشكل رئيسي من خلال مشاريع صغيرة ومتوسطة لابتكار منتجات وأدوات وخدمات يمكن بدورها أن ترفع منظومة ريادة الأعمال وتوسع هذه المشاريع ودخولها إلى السوق، فمعظمها تبدأ بتطوير مشاريع فضائية ومن ثم تحسنها وتستخدمها في تطبيقات حياتية.
وقال عمار الرواحي في نهاية سلسلة تغريداته التي رصدتها "الشبيبة" أن العائد الاقتصادي المباشر في قطاع الفضاء يشكل نسبة لا تزيد عن30 % من إجمالي الاستثمار في القطاع، بينما العائد الحقيقي غير مباشر ويكمن في تنمية القطاعات والتخصصات الأخرى. لذا فائدة قطاع الفلك والفضاء اعتباره مُمّكنًا لمختلف القطاعات ومساهمًا في تطويرها.