جاسم البداعي- الشبيبة
نوال السعيدية: عمل الخير يجب أن يكون بسرية تامة ولا يمس كرامة الفقراء ورضى رب المنزل لا يشفع للمشهر الذي يقوم بالتصوير.
تركي المعمري: جمع التبرعات في مجمله ومضمونه عمل إنساني والمشرع العماني جاء لينظم هذا العمل حتى لا تكون له أبعاد آخرى
موضوع كان ولا زال يثير الجدل في اوساط المجتمع وهو نابع من التوجه الانساني ومن خصال المجتمع العماني الذي يتميز بالترابط والتكافل الاجتماعي وحب الخير الإ أن في الفترة الأخيرة تطورت طرق وأساليب جمع المال وتوزيعها لمستحقيها وظهرت بعض الحالات اتي تستغل هذه الظروف لصالحها وبالتالي تكون الآثار السلبية أكثر ضرر من مساعدة الاسرة المعسرة ، الإ أن القانون نظم هذه العملية بطريقة تضمن وصول المساعدة لمستحقيها و تحفظ خصوصية المحتاج فهذا العمل الانساني يبتغى به وجه الله تعالى ويجب أن لا يتم التشهير به.
وأصدرت وزارة التنمية في وقت سابق بيانا توضيحيا حول هذا الموضوع يسترعي فيه بالتقيد بالنظم المعمول بها بشأن جمع المال من الجمهوروأكدت الوزارة بمنع التشهير بالأسر والأفراد عن طريق نشر مقاطع عنهم تظهر تفاصيل أحوالهم المعيشية والسكنية بغرض استعطاف الناس لجمع المال مخالف للنظم المعمول بها.
واوضحت نوال بنت حمدان السعيدية رئيسة قسم الجمعيات والصناديق الخيرية بوزارة التنمية الاجتماعية في لقاء خاص مع إذاعة الشبيبة عبر برنامج الشبيبة أن الوزارة تتابع عن كثب هذا الموضوع وأصدرت هذا البيان حتى لا تكثر هذه الممارسات في المجتمع العماني.
وأكدت بضرورة وجود ترخيص لأي جهة كانت ترغب في جمع المال لأي غرض كان،وحول مدة منح الترخيص قالت السعيدية ان الوزرة تمنح التراخيص حسب الهدف المراد منه جمع المال وفي اغلب الحالات يكون مدة الترخيص من 3-6 اشهر ويكون قابل للتجديد أو التمديد حسب ما تقتضيه الحاجة.
وأشارت السعيدية أن لائحة جمع المال لا تمنح الترخيص للأفراد وإنما للمؤسسات او الجمعيات الأهلية ويكون الغرض خيري وهناك اشتراطات محددة لها.
وأوضحت السعيدية أن في الفترة الأخيرة كثرت حالات التشهير بالأطفال والأسر المعسرة ونشرت معلومات خصوصية عنهم ،فالتشهير بالمتضررين في وسائل التواصل الاجتماعي لبعض الاسر المتعففة والمحتاجه يعتبره البعض متنفسا عن النقد البناء بهدف المساعدة ولكن في الحقيقة المساعدة لها طرق واساليب وأماكن لمناقشتها وهذا ما يتنافى مع مجتمعنا العماني.
وذكرت السعيدية أن رضى رب الاسرة لتصوير خصوصياته لا يشفع للمشهر وعمل الخير يجب أن لا يمس كرامة الفقيرمن خلال تحويل عملية الصدقة إلى مادة إعلامية يشاهدها الناس فهو يؤلم الفقراء ويجرح كبريائهم ولا بد من تقدير مشاعر الفقراء ولا يجب إظهارهم بمظهر الشخص المتسول.
وأشارت السعيدية بوجود قنوات رسمية ومرخصة في جميع الولايات عن طريق لجان التنمية والفرق التطوعية المرخص لها،وخلال جائحة كورونا أطلقت وزارة التنمية مبادرة ولايتي مستعدة يترأسها والي كل ولاية بالتعاون مع الفريق التابع للجنة وجميعات المرأة ،وهناك العديد من الفرق التطوعية أطلقت الكثير من المبادرات التطوعية لمساعدة الأسر المعسرة.
وفي حديثها عن صناديق التبرع المرخصة الموجودة في المحلات والمساجد وكيف يميز المتبرع بينها وبين الصناديق غير المرخصة قالت السعيدية يجب أن يكون الصندوق شفاف ويكتب عليه اسم الجهة التي تجمع المال،وكذلك الترخيص يلصق في الصندوق يكتب عليه رقم الترخيص وتاريخ بداية ونهاية الجمع وعلى المواطن أن ينتبه لهذه التفاصيل قبل التبرع حتى تذهب هذه التبرعات لمن يستحقها.
وفيما يخص الحسابات البنكية قالت السعيدية يجب على المتبرع ان يعرف هذا الحساب هل هو حساب شخصي أم لجهة معينة فإذا كان حسابا شخصيا يجب الامتناع وعدم التجاوب مع دعوات التبرع لعدم معرفة الغرض منها.
من جانب آخر قال المحامي والمستشار القانوني تركي بن سعيد المعمري أن جمع التبرعات في مجمله ومضمونه هو عمل إنساني والمجتمع العماني جبل على حب الخير والتعاضد في مختلف المناسبات سواء كانت دينية كبناء المساجد او صحية كطلب المساعدة للعلاج أو الضائقات المالية لبعض الاسر ولكن لو فتح هذا الامر وبدون رقابة سيكون له ابعاد وتبعات خارج نطاق التشريع الذي يراد له وسنشاهد تجاوزات لذلك المشرع العماني وضع الضوابط حماية لهذا الفعل حتى لا تستغل عاطفة الناس امام الحالات الانسانية.
وأكد المعمري أن قانون الجزاء العماني جرم هذا الفعل في المادة 297 التي نصت على " يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن ثلاث أشهر وبغرامة لا تقل عن 200 ريال ولا تزيد عن 600 ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من وجه دعوة تبرع أو جمع مال من الجمهور بأي وسيلة كانت دون ترخيص من الجهة المختصة"
والمادة 299 التي نصت على :”يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (3) ثلاثة أشهر، ولا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن (1000) ألف ريال عماني، ولا تزيد على (2000) ألفي ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من جمع مالا من الجمهور بأي وسيلة كانت وأرسله إلى خارج السلطنة دون ترخيص من الجهة المختصة، وللمحكمة مصادرة الأموال المتحصلة من الجريمة،وتشدد العقوبة المنصوص عليها في الفقرة السابقة على ألا تجاوز الضعف في حال تكرار الجريمة".
وأوضح المعمري أن البعض يقوم بجمع المال بغرض مساعدة إنسان وبحسن نية ولكن بعض ضعاف النفوس يستغلون هذا الجانب لمصالحهم الشخصية على سبيل المثال بناء مسجد مع وجود تصريح من قبل الجهات المختصة وكل شي قانوني ولكن يقوم بعض ضعفا النفوس بتغيير رقم الحساب البنكي وهنا تكون مخالفة واضحة وصريحة واستغلال بشع لمثل هذه الحالة ، وربما في حالات كثيرة تكون الواقعة صحيحة ومرخصة ولكن انتهىت مدة الترخيص ،وفي حالات كثيرة يساهم الناس بحسن النوايا في تفاقم مثل هذه الحالات في المجتمع لذلك أتى هذا التشريع لينظم هذه العملية وعلى كل من يقوم بجمع المال أن يكون لديه ترخيص.
وعن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في جمع التبرعات قال المعمري قد تكون مثل هذه الطرق لها مردود سلبي على صاحب العلاقة ويشوه سمعته ويتعرض لخصوصيته حتى إون كان الهدف إنساني ومساعدة الناس وأوضح أن هناك الكثير من المطالبات الانسانية مشفوعة بالصور والمستندات لذلك المشرع العماني جرم فعل نشر الحياة الخاصة وانتهاك حرمتها ومجرمة في نص قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات تحديدا في المادة 16 والتي نصت على أن "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني ولا تزيد على خمسة آلاف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات كالهواتف النقالة المزودة بآلة تصوير في الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد وذلك بالتقاط صور أو نشر أخبار أو تسجيلات صوتية أو مرئية تتصل بها ولو كانت صحيحة، أو في التعدي على الغير بالسب أو القذف".
وعن تصوير بعض الحالات الانسانية التي يظهر فيها الأطفال قال المعمري لابد من التنبيه بقانون الطفل وخصوصا في المادة السابعة حيث نصت المادة على أن "للطفل الحق في الحماية من العنف والاستغلال والاساءة وفي معاملة انسانية كريمة تحفظ له كرامته وسمعته وشرفه وتكفل له الدولة التمتع بهذا الحق بكل السبل المتاحة." حتى وإن كان رب الأسرة وافق على ذلك الإ أن المشرع العماني جرم هذا الفعل كون أن للطفل حقوق لا يجب التعدي عليها ويحق للإدعاء العام تحريك دعوى عمومية بدون شكوى تقدم من ذوي الشأن وبمجرد وصول العلم بشكوى قانونية متعلقة بالحق العام فإن الادعاء العام كفيل بتحريك الدعوى العموميمة.
وفي حديثه عن جمع التبرعات الشخصية من قبل الأفراد قال المعمري أن ذلك يعتبر تسولا ما لم يكن مرخص سواء كان جمع المال أو طلبه أو إستجدائه عن طريق الأطفال أو لإستغلال أصحاب الاعاقات وقليلي الادارك فمن يستغلهم فهو مسؤول مسوؤلية تام عن اي فعل يصدر عنهم.
وعن رقابة صرف الأموال التي تم جمعها من قبل مؤسسات المجتمع المدني المرخص لها قال المعمري أن جهاز الرقابة المالي والاداري للدولة معني برقابة ومراجعة اعمال المؤسسات الخيرية او الأهلية ومتابعة صرف هذه الاموال بإعتبار أن مؤسسات المجتمع المدني خاضعة لرقابة الجهاز.
في المقابل قال المعمري لابد من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي نشر وتوعية المجتمع وجمع المال متى ما كانت صحيحة ومرخصة.