دبي - تانيغاشيما -7
أكد المهندس عمران شرف، مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل" إن دولة الإمارات لديها عدة برامج لاستكشاف الفضاء. جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك مؤخرا في اليابان. وبيّن شرف أن الهدف من وراء إطلاق مسبار الأمل في رحلته التاريخية لاستكشاف الكوكب الأحمر هو تكوين فهم أفضل عن المريخ حيث يقدم مسبار الأمل لأول مرة صورة شاملة عن الفصول الجوية المختلفة للمريخ لمدة عامين يضعها في متناول المجتمع العلمي العالمي، وتابع: يخدم المشروع البشرية بشكل عام والمجتمع العلمي بشكل خاص، ويضع المعلومات التي يجمعها عن المريخ في متناول 200 مؤسسة علمية ومركز أبحاث حول العالم، مؤكداً على مشاركة المعلومات التي سيوفرها المسبار من أجل تطوير المعرفة الإنسانية.
وأثنى عمران على التعاون بين دولة الإمارات واليابان والشركاء العلميين الدوليين لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، مؤكداً أن هذا التعاون كان وراء الوصول إلى هذه المحطة من الإنجازات النوعية للمشروع الذي تفصله ساعات عن إرسال أول مهمة عربية وإسلامية لاستكشاف الكواكب.. وردا على أسئلة وسائل الإعلام التي حضرت المؤتمر الصحفي، قال عمران شرف إن مسبار الأمل سيمد المجتمع العلمي العالمي بمعلومات لم يتوصل إليها الإنسان من قبل عن الفصول الجوية المختلفة لكوكب المريخ وذلك لمدة سنتين متتاليتين، مشيراً إلى أن المسبار يحمل 3 آلات علمية لدراسة مناخ الكوكب الأحمر كما يحمل مقياس لدراسة درجات الحرارة والجليد وبخار الماء والغبار.
وعن تفاصيل عملية الإطلاق، أوضح عمران شرف أن المسبار سينفصل عن الصاروخ بعد ساعة من عملية الإطلاق، وبعد الانفصال بثمانية دقائق سيقوم بتشغيل الألواح الشمسية، وبعدها بحوالي عشرين دقيقة سيتم أول اتصال مع مركز التحكم الأرضي في مركز محمد بن راشد للفضاء. وسيقوم الفريق التقني في المركز بعملية تحليل البيانات الواردة من المسبار والتي تستمر لمدة ثلاث إلى أربع ساعات.. وبعد 28 يوم من الإطلاق سيتم استخدام نظام الدفع والتوجيه للمسبار لتوجيهه نحو مدار المريخ. وتم تصميم نظام الدفع عالي الدقة بمساهمة إماراتية.
وتابع: يخدم مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ البشرية بشكل عام والمجتمع العلمي بشكل خاص، ويضع المعلومات التي يجمعها عن كوكب المريخ في متناول أكثر من 200 مؤسسة علمية ومركز أبحاث حول العالم.
وقال شرف: "يدعم مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ مكانة دولة الإمارات كشريك عالمي في تطوير المعرفة البشرية ويعزز المساهمة العربية في هذا المجال، ويحول الإمارات والعالم العربي إلى دول منتجة للمعرفة ومشاركة بفعالية في دعم قطاع الفضاء والمجتمع العلمي."
وأشار إلى أن تطوير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ استغرق 6 سنوات، في حين تستغرق مهمات المريخ المشابهة من 10 سنوات إلى 12 سنة، كما تم إنجاز المشروع بنصف التكلفة الاعتيادية للمشاريع العلمية الأخرى إلى كوكب المريخ. وقام المشروع بتطوير أكثر من 200 تصميم تكنولوجي وعلمي جديد، كما تمت صناعة أكثر من 66 قطعة من المسبار في دولة الإمارات، وعقد المشروع حتى الآن 15 شراكة عالمية مع جامعات ومراكز بحثية.
ويضم فريق عمل مسبار الأمل 200 مهندسة ومهندساً إماراتياً من مختلف التخصصات العملية والهندسية والبحثية وبمشاركة نسائية هي الأعلى عالمياً بنسبة 34% من فريق العمل.
اختبارات ما قبل الإطلاق
بدوره شرح كيجي سوزوكي، مدير فريق متسوبيشي لخدمات موقع الإطلاق، الإجراءات التي تم اتخاذها لضمان إنجاز كافة الاختبارات قبل إطلاق مسبار الأمل، مؤكداً أن المرحلة التجريبية لاستعدادات إطلاق المسبار تمت بنجاح.
وقال إن التعاون مع مركز محمد بن راشد للفضاء سيتواصل في المستقبل، مؤكداً أن الابتكارات التكنولوجية في علوم الفضاء تسهم في تطوير التكنولوجيا على كوكب الأرض وتساعد على ابتكار حلول نوعية تستخدم في الحياة اليومية. وأكد أن الاستعدادات لإطلاق المسبار في موعده المحدد متواصلة، وأن الأحوال الجوية مطمئنة ومستقرة لعملية الإطلاق.
موعد الإطلاق
ووفقاً لما تم إعلانه في المؤتمر الصحفي المشترك كان من المقرر أن تبدأ عملية إطلاق المسبار عند الساعة 00:51:27 من يوم 15 يوليو 2020 بتوقيت الإمارات، إلا أنه أعيد تغير موعد الإطلاق ليكون الساعة 00:12:43 بعد منتصف الليل من يوم غدا (الجمعة 17 يوليو).
وتحدث المشاركون عن عقد اجتماع غداً يضم فريق مسبار الأمل ومسؤولي موقع الإطلاق في تناغاشيما باليابان لتقييم الأحوال الجوية قبل الإطلاق، وذلك تتويجاً لسلسلة الاستعدادات المدروسة والمجدولة التي يجريها الفريق طوال خمسين يوماً قبل ساعة الصفر المحددة لإطلاق المسبار، حيث سيتم عرض لآخر المعلومات عن حالة الطقس.
الأحوال الجوية
وتلعب الأحوال الجوية دوراً هاماً جداً ومحورياً في قرار إطلاق الأقمار الاصطناعية، نظراً لتأثيرها الكبير وخاصة في طبقات الجو العليا على فرص الصعود الآمن للصاروخ نحو الفضاء. ويتم التحقق من الأحوال الجوية وحالة الطقس بشكل دوري ومستمر قبل الإطلاق. وعليه سيكون هناك تقييم لحالة الطقس قبل الإطلاق بخمس ساعات، ومن ثم قبل الإقلاع بساعة واحدة لتأكيد إمكانية المضي في قرار إطلاق المسبار في موعده.
وكما هو معروف تواجه المشاريع والمهمات الفضائية الهادفة إلى استكشاف الكواكب أو الكون من حولنا تحديات ومصاعب متعددة نظراً لطبيعة القطاع الفضائي المتسمة بارتفاع معدلات المخاطرة، ولهذا تحظى هذه المشاريع بفترات طويلة من الاستعداد والتجارب لضمان أفضل معدل نجاح ممكن.
سجل نجاح
وينطلق مسبار الأمل في مهمته إلى المريخ من مركز تانيغاشيما الفضائي باليابان باستخدام منصة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة. وتم اختيار "ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة" لهذه المهمة نظراً لسجلها المتميّز ونتائجها الناجحة في أوساط تكنولوجيا الفضاء حول العالم، وامتلاكها إحدى أعلى نسب نجاح إطلاق مركبات فضائية وأقمار صناعية عالمياً.
وهي تمتلك نسبة قياسية من نجاح عمليات إطلاق الأقمار الصناعية، ما يجعلها لاعباً أساسياً على مستوى الأنشطة الفضائية في اليابان والعالم. وسبق لدولة الإمارات الاستعانة بها في إطلاق القمر الصناعي "خليفة سات". وقد لبّت المعايير المختلفة التي وضعها فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل" من أجل الإطلاق.
أمل 56 دولة عربية وإسلامية
ويشار إلى أن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ هو أول مشروع عربي وإسلامي لدراسة الكوكب الأحمر. ومسبار الأمل من دولة الإمارات محط آمال مئات الملايين من 56 دولة عربية وإسلامية. وهو مشروع طموح لتسجيل حضور علمي وبحثي عربي مشرّف في مجال استكشاف كوكب المريخ.
ويعد مسبار الأمل رسالة تأكيد للجميع على قدرة دولة الإمارات والعالم العربي على إنجاز مشاريع ضخمة وقفزات علمية مهمة إذا ما توفرت الرؤية والثقة بالقدرات والإمكانات والطاقات البشرية. فهذا المشروع هو استثمار في المستقبل ومصدر إلهام للشباب بأن لا حدود للإمكانات عند توفر الإرادة والتصميم. كما أن مسبار الأمل رسالة إلى أجيال المستقبل أن لا شيء مستحيل ويمكن لأصحاب العزيمة تخطي الحواجز والتحديات والتطلع إلى اكتشاف المزيد وتحويل التحديات إلى فرص.
ويرسخ مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ اهتمام شباب الدولة والعالم العربي لدراسة العلوم والرياضيات والهندسة والتكنولوجيا والتخصص فيها، كما يسهم مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ في بناء كوادر إماراتية عالية الكفاءة في مجال تكنولوجيا الفضاء والابتكار والأبحاث العلمية والفضائية.
ولا يحمل مسبار الأمل رواد فضاء على متنه، بل هو مشروع علمي فضائي طموح يستهدف استكشاف الغلاف الجوي لكوكب المريخ عبر إرسال معلومات وافية على مدار الساعة تساعد العلماء على فهم طبيعة الكوكب الأحمر.
ويسهم المشروع العلمي الطموح في إحداث تحولات جذرية في تطوير قدرات دولة الإمارات والعالم العربي في مجال البنى التحتية الهندسية والصناعية والعلمية والبحثية، ويتزامن وصول مسبار الأمل إلى مدار كوكب المريخ مطلع عام 2021، مع الذكرى الخمسين لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة.