«الشبـيبة» تـرصـد تـأثـير تحـريـر الوقود في سلوك المستهلكين..مواطنون يتجهون إلى الاستفادة من النقل العام

مؤشر الثلاثاء ١٢/يناير/٢٠١٦ ٢٣:٢٠ م
«الشبـيبة» تـرصـد تـأثـير تحـريـر الوقود في سلوك المستهلكين..مواطنون يتجهون إلى الاستفادة من النقل العام

أسعار الوقود سترتفع، هذا الخبر بات مؤكداً، لكن ما لا يعلمه الكثيرون هو كيف سيؤثر تحرير أسعار المحروقات في حياة المواطنين؟ وهل سيؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار السلع لاسيما الأساسية منها، أم أن الأسعار لن تشمل إلا الوقود وبالتالي لا داعي للقلق؟
يتوقع الخبير الاقتصادي لؤي البطاينة أن ترتفع أسعار الوقود بنحو 40 في المئة، وأن يكون تحرير الأسعار مرة واحدة، أي ليس بطريقة تدريجية، مؤكداً أن ذلك لا يجب أن يؤثر إلا على السلع التي تعتمد على النقل اليومي، كاللحوم والحليب والمواد ذات الصلاحية القليلة بينما لن تتأثر بذلك المواد الاستهلاكية الأخرى.
غير أنه يوضح أن حصة النقل من سعر السلع لا تتجاوز العشرة في المئة، ما يعني أن ارتفاع السلع لا يجب أن يكون أكثر من خمسة في المئة كحد أقصى، إلاّ إذا حصل هناك احتكار في السوق، وهو أمر مستبعد في السلطنة مع وجود آلية رقابة قوية حريصة على ضبط أي استغلال أو تلاعب.

تغييرات محدودة

ويدعم البطاينة رؤيته بالتجارب في الأسواق المجاورة التي حررت أسعار النفط، فلم تحدث تغييرات كبيرة في الأسعار والمنتجات خصوصاً أن المنافسة في السوق كفيلة بأن تصحّح أي ارتفاع على قاعدة العرض والطلب، ويلاحظ أن أسعار السلع الاساسية في تلك الدول لم تتأثر مطلقاً.
ويشير البطاينة إلى أن تحرير أسعار الوقود في السلطنة يأتي في ظل انخفاض أسعار العملات العالمية لا سيما اليورو واليوان الصيني مقابل الريال العماني، ويحصل ذلك بالتزامن مع انخفاض أسعار النفط العالمية، وبالتالي انخفاض تكلفة إنتاج ونقل السلع المستوردة من أوروبا وآسيا، ما يقلل من أسعار المواد المستهلكة، مستشهداً بأن نسبة التضخم في السلطنة تراجعت في الشهور الفائتة لا سيما السلع الغذائية، مما يعني أن الأسعار لا يجب أن ترتفع إلا بنسبة قليلة جداً.
ويؤكد البطاينة أن على المواطنين النظر إلى الموضوع بنظرة إيجابية، لأن تحرير النفط يحقق الدعم الحقيقي للفئات الأضعف اقتصاديّاً. ويشرح أن دعم أسعار الوقود تستفيد منه الفئات الأكثر ثراء في المجتمع، فهي التي تملك عدداً أكبر من الآليات والسيارات لا سيما الكبيرة منها، أما رفع الدعم وتوجيهه نحو قطاعات أخرى فمن الممكن أن يمنح الدعم للفئات التي تحتاجه.

نمو اقتصادي

ويتوقع البطاينة أن يتم توجيه الأموال الموفرة من تحرير أسعار النفط إلى قطاعات إنتاجية واستثمارية من شأنها تأمين الكثير من الوظائف وتحقيق نمو اقتصادي، وبالتالي تمكين المواطنين ورفع قدراتهم لاسيما إن كانوا من الباحثين عن عمل. ومن المفترض أيضاً أن يتم توجيه جزء من الأموال الموفرّة لخدمة الدين وتقليص العجز، ما ينعكس أيضاً بشكل إيجابي على الاقتصاد الوطني وبالتالي على المواطن والمستهلك.
ويقول البطاينة إن على الناس ترشيد سلوكهم الاستهلاكي حتى لو لم يتم رفع الدعم عن الوقود، وذلك انطلاقاً من شعورهم بالمسؤولية تجاه وطنهم، فلا يجوز التفريط بموارد الدولة والاستهتار فيها، داعياً إلى أن يكون استخدام النقل العام من الثقافة اليومية، لأن الاستخدام المفرط للسيارات لا يشكل هدراً للوقود فحسب بل كذلك للبنى الأساسية، التي تحتاج إلى صيانة دائمة أو إلى استحداث طرق جديدة.
ويعتقد الخبير لؤي البطاينة أن رفع الدعم عن الوقود سيسهم بشكل إيجابي في دعم منظومة النقل العام في السلطنة، لإعطاء بدائل اقتصادية للأفراد، وهذا ما تم البدء به أساساً. ويرى أن على العمانيين التفاؤل، لأن المشكلة ليست بالحجم الذي يعتقدونه، مؤكدا أن ما يحصل الآن هو لمصلحتهم، وأن تحرير الوقود بات مبدأ تقوم به مختلف دول العالم.

مواطنون يتهيؤون

المواطنون من جهتهم ليسوا بعيدين عن تلك الأجواء بل باتوا يتحضرون، وبشكل مبالغ به أحيانا، لهذه الزيادة.
يقول عبد الرحيم بن سعود العبري إن على الجهات المسؤولة مراقبة كل من يحاول استغلال تحرير الوقود لرفع الأسعار، لاسيما المواد الاستهلاكية ومواد البناء وأصحاب سيارات الأجرة، مؤكداً ثقته بالهيئة العامة لحماية المستهلك والدور الذي تقوم به لحفظ حقوق المستهلك ومتابعة الحالات والتعامل معها بكل حزم.
ويعتقد أحمد بن علي الصبحي أن على المواطن إنه يهيئ نفسه لرفع أسعار الوقود من خلال التقليل من استخدام السيارة إلا للضرورة القصوى، والتنسيق مع زملائه في العمل من أجل الذهاب إلى العمل بسيارة واحدة، ما يسهم في تقليل استهلاك الوقود وتخفيف الازدحام. ويشير إلى أن تكلفة ارتفاع أسعار الوقود لن تتعدى عشرة ريالات شهريا على المواطن ولكن مع الترشيد في استخدام السيارة يمكن أن يحقق الفرد فائضاً في ميزانيته بدلاً من العجز.
أما عامر بن ناصر العبري فليست لديه مشكلة في التنقل لأن مكان عمله على مقربة من منزله، لكنه رغم ذلك يرى أنه من الضروري إعادة توزيع وتقسيم الميزانية الشهرية مع ارتفاع أسعار الوقود. لكنه لا يخفي تخوفه من أن تزداد أسعار المواد الاستهلاكية مع ارتفاع أسعار الوقود، لأن ارتفاعها، برأيه، سيسبب عجزاً لدى بعض الأسر.
ومن جهته يرى أيمن بن ياقوت العبري أن معظم مستخدمي السيارات لا يستغنون عنها حتى في الرحلات القريبة. ويقول: "نحن نجد أن مجموعة من الشباب أو الفتيات يذهبون إلى أماكن عملهم ولكل واحد منهم سيارته الخاصة، ونلاحظ أن المركبات ذات الراكب الواحد تمخر عباب الشوارع غير آبهة بالازدحام واستهلاك الوقود". لذلك يعتقد أن من يستخدم سيارته للضرورة لن يتأثر بهذا الارتفاع بشكل. أما من يحسبون أن السيارة تسير بالماء بدل البترول - بحسب تعبيره - فهم من يتأثرون بهذا الارتفاع. ويؤكد: "رُبّ ضارة نافعة، فلعل ارتفاع أسعار الوقود يكون سبباً في تقليل الازدحام المروري".

التوجه للاستثمار

أما سعيد بن إبراهيم الناعبي فيتحدث عن كيفية تهيئة ميزانية الأسرة مع الأزمة المالية لاسيما للموظف ذي الدخل المحدود الذي عليه أن يتعلم الاستثمار حتى لو كان راتبه ضعيفاً لأنه يؤمن دخلاً للمستقبل فلا يتأثر مستواه المعيشي مع ارتفاع الأسعار، لاسيما بعد مرحلة التقاعد.
بينما يؤكد محمد بن حارب البهلاني على الحد من استخدام سيارات الدفع الرباعي ذات السعة اللترية العالية وقصر استخدامها على السفريات الطويلة واستخدام سيارة عادية ذات سعة لترية منخفضة، والعمل على تعديل خط الأسرة ليستخدموا سيارة واحدة للوصول إلى المدرسة والعمل. وكذلك تعليم الأطفال ضرورة الاقتصاد في استهلاك الكهرباء والمياه.
أما أحمد بن سليمان العامري فيقول إنه لن يغير كثيراً في خطط الإنفاق الخاص بالأسرة ويقول: "سنلتزم فقط بعدم المبالغة في الشراء أثناء التسوق أما بالنسبة للتنقل فيكون بحسب المخطط الذي وضعته".
وبالنسبة لخليفة بن سليمان المياحي فيرى أن على رب الأسرة أن يتأقلم مع الوضع الراهن ويعمل جاهداً للتقليل من مصاريفه كافة وليس من مصروف الوقود فقط.
وبين آراء الخبراء والمواطنين لا يبدو أننا أمام معضلة لتخطي مسألة تحرير الوقود، فالمواطنون يتمتعون بالوعي الكامل على ما يبدو، كما يؤكد الخبراء أن تحرير الوقود يحرّر الاقتصاد من أزماته.