عمُان .. الجغرافيا والاقتصاد

مقالات رأي و تحليلات السبت ٢٠/يونيو/٢٠٢٠ ٢٠:٤٧ م
عمُان .. الجغرافيا والاقتصاد

محمد بن رامس الرواس

mramis@ssds.co.om

" إن للجغرافيا تأثير كبير في خصائص بل هوية الاقتصاد ، فهي تحدد إلى حدٍ بعيد تنوع الإنتاج وبالتالي مستقبل الاقتصاد. للجغرافيا تأثير كبير في عقل الأنسان وثقافته ... "
الكاتب لويس حبيقة

سلك العُمانيون منذ آلاف السنين البحار وعبروا المحيطات ، ونشروا الثقافة والعلم واختاروا التجار مهنة لهم، فتبادلوها مع البلدان عبر الموانئ النشطة ونقلوا السلع والبضائع ، كما نقلوا الثقافة والحضارة على امتداد العصور ، فقد وصلوا الي الصين شرقاً والى حوض البحر الأبيض وأفريقيا ، وكان المحيط الهندي هو ساحتهم الكبرى التي من خلالها حصدوا الثراء الحضاري و الثروات تجارية .
هناك العديد من الأمثلة التي تشير إلى قوة الجغرافيا وتأثيرها المباشر على مستقبل البلدان ، وبالتالي هي المحرك للمصالح الاقتصادية بين الشعوب ، فلقد كان للعديد من الدول التي تطل مؤانئها على المحيطات والبحار والأنهار على مدى التاريخ أنشطة تجارية متعددة ومتنوعة ، وكان المحيط الهندي أحد هذه المحيطات الكبرى ، وكانت عُمان أحدى هذه الدول التي كان لها تاريخ أقتصادي بحري عظيم ، فلقد كان العُمانيون على مر العصور حاضرون في الأنشطة التجارية البحرية المتنوعة بربابنتهم الأفذاذ وتجارهم الماهرون، واليوم في ظل التنافس التجاري العالمي على حوض المحيط الهندي تسعى السلطنة لتأكيد تواجدها الاقتصادي عبر موانئها النشطة صلالة – صحار – مسقط – الدقم ، فمهما تختلف الأنشطة التجارية عبر الازمنة لكن الأهمية الجغرافية لا تزال موجودة والموانئ العُمانية التاريخية شاهدة علي ذلك وآثارها موجودة إلى اليوم، فلم تكن تجارة أهل عُمان تقتصر على حوض المحيط الهندي بل تعدته للشرق والغرب، فنقلت البضائع واستوردت وصدرت السلع والمنتجات مثل التوابل والأخشاب والحرير والقطن والعاج الأفريقي والنحاس والسجاد والبخور واللبان.
اليوم عادت السفن التجارية العالمية من الجيل الخامس والسادس لترسوا وتحط رحالها على أرصفة الموانئ العُمانية في ظل خدمات كلها كفاءة واقتدار، حيث تعاملت المؤانئ العُمانية باحترافية مع المتغيرات الجديدة الحاصلة حالياً على ساحة العالمية مما أدى إلى زيادة حركة الصادرات والواردات ، ولم نكن نحتاج إلى حدوث أزمة اشتكى منها العالم كي نستكشف قدراتنا وموانئنا ، بل كان الأجدر بنا أن نستغل الجغرافيا التي حبانا الله بها لننشئ العديد من الموانئ التي تخدم الخطوط الملاحية العالمية المختلفة .
لقد كان لتعدد وجود الموانئ العُمانية قديماً أسبابها من حيث وجود التنوع في السلع واختلاف الخدمات والبضائع بالموانئ ، حيث كان التعامل بالتجارة العالمية البحرية له أنظمة وطرق في حُسن إدارة البضائع والسلع والتخصص والخدمات مما يفرض إنشاء موانئ ذات مواصفات وخدمات متنوعة لتقوم بدورها ، واليوم قد نحتاج أنشاء مزيد من الموانئ لتقوم بأدوار وخدمات متعددة كما قامت بها أسلافها من الموانئ العُمانية قديماً فقامت بربط تجارة الشرق بالغرب .
وللحديث بقية ...