إدارة التغير

مقالات رأي و تحليلات السبت ٢٠/يونيو/٢٠٢٠ ٢٠:٤١ م
إدارة التغير

بقلم: علي بن راشد المطاعني

فلسفة التغيير سنة من سنن الحياة تأخذ دورتها في حياة الأمم والشعوب ، تكسر رتابة الحياة ، وتجدد مفاصل العمل في الدول وتبلور تفكير مختلف من جيل لآخر ومن مرحلة لأخرى ومن إدارة إلى غيرها ، فدوام الحال كما يقال من المحال ..

هي حقائق وثوابت يجب أن نعيها جيدا ومفادها أن الأمور لابد أن تتغير في كل جزئيات حياتنا كأشخاض ومجتمعات ودول ، فما تقوم به الدولة من تغيرات طبيعية فرضتها ظروف المرحلة ومتطلبات النهضة التي من الأهمية أن تتغير طبقا لمعطيات ومطلوبات المرحلة ومتغيرات الزمن التي تفرض مراجعة كل السياسات والتوجهات والخطط لإدارة الدولة وفقا لما يتطلبه العصر .

إلا أن هذا التغيير وذلك التوجه يحتاج إلى بلورة في أطر تأخذ الوطن ومواطنيه من وضع لآخر ، ومن حالة لأخرى وبقدر يتهيأ فيه كل شخص لحقيقة إنه قد يكون جزءا لا يتجزأ من مرحلة التغيير تلك ، وإنه فاعلا فيها لا مفعول به منصوب .

ولعل الإنفتاح على المجتمع والحوار معه جزء من آلية التغيير التي تتطب أن تسبق أي عملية في هذا الصدد وذلك حتى لا يتم التصادم مابين البعض وجوهر التغيير نتيجة لعدم الإعداد المسبق نفسيا وعمليا ، فالتطورات قد تفضي إلى أنه قد لايكون جزءا منها أو معيقا لها .

عليه فإن فتح نوافذ الحوار بين أقطاب الدولة وشرائح المجتمع يجب أن يكون أحد أهم متطلبات التغيير نفسه ونمط من أنماط التفاعل الإيجابي معه .

بلاشك أن حتمية التغيير أضحت تفرض نفسها اليوم وعاما بعد الآخر ، بحكم الكثير من المستجدات المتتالية والتي تفرض ضرورة مواكبتها واللحاق بركب التطور والتقدم في كل المسارات الحياتية والعلمية والتكنولوجية ، فالمراحل القادمة تحمل بين طياتها وثناياها آمال وتحديات عراض يجب على الشعوب أن تتهيأ لها فهي وفي مجملها تغيرات فكرية وثقافية وسلوكية يجب إحداثها وتفعيلها في الفكر السلوكي المجتمعي حتى يكون الفرد شريكا فاعلا وإيجابيا في عملية التغيير وليس متناقضا أو مناهضا أو متحديا لها ولأبجدياتها .

وإن لم نفعل فسنبقى أبدا خارج منظومة الأمم التي تمضي بخطى واثقة في طريق التقدم والتطوير والتحديث ، وذلك بعد أن أفلحت في جعل الفرد فاعلا وشريكا يوثق به عبر إيمانه بالأسس والقواعد المنظمة لهذا التحديث والتطوير .

إن مكاشفة المجتمع عبر الحوار المفتوح والتحاور الجاد والمسؤول لهو ضرورة حتمية وذلك للإطلاع على مرئياته وتصوراته حيال ماهو مطلوب تنفيذه وعمله في المرحلة القادمة ، وذلك من بعد إيضاح الإمكانات المتاحة والمعطيات المتوفرة والتي على ضؤها يتم إتخاذ القرارات المناسبة بعد أن تفتحت آفاقة وإستطال نظرة بنحو يتيح له النظر إلى ابعد مدى ممكن ومتاح .

إذن فإن الحوار هو أحد أهم متطلبات المرحلة ، وعبره فقط يتسنى إيجاد واقع أفضل ومختلف عن ماعايشته الأجيال الحالية والراهنة ووفق إستحقاقات مختلفة كليا وظروف مغايرة بالطبع ، وبإعتبار بأن لكل حقبة زمنية أدواتها ووسائلها الملائمة لها ، فكل هذه الجوانب يجب أن تكون جزءا من الحوار المجتمعي الذي يتعين عليه أن يفتح نوافذه مع كل فئات المجتمع وكل شرائحة وفي كل محاضن التربية والفكر والتعليم والأدب ، وفي كل المجالس ليغدو بعدئذٍ هو حديث الشارع كما يقال .

ثم أن الحوار وفي إطار معناه ومغزاه ومضامينه هو التفكير بصوت عال يصل للبعيد صداه ومعناه ، ويتمحور حول مايحب أن يكون وماهي السبل والمقاصد لتحقيق ذلك وماهي الأدوات اللازمة لتفعيله ، ومن بعد ذلك سيفضي وبنحو حتمي للوصول لصيغة المشاركة في إتخاذ القرار ، وقرار بهذه المواصفات هو بالفعل قرار المجتمع بأسره ، وسيغدو مرحبا به من قبل من قاموا بإتخاذه وهم الجميع بالطبع وبدون إستثناء .

نأمل أن نعمل جميعا وبروح الفريق الواحد لتهيئة الأجيال لمرحلة جدية من مراحل العمل الدؤوب يكون فيه الفرد جزءا أصيلا وفاعلا في منظومة الحوار المجتمعي الواسع وصولا للصيغة المثلى لما يتعين علينا فعله في المرحلة الدقيقة القادمة ..