قطاع النفط سيتعافى لكنه يحتاج لبعض الوقت

مؤشر الأحد ١٠/أبريل/٢٠١٦ ٢٣:٠١ م

مسقط –
شهد الربع الأول من العام 2016 مستويات من التقلب وحالة من الشك عانى منها معظم المتداولين والمستثمرين وأرادوا نسيانها بأسرع ما أمكن، حيث وصلت أسواق النفط خلال شهر يناير إلى مرحلة حرجة. ومع مواصلة النفط الخام هبوطه خلال الشهر ليستقر في أدنى مستوياته، تحسست أسواق الأسهم العالمية وأسواق الائتمان الخطر وسعت إلى ملجأ يقيها من هذه التقلبات.

ويقول رئيس استراتيجيات السلع لدى «ساكسو بنك» أولي هانسن: «إنه وكنتيجة لهذه التطورات، سطع نجم الحمائم في الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وذلك قبل أن يستقر غبار رفع أسعار الفائدة الذي تم منذ عدة سنوات. عندما أشار واضعو التوقعات إلى احتمال رفع سعر الفائدة أربع مرات خلال هذا العام، أصبحت فرص حدوث ارتفاع واحد لهذا العام 54%فقط».

أجبرت هذه التطورات العديد من المستثمرين على تغيير تطلعاتهم المستقبلية فيما يخص قوة الدولار الأمريكي بالكامل، حيث يلحظ الكثيرون حالياً مسار العملة الخضراء الآخذ بالهبوط بشكل تدريجي. كما تساعد هذه التطورات على دعم تعافي عملات وسندات الأسواق الناشئة، فضلاً عن مد يد العون إلى السلع.
ومع هبوط أسعار النفط وتدهور حالة السوق، ساعد النفط الخام على تعافي الأسواق خلال هذا الربع. وساعدت تصريحات منتجي النفط الذين تضرروا كثيراً من تدهور الأسعار ومن مؤشرات تباطؤ الإنتاج في الولايات المتحدة على تعويض زيادة الصادرات من إيران.
ارتفعت أسعار النفط الخام منذ انخفاضها إلى أدنى مستوياتها بنسبة تجاوزت 40%، ولكن معظم هذا التعافي نجم بشكل أساسي عن تغطية عمليات البيع. وعلى الرغم من إشارات التحسن الملحوظة، فما زالت الأساسات غير قوية كفاية لدعم التعافي المستدام، وسوف يؤدي هذا إلى حركة أفقية في السوق خلال الربع الثاني من هذا العام.

ارتفاع الذهب

ويتابع هانسن: «ومن قلب هذه الأسواق المضطربة، رفرف طائر الفينيق الذهبي بجناحيه مرتفعاً من تحت الرماد؛ حيث عادت ثقة المستثمرين للتعامل مع المعدن الأصفر وبأعداد كبيرة، وارتفعت الكمية الإجمالية المتداولة بحوالي 300 طن. كما استقرت حالة الذهب عقب الارتفاع القوي الأولي في شهر فبراير، وبالرغم من النهاية القوية لأسواق الأسهم والائتمان، إلا أنها تمكنت من تقديم أفضل أداء فصلي لها منذ ثلاثة عقود.

تحديات النفط

ويضيف هانسن: «بعد أن بلغ النفط الخام أدنى مستوياته منذ 12 في شهر يناير، تمكن من التعافي بقوة بفضل تصريحات منتجي النفط الذين يعانون من الضغوطات، وبفضل المؤشرات التي تدل على استمرار هبوط إنتاج النفط الأمريكي. ما زالت مستويات المخزونات العالمية مرتفعة بشكل غير مسبوق في الولايات المتحدة، ولم يصل المخزون لمثل هذا المستوى إلا خلال فترة الكساد قبل حوالي 80 عاماً. وما زالت الأسواق التي تتمتع بفائض تشكل تحدياً للمستثمرين الباحثين عن عمليات الشراء والاستفادة من التعافي المتوقع خلال السنوات القليلة المقبلة.
شهد انتشار التأجيل أو الخصومات بين العقود الشهرية والعقود الآجلة خلال الأشهر الثلاثة الفائتة، أكبر نسبة ارتفاع في خام غرب تكساس المتوسط. وكمستثمر في العقود الآجلة أو المنتجات المتداولة في البورصة، فإن التأجيل يؤدي إلى تدهور عوائد الاستثمار. ونتيجة الاختلاف في التأجيل، كان أداء خام غرب تكساس المتوسط ضعيفاً أمام خام برنت بحوالي 11%لحد الآن خلال العام الجاري.

تساعد التطورات على تفسير سبب تمتع خام برنت بشعبية أكبر في التداولات بين مدراء الأموال في سوق العقود الآجلة خلال عملية التعافي التي حدثت مؤخراً. ويبين الرسم البياني أدناه تغير صفقات البيع والشراء في خام غرب تكساس المتوسط وخام برنت.
ولم يشهد التاريخ الحديث مثل هذا التفاوت الكبير الذي يعرض السوق لتصفية طويلة؛ إلا أن تغييراً طفيفاً في التطلعات الأساسية أو التقنية قد يضر بأسعار النفط، وهذا ما شهدنا بالفعل خلال الأسبوع الفائت.

اتفاق الدوحة

وبغض النظر عن ضعف الدولار، تم دعم السوق من خلال التوقعات التي تشير إلى موافقة منتجي النفط الأساسيين خارج منظمة أوبك على تجميد الإنتاج خلال اجتماعهم المنتظر في العاصمة القطرية الدوحة بتاريخ 17 أبريل. إلا أن تصريحات الأمير السعودي محمد بن سلمان لمؤسسة بلومبرج يوم الجمعة أدت إلى تراجع في المعنويات؛ حيث أكد الأمير السعودي مجدداً خلال المقابلة التي أجريت معه على موقف المملكة العربية السعودية في الموافقة على تجميد الإنتاج فقط في حال انضم كافة المشاركين إلى هذه الاتفاقية بما فيها إيران.
إن الإصرار على إدراج إيران يعني أن هذه الاتفاقية قد تبقى معلقة، مع زيادة احتمال إلغاء الاجتماع. وبعد أن بدأت الأسعار بالتعافي، قد يجد المستثمرون أنفسهم قد تسرعوا بأحكامهم من جديد. مع الانتباه إلى الأخبار الواردة من ليبيا حول عن إمكانية إعادة افتتاح ثلاثة موانئ أساسية للتصدير قريباً، الأمر الذي سوف يزيد من إنتاج أوبك التراكمي.
وفي نهاية المطاف، لا طريق أمام النفط الخام إلا الاتجاه صعوداً -وسوف يحقق ذلك- ولكن الطريق نحو التعافي ما زال مليئاً بالتحديات. ومع بداية الربع الثاني من هذا العام، يمكننا القول إنه بعد أن شهدنا أدنى المستويات التي وصلت إليها أسعار النفط، فإننا ننتظر بفارغ الصبر تعافي هذا القطاع، وهذا قد يستغرق بضعة أشهر.