مصانع الهند تعاني من نقص العمال بعد عودتهم للأرياف

مؤشر الثلاثاء ٠٩/يونيو/٢٠٢٠ ٠٠:٠١ ص
مصانع الهند تعاني من نقص العمال بعد عودتهم للأرياف

نيودلهي-أ ف ب

خفت ضجيج الآلات الذي كان يملأ مصنع الأحذية "أكوالايت إنداستريز" بسبب نقص اليد العاملة في هذا القطاع وغيره من الصناعات التي تواجه صعوبة في استئناف العمل مع الخروج من العزل تدريجيا في الهند.
وبعد شهرين من إجراءات عزل قاسية جدا بهدف وقف انتشار فيروس كورونا المستجد، خففت الهند التي تضم 1,3 مليار نسمة القيود منذ نهاية مارس وتحاول إنعاش اقتصادها المنهك.
لكن التوقف المفاجئ للنشاط أدى إلى رحيل ملايين العمال المهاجرين الذين خسروا مصدر رزقهم بين ليلة وضحاها بعدما فروا من المدن الكبيرة إلى الأرياف الهندية. وفي غياب وسائل النقل اضطر بعضهم للمشي مئات الكيلومترات تحت شمس حارقة.
ولم تعد شركات هندية عديدة تعتمد بشكل كبير على هؤلاء العمال القادمين من مناطق ريفية فقيرة، تملك يدا عاملة كافية مع تخفيف إجراءات العزل. والأسوأ من ذلك أن كثيرين وتحت صدمة قسوة الحجر، قد يقرر جزء من هؤلاء المهاجرين عدم العودة إطلاقا.
وقال المسؤول في "أكوالايت إنداستريز" الشركة المالكة لمصنع الأحذية الواقع في ولاية هاريانا إن "ستين بالمئة من عمالنا رحلوا. كيف يمكننا تشغيل المصنع بثلث اليد العاملة المتوفرة لدينا؟".
واضاف "اضطررنا لوقف إنتاجنا من الأحذية الرياضية بالكامل مع أننا نمتلك أجهزة متطورة تقنيا لكنها بحاجة إلى يد عاملة مؤهلة لتشغيلها".
وفي إقليم سورات بولايو غوجارات غرب البلاد، المعروفة بنشاطها لصقل الألماس، قال رئيس الجمعية المحلية للألماس بابو كاثيريا لوكالة فرانس برس إن ورشات عديدة لم تتمكن من إعادة فتح أبوابها لأن نحو سبعين بالمئة من العمال غادروا المدينة.

أعمدة الاقتصاد

أوضح سانتوش ميهروترا الأستاذ في مركز دراسات في القطاع والعمل غير الرسمي في جامعة جواهر لال نهرو أن "جزءا كبيرا من الصناعات التحويلية يتركز في الواقع في الولايات التي كان تأثير الوباء فيها كبيرا مثل تاميل نادو وغوجارات وماهاراشترا ودلهي".
وأضاف "إنها المناطق التي يتم فيها توظيف العدد الأكبر من العمال بطبيعة الحال".
ويقدر عدد العمال المهاجرين الذين انتقلوا لكسب لقمة العيش في المدن بنحو مئة مليون شخص في جميع أنحاء هذه الدولة العملاقة في جنوب آسيا، أي حوالى خمس السكان. ولا غنى عن هذه اليد العاملة لتشغيل قطاعات عديدة من النسيج إلى ورشات البناء ومن صناعة الآجر إلى المناجم.
وقالت منظمة "سيف لايف" إن هجرة هؤلاء السكان بسبب العزل أدت إلى موت نحو مئتين منهم بسبب الإنهاك أو في حوادث على طريق عودتهم إلى قراهم.
ويتوقع المحللون أن يتأثر نمو ثالث اقتصاد في آسيا الذي لم يتجاوز 3,1 بالمئة على مدى العام في الفصل الأول وكان الأبطأ منذ عشرين عاما، بهذا النقص في اليد العاملة على الأمد القصير.
ورأى سانتوش ميهروترا أن العمال المهاجرين الذين صدموا بتسريحهم بدون إنذار مسبق ليصبحوا بلا مصدر رزق بعيديين عن بيوتهم "لن يستعجلوا العودة".
وقال "قد يعود بعضهم لكن كثيرين سيبحثون عن عمل ليس في المدن الكبرى بل في مدن صغيرة قريبة (من منازلهم) أقل تضررا بالفيروس".
ومن الصعب معرفة ما إذا كانت المناطق الريفية في الهند ستنجح في امتصاص هذا التدفق من العاملين بينما يعاني اقتصادها من تراجع. لكن بعض المهاجرين مثل محمد نسيم اكتر (21 عاما)، يؤكدون أنهم مستعدون للمجازفة.
وعندما التقته، كان هذا الموظف السابق في شركة للتصدير في نيودلهي يقف في صف للحصول على بطاقة سفر بالقطار إلى مسقط رأسه.
وقال "لم أجد عملا منذ شهرين هنا وأواجه الكثير من المشاكل". وأضاف أنه "ليست هناك مؤشرات إلى تباطؤ المرض. كل ما أريده الآن هو أن أكون مع عائلتي وفي قريتي".