أهمية التقنيات الحيوية في تحسين إنتاجية القمح والشعير بالسلطنة

بلادنا الأحد ٠٧/يونيو/٢٠٢٠ ١٥:٤٠ م
أهمية التقنيات الحيوية في تحسين إنتاجية القمح والشعير بالسلطنة

مسقط – الشبيبة

تعرف برامج تربية وتحسين المحاصيل هو تطبيق الأسس الوراثية لغرض تحسين بعض الصفات الوراثية الحقلية أو المختبرية للمحصول، وذلك لإنتاج أصناف جديدة ملائمة للمنطقة ومقاومة للاضطجاع والانفراط والأمراض والحشرات والحرارة والجفاف، إضافة إلى الحصول على أصناف مبكرة في النضج وذات إنتاجية عالية ونوعية جيدة وملائمة للحصاد أو الدراس الميكانيكي. ويتم ذلك عن طريق إدخال أصناف جديدة بالانتخاب أو بالتهجين.

كما يعتبر الانتخاب لتحسين الصفات الوراثية تحسيناً مباشراً لأنه يستمر مع المحصول في حال استمرار المحافظة على صفاته الوراثية المنتخبة. وينحصر عمل مربي النبات في إنتاج أصناف جديدة أو بتحسين الأصناف القديمة المختلطة وإنتاج سلالات جديدة منها.

وقد قامت وزارة الزراعة والثروة السمكية ممثلة في المديرية العامة للبحوث الزراعية والحيوانية بجهود حثيثة في مجال التربية والتهجين للحصول على أصناف ملائمة لظروف السلطنة البيئية وذات مميزات عالية من حيث الجودة والإنتاج سواء بالطرق التقليدية أو باستخدام التقانة الحديثة.

ويقوم الباحثون بالمديرية بتنفيذ البرامج البحثية الاستراتيجية طويلة المدى من خلال برامج التربية والتهجين بالطرق التقليدية لتحسين أصناف القمح والشعير العمانية لغرض مساهمتهما الاقتصادية في استدامة زراعتهما من خلال تطبيق الأسس الوراثية لأجل تحسين بعض الصفات الوراثية الحقلية أو المختبرية لكلا المحصولين.

برنامج تربية وتحسين محصول القمح العماني

اهتم المزارع العماني في السلطنة بمحصول القمح والذي أصبح إرثا زراعيا نظرا لما يمثله هذا المحصول من أهمية اقتصادية وغذائية للإنسان العماني ، حيث يفضل العمانيون استخدام الدقيق (الطحين) الناتج من الأصناف المحلية في تصنيع الخبز المحلي "الرقاق أو الرخال" بسبب جودة مذاقه نتيجة لارتفاع نسبة الجلوتين به وقابليته العالية للتشكيل والعجائن والمخبوزات الأخرى ، كما يستخدم في تحضير الكثير من المأكولات العمانية كالهريس وصناعة الحلوى العمانية ولمعالجة بعض الأمراض كالتهابات الحنجرة والصدر.

كما ويستخدم دقيق القمح في صناعة الجبيرة لتجبير الكسور إضافة إلى ذلك يستخدم الطحين في تغذية المواشي حيث يتم خلطه مع التمر والماء كما يقدم لجمال السباق على هيئة أرغفة خبز يتم إعدادها على الجمر لتغذية تلك الجمال وتقويتها على التحمل.

وترجع زراعة أصناف القمح العمانية (كولا , ميساني , سريعا , حمراء) والتي تتسم بقدرتها على تحمل الظروف المناخية المحلية منذ زمن بعيد على مساحات واسعة بكافة أنحاء السلطنة.

تواجه هذه الأصناف تحدياث كثيرة كالتدهور الوراثي وتدني الإنتاجية وميلها للرقاد (الاضطجاع) وحساسيتها للإصابة بأمراض الصدأ والتفحم ؛ لذلك توجهت جهود الوزارة إلى ايجاد الحلول المناسبة وتحسين الأصناف العمانية.

تم إدخال العديد من أصناف قمح الخبز من المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) والمركز الدولي للقمح والذرة الشامية (سيمت) لتقييمها تحت الظروف البيئية للسلطنة حيث أثبتت نجاح زراعتها وملائمتها للظروف المناخية والإنتاجية الجيدة ومقاومتها للأمراض. بعد ذلك تم التوصية بها كأصناف محسنة وهي( صنين ووادي قريات 110 ووادي قريات 226 ووادي قريات 227 ووادي قريات 308 ووادي قريات 302).

بدأ هذا البرنامج بمحطة البحوث الزراعية بجماح بمحافظة الداخلية في عام 2001م لإنتاج أصناف جديدة من القمح تحمل صفات الأقماح العمانية والصفات الجيدة من الأقماح المحسنة بالسلطنة ، ولقد تم اختيار الأمهات لبرنامج التهجين من الأصناف المحلية ( الكولا وسريعا وميساني) وتم اختيار الآباء من الأصناف الموصى بها ( وادي قريات 110, وادي قريات 125, وادي قريات 225 ,وادي قريات 302) لكونها مبكرة الى متوسطة النضج (110-120 يوم) مقارنة بالأصناف المحلية (140-145 يوم) مما يساهم من الحد من استهلاك المياه.

استخدمت طريقة تربية تسجيل النسب (Pedigree method) وهي إحدى طرق تربية المحاصيل الذاتية التلقيح (Self-pollinated crops) وقد تم إجراء بعض التحويرات على هذه الطريقة لتتناسب مع طبيعة المحصول والإمكانيات المتوفرة والظروف البيئية للسلطنة وهي نقل المادة الوراثية من خلال نقل حبوب اللقاح من أصناف محسنة إلى السلالات المحلية بطريقة تقليدية ضمن مجموعة من الخطوات ، وتمتد هذه الطريقة الى ما يقارب العشر سنوات لإيجاد أصناف هجينة تحمل صفات الأصناف المحسنة وتحافظ على الصفات المرغوبة في الأصناف العمانية مع المزارع .

تم الانتهاء الفعلي من البرنامج عام 2017م حيث تم الحصول على (4) أصناف هجينة من أصناف القمح الجديدة والمتميزة والمتجانسة والثابتة في صفاتها وذات صفات جيدة وانتاجية تعدت (4) طن/هكتار ، وقد اطلق عليها التسميات المحلية (جبرين ونزوى وبهلا والنجد(. وتم حمايتها كأصناف جديدة من قبل لجنة تسجيل واعتماد الأصناف النباتية الجديدة في عام 2018م بعد إجراء الاختبارات اللازمة من قبل الفاحصين.

برنامج تحسين صنف الشعير العماني دوراقي

يعتبر الشعير المحصول الثاني لإنتاج الحبوب في سلطنة عمان. وتبلغ مساحة الشعير المزروعة بالسلطنة لعام 2019م حوالي (1459) فدان بإنتاج وقدره (1677) طن (وفقا للتقديرات الإحصائية لوزارة الزراعة والثروة السمكية). يعد صنف الشعير دوراقي من أكثر الأصناف المحلية انتشارا بمحافظة مسندم وانتشر مؤخراً مع عدد من المزارعين في محافظات البريمي والظاهرة وشمال الباطنة ، حيث يزرع لغرض إنتاج الحبوب والعلف الأخضر ويتميز بالتبكير في النضج وتحمله للملوحة والجفاف.

غير أن هذا الصنف ذو انتاجية منخفضة مقارنة بالأصناف المزروعة والتي تم تقييمها من حيث أقلمتها تحت ظروف السلطنة وانتاجيتها اضافة الى مقاومتها للأصابة المرضية والحشرية وتم التي التوصية بها مثل (جماح6 وجماح51 وجماح53 وجماح54 وجماح58 وجماح98 وجماح99).

بدأ تنفيذ برنامج تحسين صنف الشعير دوراقي في محطة البحوث الزراعية بجماح في فبراير2010م ، وتم استخدام طريقة التهجين العكسي Reciprocal cross أي استخدام الدوراقي كأم مرة واستخدامه كأب مرة أخرى مع اثنان من الأصناف المحسنة وهي ( جماح 98 وجماح 51) ، وتم إجراء عمليات الإنتخاب على نباتات وفق معايير التبكير بالتزهير والنضج وعدد التفرعات في النبات والإنتاجية والنوعية الجيدة من حيث المحتوى الغذائي.

ولقد وصل البرنامج إلى المراحل الأخيرة من حيث التوصيف المظهري والجيني للأصناف التي تميزت بصفات ممتازة خاصة تلك الصفات التي تتعلق بالتبكير في التزهير والنضج وبمعدل 30 يوما عن الآباء ، إضافة إلى مقاومة تلك السلالات المختارة للأمراض. وسيتم في المرحلة النهائية تسميتها واستيفاء المتطلبات لغرض تسجليها كحقوق ملكية فكرية في لجنة تسجيل المستنبطات النباتية. حيث سيتم في المرحلة القادمة إكثارها لغرض الحصول على كميات كبيرة من الحبوب بغرض نشرها مع المزارعين.