العصر الاسلامي وفن علم الدبلوماسية 1

مقالات رأي و تحليلات السبت ٠٦/يونيو/٢٠٢٠ ٢١:٣١ م
العصر الاسلامي وفن علم الدبلوماسية 1

بقلم: سعدون بن حسين الحمداني

دبلوماسي سابق

يعتبر العصر الاسلامي وعلى مدى مراحله المتعددة شمس نورت الطريق لكل البشرية من حيث التعاليم السماوية الراقية في تمدن الحياة وأنتقالها من العصور الجاهلية السوداء في كل شي الى قمة الحياة المبنية على العدل والمساواة والمحبة والآخاء والأنفتاح على العالم بقلب واسع يشع بالخير وحب الجميع وعند بزوغ رسالة الاسلام الشريفة على يد خاتم المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام الذي بشر بمبادئ الدين الحنيف وأرسى دعائم المدنية العصرية في كل شي ومنها فنون الدبلوماسية حيث كان أرسال المبعوثيين لكل أرجاء المعمورة وأعتماد الختم الشريف وفن االتفاوض في صلح الحديبية كانت هذه بوادر أرساء علم الدبلوماسية في أنشاء الدولة الحديثة المبنية على أسس مقومات العلاقات العامة والقيادة في إدارة الدولة . يعتبر الرسول الكريم مدرسة لاصحابه وأهله في تعليم فنون الدبلوماسية بكل مراحلها وكان جبرائيل عليه السلام وبأمر من رب العزة يردف الرسول بالآيات الكريمة من القرآن الكريم لغرض تدريسها وتعليمها لجميع شرائح المجتمع الاسلامي الذي كان سابقاً يصول ويجول في الجاهليه السوداء بعيداً عن كل معاني العدالة السماوية وأدآب وأتيكيت الحياة اليومية.

وحين نتصفح مختلف المدارس الدبلوماسية والمختصة في فنون علم الدبلوماسية على مدى الزمن فأننا نجد بأن تاريخ الدبلوماسية يبدأ من القرن السابع عشر أو السادس عشر ومن الغرب حصرا وبأصول ومفاهيم بسيطة بفن الدبلوماسية وأقسامه من البرتوكول والإتكيت والإعلام الدبلوماسي والمفاوضات وكل ما يتعلق بهذا العلم، إلا أن الحقيقة بأن الدين الإسلامي كان هو الإقدم في ذلك، حيث أحتوى القرآن الكريم على أرقى المفاهيم في كل تفاصيل الحياة وعلى مدى الدهر سواء في الماضي أو المستقبل ومنها فن علم الدبلوماسية بقوله تعالى ( وكل شي إحصيناه في إمام مبين) سورة يس 12، والمقصود حسب بعض التفسيرات أن الامام المبين هو القران الكريم لاحتوائه وبصورة متكاملة على كل المعلومات الرصينة لكون منزل من رب السموات والارض.

ولقد كان سيدنا الرسول الإعظم هو القدوة لنا في فن الدبلوماسية في تعامله مع عائلته / أصحابه /عامة الناس وفي قوله تعالى (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة .. الى اخر الآية: سورة الجمعة إية 2) وتطرق القران الكريم الى عدة أبواب وفصول ومنها الإزمات، المفاوضات، وإستقبال الضيوف وآداب الزيارات الاجتماعية بين الاصدقاء والإقارب والقيمة العظيمة للمراة عند الاسلام وكيف أهتم بها وكما ورد بالحديث النبوي الشريف وروى الترمذي (1162) وصححه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا ، وَخَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِنِسَائِهِمْ ) .

وكذلك تطرق الى العلاقات العامة والاعلام والمصداقية في نقل وسرعة الخبرقال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم: قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي.... سورة النمل اية 40 ، وفن كتابة الاخبار ولباقة اللسان واختيار الكلمة والعبارات المتزنة والهادفة وغيرهاقال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم: وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ .سورة القصص اية 34 ، وكذلك من الفنون والعلوم والتي سوف نتكلم ونخوض فيها لاحقاً وبصورة تفصيلية في هذه المواضيع.

كذلك السنة النبوية تطرقت الى مواضيع عديدة منها ارسال المبعوثين والختم النبوي الشريف وأن سيدنا الرسول هو أول من إستعمل الختم في الرسائل وكان الختم آنذاك ( محمد رسول الله) ليضيف الخصوصية والسرية بذلك. وحث القران الكريم على العلم والإجتهاد بأفضل ما يمكن وقال الله تعالى تعالى في محكم كتابه أيضاً، مرغباً في العلم وحاثاً على طلبه{يرْفعِ اللهُ الذينَ آمَنُوا مِنكمْ والذينَ أوتوا العلْمَ دَرجات} سورة المجادلة اية 11
والرسول محمد (ص) خاتم الإنبياء والرسل هو أول من أرسى القواعد في الاتكيت والبرتوكول ومنها إختيار الوان الملابس وأنواعها وطبيعتها وفن الدبلوماسية والتواضع في المقابلات وإحترام العدو في السلم والحرب في شتى إرجاء المعمورة حيث أرسل من يمثله يحملون رسائل المحبة والسلام لكل قادة وملوك العالم من مختلف الإجناس والديانات وسوف نتطرق الى فصول القيادة والبروتوكول والاتكتيت والدبلوماسية في قراننا الكريم والسنة النبوية واننا مهدُ لهذه الاسس والعلوم في المقالات القادمة ان شالله