وقّع عشرات الآلاف من البريطانيين على عريضة على موقع البرلمان تطالب الحكومة بوقف إنفاق الملايين من أموال دافعي الضرائب على طباعة كتيبات تشرح أهمية بقاء البلاد في الاتحاد الأوروبي في استفتاء يوم 23 يونيو المقبل. وتخطط الحكومة إلى إنفاق أكثر من 9 ملايين إسترليني على كتيبات توزع إلى 27 مليون منزل لدعم حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي. وتقول العريضة، التي وقّع عليها أكثر من 160 ألف شخص تحت عنوان «أوقفوا كاميرون من إنفاق أموال دافعي الضرائب على منشورات مؤيدة للاتحاد الأوروبي»، إن الناخبين يستحقون استفتاء عادلا، دون حملات حكومية متحيزة بتمويل من دافعي الضرائب.
ومن المنتظر أن ينظر البرلمان في العريضة بعد أن تخطى عدد الموقعين عليها 100 ألف شخص. وتقول الحكومة إن الكتيب المكون من 14 ورقة مخصص للرد على طلبات المواطنين في الحصول على مزيد من التفاصيل بشأن الاستفتاء على عضوية الاتحاد الأوروبي من خلال إعلان الحقائق بصرف النظر عن موقف الحكومة. وسيتم تمويل مبلغ 9.3 مليون إسترليني من أموال دافعي الضرائب، حيث تتكون من 6 ملايين إسترليني لطباعة الكتيبات وتوزيعها، إضافة إلى أكثر من ثلاثة ملايين إسترليني للترويج للنسخة الإلكترونية على الإنترنت.
تحذيرالشباب
حثّ رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الشباب في بلاده على التصويت لصالح بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي خلال الاستفتاء الذي يجري بهذا الشأن في 23 يونيو المقبل، محذراً من أن الشباب سيكون الخاسر الأكبر من الانسحاب من التكتل.
ومع انقسام الرأي العام تقريباً بشأن التصويت، من المتوقع أن يلعب الناخبون الشبان دوراً مهماً في حسم نتيجة الاستفتاء إذ تظهر استطلاعات الرأي أنهم يؤيدون بشكل عام البقاء في الاتحاد لكنهم عادة أقل ميلاً للذهاب لمراكز الاقتراع.
وتحدث كاميرون الذي يريد بقاء بريطانيا عضواً في الاتحاد، بمناسبة إطلاق حملة تستهدف الناخبين الشباب على وجه الخصوص.
ووفقاً لمقتطفات من خطابه، قال كاميرون: «اذهبوا إلى هناك. سجلوا أسماءكم. صوتوا. ابلغوا آباءكم وأجدادكم وأصدقاءكم وزملاءكم: هذا الاستفتاء سيساعد حقاً في تحديد ما إذا كان جيلكم سيكون أقوى وأكثر أمناً وثراءً». وسيعزز كاميرون وجهة نظره بالقول إن فرص توظيف الشباب ستتأثر أكثر من غيرها بالتداعيات الاقتصادية المترتبة على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وترفض الحملة المؤيدة للانسحاب من الاتحاد الأوروبي هذا الرأي، وتقول إن الأموال التي ترسل إلى بروكسل بموجب شروط عضوية بريطانيا تزيد من حجم الدين العام الذي سيسدده الشباب في نهاية المطاف.
استفتاء مصيري
ماذا سيقرر الشعب البريطاني في شهر يونيو المقبل، هل سيبقى في الاتحاد الأوروبي أم يتركه، خلال الاستفتاء الذي سيجري بهذا الخصوص، لتقرير ما إذا كانت بريطانيا ؟ستبقى عضوا في الاتحاد الأوروبي أم لا، في الثالث والعشرين من يونيو المقبل.
ربما يكون للشباب البريطاني دور كبير في هذا الاستفتاء، ويأتي في مقدمة المؤيدين لبقاء بريطانيا عضوا داخل الاتحاد الأوروبي ديفيد كاميرون نفسه، إضافة إلى عدد من أعضاء حكومته، في حين قرر الحزب المحافظ أن يبقى محايدا خلال فعاليات الاستفتاء، أما حزب العمال، فقد عبّر عن رغبته في التصويت لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي. ووفق استطلاعات رأي جرت في وقت سابق، من الواضح أن الشعب البريطاني لا يزال منقسما على نفسه.
وفي ضربة لديفيد كاميرون وفريق المؤيدين، أوضح استفتاء جرى على شبكة الإنترنت - شكّل الشباب فيه نسبة كبيرة- أن نسبة الرافضين للبقاء وصلت إلى 43 %، مقابل 39% يؤيدون البقاء، بفارق بلغ 4%، في حين لم يقرر 18% من المشاركين، وامتنع 1% عن إبداء رأيهم.
ويرى من يرغب في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أن بلاده لا تستفيد من عضويتها في الاتحاد، وإنما تعطلت كثيرا بوجودها داخله، فهناك العديد من القوانين التي تقيد بريطانيا، هذا إضافة إلى بلايين الجنيهات التي تتكبدها البلاد رسوم عضوية في الاتحاد في مقابل عائد لا يذكر. كما يريدون أن تستعيد بريطانيا سيطرتها الكاملة على حدودها لمنع أو تقليل عدد القادمين إلى البلاد بحثا عن عمل نظرا لأن إحدى قواعد الاتحاد الأوروبي هي «حرية الحركة»، والتي تعني أنهم ليسوا في حاجة للحصول على تأشيرة لدخول البلاد. كما يؤكد الرافضون على عدم رغبتهم في رؤية نسخة جديدة من الولايات المتحدة الأمريكية، بمسمى «الولايات المتحدة الأوروبية». وسواء كان الخروج هو الأفضل، أو البقاء، داخل الكيان الأوروبي الكبير، أمرا مفيدا أو مضرا، هذا أمر يعرفه ويقرره البريطانيون وحدهم، وهم أكثر قدرة على إدراك تلك الفائدة أو الضرر، فربما يكون الخروج من الاتحاد الأوروبي مرحلة جديدة من التطور على كافة المستويات، أو نذيرا بخراب كامل... سننتظر لنرى.
تحذيرات
من جانبه قال وزير الخارجية البريطاني السابق، وليام هيج، إن المملكة المتحدة قد تتفكك إذا صوت البريطانيون لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، إذ إن ذلك سيدعم قضية القوميين الأسكتلنديين.
وكتب هيجل في صحيفة ديلي تلجراف «يجب أن نتساءل، رغم عدم رضانا عن الكثير من الأمور، ما إذا كنا بحق نريد إضعافه (الاتحاد الأوروبي)، وفي نفس الوقت زيادة فرص انفصال أسكتلندا عن بريطانيا إذا تركنا الاتحاد الأوروبي».
وأعلن هيج أنه سيؤيد في الاستفتاء، الذي سيجري قبل نهاية العام 2017، بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، رغم تحفظاته الكبيرة إزاء الاتحاد.
وأوضح هيج أنه رغم أوجه القصور الكثيرة في الاتحاد الأوروبي فقد وفر الاستقرار للديمقراطيات الهشة في وسط أوروبا، ولن يكون من مصلحة بريطانيا انهيار الاتحاد، في ظل الاضطرابات في الشرق الأوسط والاقتصاديات العالمية. وتابع أن الأسكتلنديين القوميين، الذين يدعمون بقوة البقاء في الاتحاد الأوروبي، سيستغلون التصويت الذي سيجري بشأن البقاء أو الانسحاب من الاتحاد إذا جاءت النتيجة لصالح الخروج من الكتلة الأوروبية لإجراء استفتاء آخر بشأن استقلالهم عن بريطانيا.