التحديات الإقليمية تعزز التقارب المصري السعودي

الحدث الأحد ١٠/أبريل/٢٠١٦ ٠١:٣٧ ص
التحديات الإقليمية تعزز التقارب المصري السعودي

القاهرة- خالد البحيري
يصف المراقبون والمحللون السياسيون الزيارة التي يقوم بها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى مصر وتختتم أعمالها غدا الإثنين، بأنها زيارة توحيد وتنسيق الرؤى بين الجانبين المصري والسعودي، إزاء القضايا الإقليمية التي تبدي فيها مصر موقفا قد يبدو مغايرا لتوجه السعودية، وبالأخص في التعاطي مع الأزمة في سوريا، والملف الإيراني، وكذلك الحرب في اليمن.

العلاقات الثنائية
وأكد محللون سياسيون سعوديون أن بلادهم تدرك حجم المشاكل التي تعاني منها مصر داخليا، وبالأخص الجانب الاقتصادي، وهو ما يبرر تخوفها من الانخراط في أي عمل عسكري خارج أراضيها، وبالتالي فإن المملكة جاءت لتؤكد أنها لن تتخلى عن مصر، وأنها برغم أزمة تدني أسعار النفط سوف تدعم الاقتصاد المصري، وتحاول إخراجه من عثرته.
وقالوا: إن الحديث عن تراجع في العلاقات المصرية السعودية حديث تنقصه الدقة، فالسعودية حريصة على ألا تخرج مصر من الإجماع العربي، وفي حال الضغط عليها ربما تتحالف مع دول أو بلدان مثل روسيا وإيران، وهو ما لا يريده العرب، وبالتالي لن تتخلى المملكة عن شقيقتها ولن تدعها تسقط، أو تغرد خارج السرب.
وربط الكثير من السعوديين بين مكافحة مصر لتنظيم الدولة في سيناء وبين الفكر المتطرف الذي انتشر بين بعض مواطني المملكة، وهو ما يفرض تنسيق الجهود أمنيا واستخباراتيا من أجل التصدي لهذا الخطر الداهم الذي يقوض جهود التنمية في البلدين، ويؤدي إلى إراقة المزيد من الدماء البريئة.
على الجانب المصري، احتفى المفكرون والكتاب بالزيارة ووصفوها بالتاريخية، وأنها جاءت في التوقيت المناسب لتقوية الصف العربي، وزيادة اللُحمة بين البلدين، وأنها تعبر عن تقدير المملكة وقائدها للجهود التي تبذلها مصر على الصعيدين الداخلي والخارجي.
واختفت تلك الأصوات التي كانت تنتقد المملكة عن المشهد في ظل حالة احتفائية غير عادية بدأت بتزيين شوارع القاهرة بأعلام المملكة العربية السعودية، وإذاعة الأغنيات الوطنية السعودية في وسائل الإعلام المصرية، بل وإعادة إخراج بعض الأغاني من جديد لتتواكب مع زيادة الملك سلمان.
وأفردت وسائل الإعلام الحكومية والخاصة بالقاهرة مساحات واسعة لتحرك الملك السعودي والوفد المرافق له، مع التأكيد على الوحدة والتضامن والتآخي بين الشعبين في كل لقطة من لقطات البرامج.
ووصل الأمر إلى حد نشر صورة للملك سلمان وهو بالزي العسكري وهو متطوعا في المقاومة الشعبية المصرية ضد العدوان الثلاثي سنة 1956 وإلى جواره الملك الراحل فهد بن عبد العزيز والأمير تركي بن عبد العزيز، وتحدثت صحف ومواقع إلكترونية عن وقوف الملك سلمان مع مصر منذ ريعان شبابه، وحتى الآن.

مواجهة التحديات
وفي اتصال هاتفي مع "الشبيبة" أوضح الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن الزيارة تاريخية بكل المقاييس ولها أهمية استراتيجية، في ظل التحديات والمخاطر التي تواجه الأمة العربية كما أن التشابه في التوجهات السياسية والثقافية يؤدي إلى التقارب تجاه العديد من المشكلات والقضايا الدولية والعربية والإسلامية.
وقال: لن نأتي اليوم لنتحدث عن عمق ومتانة العلاقات بين البلدين، فالتاريخ وحده هو الكفيل بالرد على الادعاءات والأكاذيب التي يروجها البعض بين الحين والآخر، من تباين العلاقات أو اختلاف الرؤى، فالمملكة على مر التاريخ لعبت دورا مهما وداعما لمصر في أزماتها المختلفة أثناء العدوان الثلاثي عام 1956 وقفت المملكة بكل ثقلها إلى جانب مصر، وقدمت مساعدة مالية بقيمة 100 مليون دولار بعد سحب العرض الأمريكي لبناء السد العالي كما دعمت مصر في حرب أكتوبر عام 1973 حيث لا ينسى أحد دور الملك فيصل بن عبدالعزيز الذي أصدر قراره التاريخي بقطع إمدادات البترول عن دول الغرب رغم أنف من يريدون تفتيت المنطقة لصالح المشروع الصهيوني التوسعي ولصالح تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد.

تعزيز العمل المشترك
واعتبر د. وحيد عبد المجيد نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن الزيارة تقطع ألسنة كل من تخول له نفسه العبث بالأمن القومي والعربي.
وقال: تتلخص أهداف الزيارة في بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وتعزيز العمل المشترك وإزالة الخلاف حول ملف الأزمة السورية وحل الأوضاع السياسية المضطربة في العراق واليمن وليبيا والمساهمة في إنجاح السياسات العربية وتوحيد العمل العربي من حيث الرؤى والسياسات والاتفاق حول موقف (سعودي – مصري) موحّد ومشترك سيكون له فاعلية أكبر سيؤدي إلى تحقيق أهداف السياسة الخارجية لكلا البلدين بشكل أكثر فاعلية نحو هذه القضايا.

مكاسب اقتصادية
ومن جانبه قال السفير جمال بيومي، أمين اتحاد المستثمرين العرب: إن زيارة العاهل السعودي أعادت إحياء مشروع الجسر البري بين البلدين بعد سنوات من إغلاقه خلال على إثر تكليفات رئاسية وردت إلى القائمين على أعمال المجلس التنسيقي المصري- السعودي بإعادة تقييم المخططات الهندسية للجسر وإعداد تقارير عن جدوى المشروع وأهميته الاستراتيجية، وأليات وامكانيات التنفيذ، وتم التشاور في هذا الملف بين الجانبين خاصة في الاجتماعين اللذين حضرهما رئيس هيئة المساحة السعودية، عبد العزيز الصعب خلال شهر مارس الماضي، إلى جانب اجتماعات التشاور بشأن الحدود البحرية بين البلدين.
وأردف: تكتسب الزيارة أهمية خاصة، فمصر تحتاج لمزيد من الاستثمارات شرط أن تتمكن الحكومة المصرية من تهيئة المناخ الاستثماري لاستيعاب أي استثمارات محتملة في الفترة المقبلة.
وأكد أن الزيارة ستدفع الاقتصاد المصري للأمام، من خلال زيادة حجم التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، عبر تدشين قائمة من المشروعات المشتركة في مختلف المجالات، مثل تنمية شبه جزيرة سيناء، وتنفيذ قائمة من المشروعات في مجالات الزراعة وشق الطرق والخدمات والبنية التحتية، وإنشاء مدارس ومستوصفات طبية بجانب تدشين جامعة الملك سلمان جنوب سيناء.
وأشار بيومي إلى أن القائمة تشمل مشاريع صغيرة ومتوسطة يتم تمويلها من المنحة السعودية بمبلغ 200 مليون دولار، والتي سبق أن تم التوقيع على الشريحة الأولى منها بقيمة 250 مليون جنيه، في إطار مبادرة الرئيس لدعم مشاريع الشباب بفائدة ميسرة، فضلا عن مد مصر بالمشتقات البترولية، لمدة 5 سنوات، إضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم لتشجيع الاستثمارات السعودية في مصر، ضمن حزمة الاستثمارات التي أقرها الملك سلمان بقيمة 3 مليارات دولار.
وفي الختام قال خبير التسويق السياحي بدر المنسي إن الزيارة تمثل دفعة قوية لتنشيط السياحة العربية الوافدة إلى مصر، وتعطي رسالة إيجابية للسائح السعودي بصفة خاصة لزيارة البلاد.
يذكر أن أعداد السياح السعوديين الوافدين إلى مصر بلغت نحو 433 ألف سائح في العام 2015، مقابل 370 ألف سائح في 2014. ومن المتوقع أن ترتفع أعداد السائحين الوافدين إلى مصر من السعودية بنسبة 30% بنهاية 2016 مقارنة بالعام الماضي.

*-*

برلماني مصري: استدعاء إيطاليا لسفيرها من القاهرة تصعيد غير مبرر
القاهرة – ش – وكالات
شن النائب البرلماني مصطفى بكري، هجوما حادا على وزارة الخارجية الإيطالية، بعد استدعائها لسفيرها من مصر أمس الأول، بسبب قضية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، مؤكدا أن الأمر هو تصعيد غير مبرر ومزايدة تهدف إلى التآمر على مصر.
وكتب بكري في تغريدة له عبر حسابه الشخصى بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "قرار إيطاليا باستدعاء سفيرها في مصر هو تصعيد غير مبرر ومزايدة بسبب الانتخابات الإيطالية المقبلة".
وأضاف: "لقد قدم الوفد المصري القضائي والأمني معلومات تدحض كافة الادعاءات التي تحمل مصر مسؤولية مقتل ريجيني، إلا أن الفريق الإيطالي كانت لديه وجهة نظر مسبقة تسعى من خلالها الى إلصاق الاتهام بالشرطة المصرية، وهو أمر يحمل في دلالته أهدافا سياسية أكبر من حادث ريجيني".
وتابع: “إن الهدف هو حصار مصر والتآمر على مصر، وهنا أذكر بمقولة الرئيس السيسي أمام البرلمان عندما ذكر إنه لا يزال يشعر بالقلق لأنه إذا كانت مصر قد نجحت في تعطيل المخطط بعد ثورة 30 يونيو فليس معني ذلك أن مصر ستثتثني من المخطط".
واستطرد قائلا: "إعلام مصر يجب أن يكون أداة لفضح المخطط وليس أداة لإثارة البلبلة عند البعض".
جدير بالذكر أن وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتلوني قد أمر باستدعاء السفير ماوريزيو ماساري من القاهرة إلى روما للتشاور، وأضافت أن القرار يأتي "بعد التطورات في تحقيقات قضية ريجيني، وخاصة الاجتماعات التي عقدت، الخميس والجمعة، في روما بين فرق التحقيق المصرية والإيطالية.